ليست المسألة زواجًا عن حب أو زواجًا تقليديًا…
المسألة أعمق من ذلك: هل هذا الزواج يُشبهك؟
هل يعكس مبادئك، قناعاتك، طريقتك في الحُب والبناء؟
إن كنت تريد زواجًا تقليديًا، فعليك أن تكون رجلاً تقليديًا فعلاً.
أن تؤمن بالتراتبية، بالأدوار الواضحة، بالصبر، وبالبنية الاجتماعية التي تحفظ البيت مهما اهتزّت العواطف.
أما أن تأتي بذهنية حديثة، وتطلب زواجًا بطقوس تقليدية فقط لأن "هذا هو الطريق الصحيح"، فأنت على الأرجح لا تدري ما تطلب.
لأنك حتى لو احترمت المراسم: اللقاء الأول عند أهل الفتاة، الجلسة الرسمية، البروتوكول، تبادل الاحترام، النية الطيبة…
فما إن ينتهي الشكل، حتى يظهر الجوهر. والطبع يغلب التطبّع، وحليمة تعود إلى عادتها القديمة.
وفي المقابل، قد تبدأ العلاقة من لحظة عفوية، من نظرة، من تعارف بسيط…
ربما في متجر للعطور، حيث العين تسبق الكلمة. (
@حاتم خليفة ، الهدرة عليك آ الحاذر عينيك هههه)
شرارة بسيطة قد تتحوّل إلى مشروع حياة.
فلا الترتيب ضمان، ولا العفوية خطر.
المسألة، في جوهرها، هي: هل نعرف كيف نُحب؟ وهل نعرف كيف نستمر حين يخفت ذلك الحب؟
فالحب، في بداياته، يحرّكك لتتنازل، لتتكيّف، لتتماهى…لكنه ليس دائمًا بنفس الوهج.
إنه موجة: يرتفع، يهدأ، يتراجع… وأحيانًا يختفي.
وعندما تضعف القاطرة الأولى، نحتاج إلى محرّكات بديلة: القيم، المبادئ، العِشرة، المشاريع، وربما الأبناء.
العلاقة التي تنضج فعلاً، هي تلك التي تعرف كيف تغيّر المحرك دون أن تتوقف على الهامش.
وقد تقول: "لكن علاقة بدون حب؟ مؤسفة". نعم… لكنها أقل أسفًا من بيتٍ ينهار حين يزول السحر،
حين تتبخّر المشاعر، وتبقى الخلافات مكشوفة تحت ضوء الواقع. على الأقل تبقى العِشرة، والاحترام، وبعض الرحمة والمودّة.
كما قال عمر بن الخطاب لرجل جاءه يشتكي أنه لم يعد يحب زوجته: "ويحك! وهل كل البيوت أُقيمت على الحب؟"
لهذا، لا ينبغي أن نقيس العلاقة فقط بالمشاعر، بل بطباع الشخص، وبقدرته على إدارة الخلاف، وتحمل المسؤولية. وكما قال بروست: "في الحب، من الأسهل أن نتخلى عن الشعور… من أن نتخلى عن العادة."
والآن، نختم بشيء ينبغي على كل رجل أن يعقله جيدًا: الرجل الحقيقي لا يبحث عن امرأة مثالية، بل عن امرأة تحمل مقوّمات قابلة للنمو… وهو، بطاقة رجولية صادقة، وبنضج حقيقي، يعرف كيف يُخرج تلك المقوّمات إلى الوجود. بالاستقرار، والاحترام، وبأنوثة تشعر بالأمان بقربه… فتزهر. لأن كثيرًا من النساء لا يعلمن إلى أي مدى يمكن أن يصلن…حتى يُقابلن رجلًا يحمل طاقة تُحيي فيهن ما كان نائمًا. وحينها، تكتشف نفسها من جديد.
والمرأة التي تحبّك حقًا، ليست تلك التي كانت تنظر إليك من بعيد،
بل تلك التي أزهرت بساتين الحُبّ في قلبها… من تجلّيات رجولتك.