تفسير ابن كثير
@@@@@@
( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ) [ق : 30]
يخبر تعالى أنه يقول لجهنم يوم القيامة : هل امتلأت ؟
وذلك أنه وعدها أن سيملؤها من الجنة والناس أجمعين ، فهو سبحانه يأمر بمن يأمر به إليها ، ويلقى وهي تقول : ( هل من مزيد ) أي : هل بقي شيء تزيدوني ؟ هذا هو الظاهر من سياق الآية ، وعليه تدل الأحاديث :
قال البخاري عند تفسير هذه الآية :
حدثنا عبد الله بن أبي الأسود ، حدثنا حرمي بن عمارة حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" يلقى في النار ، وتقول : هل من مزيد ، حتى يضع قدمه فيها ، فتقول قط قط " .
وقال الإمام أحمد :
حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه ، فينزوي بعضها إلى بعض ، وتقول : قط قط ، وعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا آخر فيسكنهم في فضول الجنة " .
ثم رواه مسلم من حديث قتادة ، بنحوه . ورواه أبان العطار وسليمان التيمي ، عن قتادة ، بنحوه .
حديث آخر :
قال البخاري : حدثنا محمد بن موسى القطان ، حدثنا أبو سفيان الحميري سعيد بن يحيى بن مهدي ، حدثنا عوف ، عن محمد عن أبي هريرة - رفعه ، وأكثر ما كان يوقفه أبو سفيان - :
" يقال لجهنم : هل امتلأت ، وتقول : هل من مزيد ، فيضع الرب عز وجل قدمه عليها ، فتقول : قط قط " .
رواه أيوب وهشام بن حسان عن محمد بن سيرين ، به .
طريق أخرى : قال البخاري :
وحدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
" تحاجت الجنة والنار ، فقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين .
وقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم .
قال الله عز وجل للجنة : أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي .
وقال للنار : إنما أنت عذابي ، أعذب بك من أشاء من عبادي ، ولكل واحدة منكما ملؤها ، فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله ، فتقول : قط قط ، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحدا ، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقا آخر " .
حديث آخر :
قال مسلم في صحيحه :
حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" احتجت الجنة والنار ، فقالت النار : في الجبارون والمتكبرون .
وقالت الجنة : في ضعفاء الناس ومساكينهم .
فقضى بينهما ، فقال للجنة : إنما أنت رحمتي ، أرحم بك من أشاء من عبادي .
وقال للنار : إنما أنت عذابي ، أعذب بك من أشاء من عبادي ، ولكل واحدة منكما ملؤها "
انفرد به مسلم دون البخاري من هذا الوجه . والله سبحانه وتعالى أعلم .
وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى ، عن أبي سعيد بأبسط من هذا السياق فقال :
حدثنا حسن وروح قالا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن أبي سعيد الخدري ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" افتخرت الجنة والنار ، فقالت النار : يا رب يدخلني الجبابرة والمتكبرون والملوك والأشراف .
وقالت الجنة : أي رب يدخلني الضعفاء والفقراء والمساكين .
فيقول الله عز وجل ، للنار : أنت عذابي أصيب بك من أشاء .
وقال للجنة : أنت رحمتي وسعت كل شيء ، ولكل واحدة منكما ملؤها ، فيلقى في النار أهلها فتقول : هل من مزيد ؟
قال : ويلقى فيها وتقول : هل من مزيد ؟
ويلقى فيها وتقول : هل من مزيد ؟
حتى يأتيها عز وجل ، فيضع قدمه عليها ، فتزوى وتقول : قدني ، قدني .
وأما الجنة فيبقى فيها ما شاء الله أن يبقى ، فينشئ الله لها خلقا ما يشاء " .
حديث آخر :
وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده :
حدثنا عقبة بن مكرم ، حدثنا يونس ، حدثنا عبد الغفار بن القاسم ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" يعرفني الله عز وجل ، نفسه يوم القيامة ، فأسجد سجدة يرضى بها عني ، ثم أمدحه مدحة يرضى بها عني ، ثم يؤذن لي في الكلام ، ثم تمر أمتي على الصراط - مضروب بين ظهراني جهنم - فيمرون أسرع من الطرف والسهم ، وأسرع من أجود الخيل ، حتى يخرج الرجل منها يحبو ، وهي الأعمال . وجهنم تسأل المزيد ، حتى يضع فيها قدمه ، فينزوي بعضها إلى بعض وتقول : قط قط ! وأنا على الحوض " .
قيل : وما الحوض يا رسول الله ؟
قال : " والذي نفسي بيده ، إن شرابه أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأبرد من الثلج ، وأطيب ريحا من المسك . وآنيته أكثر من عدد النجوم ، لا يشرب منه إنسان فيظمأ أبدا ، ولا يصرف فيروى أبدا " .
وهذا القول هو اختيار ابن جرير .
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو يحيى الحماني عن نضر الخزاز ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، ( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد )
قال : ما امتلأت ، قال : تقول : وهل في من مكان يزاد في .
وكذا روى الحكم بن أبان عن عكرمة : ( وتقول هل من مزيد ) : وهل في مدخل واحد ، قد امتلأت .
[ و ] قال الوليد بن مسلم ، عن يزيد بن أبي مريم أنه سمع مجاهدا يقول :
لا يزال يقذف فيها حتى تقول : قد امتلأت فتقول : هل [ في ] من مزيد ؟
وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحو هذا .
فعند هؤلاء أن قوله تعالى : ( هل امتلأت ) ، إنما هو بعد ما يضع عليها قدمه ، فتنزوي وتقول حينئذ : هل بقي في [ من ] مزيد ؟ يسع شيئا .
قال العوفي ، عن ابن عباس : وذلك حين لا يبقى فيها موضع [ يسع ] إبرة . فالله أعلم .
