لم تنقطع الأصوات طوال الليل... وعندما كنت أعلن أننا لن نعود للجبال مرة أخرى، كنا نسمع ضحكات شامتة تنطلق من الظلام... إنه عالم الظلام... عالم الجن... ما الذي أحضرنا إلى هذا المكان؟؟؟ كرهت الصيد وكرهت المغامرات... لم أعد أفكر في شيء... ولا أريد شيئاً سوى العودة إلى منزلي... قلت لنفسي: عندما أعود سوف أكتب هذه القصة للأيام والذكرى مع الرعب... ولم أكن أدري أنها البداية فقط مع الرعب... لم أكن أدري أن رعباً آخر سوف ينتظرني في مزرعة شبه مهجورة... ولكن تلك حكاية أخرى سأحكيها لاحقاً.
مرت اللحظات بطيئةً مرعبة... الساعة بلغت الرابعة صباحاً... ساعة واحدة تفصلنا على إشراق الشمس... ساعة واحدة تفصلنا على الحرية... الحرية من هذا السجن الكبير الذي يقع في جبال أكاكوس... أصوات الغربان تتعالى... أصوات غاضبة كأن هناك سوء تفاهم بينها... يا ألله، أيكون هناك شيء بخصوصنا؟؟ ماذا لو أن هناك من لا يريد خروجنا من هذا الكهف؟؟ لا بد أن تكون هناك مشكلة بخصوص ذلك... وإلا ما الذي نسمعه؟؟
لقد تعالت صرخات الغربان واقتربت أصواتها، وحالتنا يرثى لها... كنا نلتصق بجدار الكهف وننكمش مع بعض، وفجأة توقفت أصوات الغربان، ليسود الهدوء الكهف، ويغرق في ذلك الصمت الرهيب الذي هو أشد رهبةً ورعباً من سماعنا لأصوات الغربان، نصف ساعة فقط وتبدأ الخطوط الأولى للأشعة الذهبية في التسلل، ورغم أنها نصف ساعة فقط إلا أننا كنا نحسها دهراً كاملاً... قلت لهما:
- هيا لنقترب من مدخل الكهف، وعندما تشرق الشمس نخرج من الكهف. حتى إشراق الشمس لم يعد يعني لنا الأمان بعد الذي حدث مع عادل، ولكن كانت خطتي أن نركب سيارتينا وننطلق ونفر من ذلك الجبل الموحش، اقتربنا من مدخل الكهف الذي بدا واضحاً... لكون عيوننا قد تعودت على الظلام، كذلك لأن ضوء الشمس بدأ يتسلل، وهذا ما أشعرنا بالأمان وبث في نفوسنا بعض الطمأنينة... وأخيراً خرجنا من الكهف ثلاثتنا وابتعدنا عنه في خطوات مسرعة... وكأننا نفر من رعب يطاردنا، وبعد حولي ثلاثين متراً من الكهف... التفتت إليه لألقي نظرة أخيرة على كهف الرعب... ولكم أن تتوقعوا من الذي شاهدته واقفاً على باب الكهف؟؟؟
- هيا لنقترب من مدخل الكهف، وعندما تشرق الشمس نخرج من الكهف. حتى إشراق الشمس لم يعد يعني لنا الأمان بعد الذي حدث مع عادل، ولكن كانت خطتي أن نركب سيارتينا وننطلق ونفر من ذلك الجبل الموحش، اقتربنا من مدخل الكهف الذي بدا واضحاً... لكون عيوننا قد تعودت على الظلام، كذلك لأن ضوء الشمس بدأ يتسلل، وهذا ما أشعرنا بالأمان وبث في نفوسنا بعض الطمأنينة... وأخيراً خرجنا من الكهف ثلاثتنا وابتعدنا عنه في خطوات مسرعة... وكأننا نفر من رعب يطاردنا، وبعد حولي ثلاثين متراً من الكهف... التفتت إليه لألقي نظرة أخيرة على كهف الرعب... ولكم أن تتوقعوا من الذي شاهدته واقفاً على باب الكهف؟؟؟
لقد كان هناك شخص واقفاً ولوح لي بيده... شخص لم تكن ملامحه واضحة، ولكن... بدا كأنه وحيد... ولم أجد إلا أن أرفع يدي لألوح له بكل رعب الدنيا... هل تتصورون؟؟ أرفع يدي لألوح لعفريت... الخوف دفعني إلى ذلك... قال هاني في نوع من الدعابة أنه قد نسي كاميرا في الكهف... ولكن حتى لو نسينا مليون دينار في الكهف فلن نعود لاستعادتها، توجهنا نحو سيارتينا وبسرعة كبيرة أدرنا محركات السيارات وانطلقنا... انطلقنا ولم نلتفت إلى الخلف... كنت أقود إحدى السيارتين وبجنبي كان عادل وهاني يقود السيارة الأخرى... انطلقنا... ابتعدنا... وابتعدنا... طوال ساعتين من القيادة الصعبة في تلك الدروب الملتوية لم نتوقف، ولم نتكلم، هدفنا كان أن نبتعد... وأخيراً خرجنا من منطقة الجبال وزدنا من سرعتنا، ولم نتوقف إلا بعد أن بدأت الجبال تلوح بعيدة... عند ذلك توقفنا لنستريح فقد أعيانا التعب.