@@@@@@
( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ) [ق : 30]
يخبر تعالى أنه يقول لجهنم يوم القيامة : هل امتلأت ؟
وذلك أنه وعدها أن سيملؤها من الجنة والناس أجمعين ، فهو سبحانه يأمر بمن يأمر به إليها ، ويلقى وهي تقول : ( هل من مزيد ) أي : هل بقي شيء تزيدوني ؟ هذا هو الظاهر من سياق الآية ، وعليه تدل الأحاديث :
قال البخاري عند تفسير هذه الآية :
حدثنا عبد الله بن أبي الأسود ، حدثنا حرمي بن عمارة حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" يلقى في النار ، وتقول : هل من مزيد ، حتى يضع قدمه فيها ، فتقول قط قط " .
وقال الإمام أحمد :
حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه ، فينزوي بعضها إلى بعض ، وتقول : قط قط ، وعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا آخر فيسكنهم في فضول الجنة " .
ثم رواه مسلم من حديث قتادة ، بنحوه . ورواه أبان العطار وسليمان التيمي ، عن قتادة ، بنحوه .
حديث آخر :
قال البخاري : حدثنا محمد بن موسى القطان ، حدثنا أبو سفيان الحميري سعيد بن يحيى بن مهدي ، حدثنا عوف ، عن محمد عن أبي هريرة - رفعه ، وأكثر ما كان يوقفه أبو سفيان - :
" يقال لجهنم : هل امتلأت ، وتقول : هل من مزيد ، فيضع الرب عز وجل قدمه عليها ، فتقول : قط قط " .
رواه أيوب وهشام بن حسان عن محمد بن سيرين ، به .
طريق أخرى : قال البخاري :
وحدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
" تحاجت الجنة والنار ، فقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين .
وقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم .
قال الله عز وجل للجنة : أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي .
وقال للنار : إنما أنت عذابي ، أعذب بك من أشاء من عبادي ، ولكل واحدة منكما ملؤها ، فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله ، فتقول : قط قط ، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحدا ، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقا آخر " .
حديث آخر :
قال مسلم في صحيحه :
حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" احتجت الجنة والنار ، فقالت النار : في الجبارون والمتكبرون .
وقالت الجنة : في ضعفاء الناس ومساكينهم .
فقضى بينهما ، فقال للجنة : إنما أنت رحمتي ، أرحم بك من أشاء من عبادي .
وقال للنار : إنما أنت عذابي ، أعذب بك من أشاء من عبادي ، ولكل واحدة منكما ملؤها "
انفرد به مسلم دون البخاري من هذا الوجه . والله سبحانه وتعالى أعلم .
وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى ، عن أبي سعيد بأبسط من هذا السياق فقال :
حدثنا حسن وروح قالا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن أبي سعيد الخدري ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" افتخرت الجنة والنار ، فقالت النار : يا رب يدخلني الجبابرة والمتكبرون والملوك والأشراف .
وقالت الجنة : أي رب يدخلني الضعفاء والفقراء والمساكين .
فيقول الله عز وجل ، للنار : أنت عذابي أصيب بك من أشاء .
وقال للجنة : أنت رحمتي وسعت كل شيء ، ولكل واحدة منكما ملؤها ، فيلقى في النار أهلها فتقول : هل من مزيد ؟
قال : ويلقى فيها وتقول : هل من مزيد ؟
ويلقى فيها وتقول : هل من مزيد ؟
حتى يأتيها عز وجل ، فيضع قدمه عليها ، فتزوى وتقول : قدني ، قدني .
وأما الجنة فيبقى فيها ما شاء الله أن يبقى ، فينشئ الله لها خلقا ما يشاء " .
حديث آخر :
وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده :
حدثنا عقبة بن مكرم ، حدثنا يونس ، حدثنا عبد الغفار بن القاسم ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" يعرفني الله عز وجل ، نفسه يوم القيامة ، فأسجد سجدة يرضى بها عني ، ثم أمدحه مدحة يرضى بها عني ، ثم يؤذن لي في الكلام ، ثم تمر أمتي على الصراط - مضروب بين ظهراني جهنم - فيمرون أسرع من الطرف والسهم ، وأسرع من أجود الخيل ، حتى يخرج الرجل منها يحبو ، وهي الأعمال . وجهنم تسأل المزيد ، حتى يضع فيها قدمه ، فينزوي بعضها إلى بعض وتقول : قط قط ! وأنا على الحوض " .
قيل : وما الحوض يا رسول الله ؟
قال : " والذي نفسي بيده ، إن شرابه أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأبرد من الثلج ، وأطيب ريحا من المسك . وآنيته أكثر من عدد النجوم ، لا يشرب منه إنسان فيظمأ أبدا ، ولا يصرف فيروى أبدا " .
وهذا القول هو اختيار ابن جرير .
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو يحيى الحماني عن نضر الخزاز ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، ( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد )
قال : ما امتلأت ، قال : تقول : وهل في من مكان يزاد في .
وكذا روى الحكم بن أبان عن عكرمة : ( وتقول هل من مزيد ) : وهل في مدخل واحد ، قد امتلأت .
[ و ] قال الوليد بن مسلم ، عن يزيد بن أبي مريم أنه سمع مجاهدا يقول :
لا يزال يقذف فيها حتى تقول : قد امتلأت فتقول : هل [ في ] من مزيد ؟
وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحو هذا .
فعند هؤلاء أن قوله تعالى : ( هل امتلأت ) ، إنما هو بعد ما يضع عليها قدمه ، فتنزوي وتقول حينئذ : هل بقي في [ من ] مزيد ؟ يسع شيئا .
قال العوفي ، عن ابن عباس : وذلك حين لا يبقى فيها موضع [ يسع ] إبرة . فالله أعلم .