الجبال كانت تلوح شامخةً من بعيد بمنظرها الرهيب... لا لن أدخل إلى منطقة الجبال مرةً أخرى مهما كانت الأسباب... تم إعداد وجبة فطور دسمة، فقد عادت النفوس المرحة والفرحة وابتعدنا عن الرعب... بعد أن تناولنا الإفطار والشاي... انطلقنا مرةً أخرى رغم التعب والنعاس، إلا أننا كنا نريد أن نبتعد عن هذه الجبال ولم نتوقف إلا في منتصف النهار، فقد تم تزويد السيارتين بآخر كمية من الوقود كنا نحملها معنا، وتناولنا غداءنا على عجل وانطلقنا مرة أخرى، لم نكن نريد أن نبيت ليلةً أخرى في الخلاء، فقد كنا نريد أن نصل إلى أقرب مدينة لنقضي فيها ليلتنا... وأخيراً وصلنا إلى قرية صغيرة، وجدنا بها فندقاً صغيراً، استأجرنا به غرفتين وأخلدنا للنوم.
كان التعب والإرهاق وعدم الشعور بالأمان قد حرمنا من النوم الهنيء، لم أكن أدري كم الساعة؟ ولا أين أنا موجود؟ عندما خيل لي أني سمعت رفرفة أجنحة... فتحت عيني ونظرت إلى الساعة التي كانت حوالي الواحدة ليلاً... يا إلهي، هل استغرقت في النوم كل هذه الفترة؟؟ حوالي تسع ساعات من النوم... أبصرت نافذة الغرفة مفتوحةً رغم أني متأكد أنها كانت مقفلة، دخلت الحمام لأخذ غسل سريعDouche ، وعند خروجي كانت هناك مفاجأة لم أنتبه لها في المرة الأولى عندما استيقظت... كانت الكاميرا الخاصة بهاني موضوعة على الطاولة الصغيرة بالغرفة، كانت مفاجأة بحق!! من الذي أحضر الكاميرا؟؟ خرجت مسرعاً وبيدي الكاميرا، ودخلت إلى الحجرة الثانية حيث عادل وهاني، لأجدهما قد استيقظا... وعندما شاهدا الكاميرا في يدي... غرقا في الضحك... فقد كان ذلك أحد مقالب هاني الذي أدعى أنه نسي الكاميرا، وتسلل إلى غرفتي وفتح النافذة ووضع الكاميرا على الطاولة... وبقية ما حدث كان نتيجة خيالي... ضحكت معهما، حتى في أسوأ الظروف كان هاني يفكر في المقالب. نزلنا إلى مطعم الفندق لنتناول العشاء، وبعد ذلك قضينا ليلتنا في الفندق، لننطلق في الصباح إلى ديارنا، وكل واحد منا يحمل قصةً... لها أحداث ألف ليلة وليلة، ولكن لن نجرأ أن نحدث أحداً بها... سوى أناس مقربين يعرفوننا ويثقون بنا وإلا... سوف نتهم بالكذب...
وهكذا... كانت هذه الأحداث بداية للرعب، الرعب الذي يسكن داخل كل واحد منا، ما يحجبه فقط هو أننا نكون في معظم الأوقات في أماكن التجمعات السكنية، ولو صادفنا الخلاء والسكون والعتمة والوحدانية...لخرج هذا الرعب من داخلنا ليرتسم على وجوهنا و و و
المهم... وكما ذكرت سابقاً، فقد حدثت معي قصة المزرعة المهجورة التي يقطنها الرعب... وإلى حين أن أحكي لكم ذلك- هذا إذا لم يكن لديكم مانع طبعاً – أرجو أن تكونوا قد استمتعتم بقصة جبال أكاكوس، وأن لا أكون قد ثقلت عليكم، وأترككم في رعاية الله وحفظه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المهم... وكما ذكرت سابقاً، فقد حدثت معي قصة المزرعة المهجورة التي يقطنها الرعب... وإلى حين أن أحكي لكم ذلك- هذا إذا لم يكن لديكم مانع طبعاً – أرجو أن تكونوا قد استمتعتم بقصة جبال أكاكوس، وأن لا أكون قد ثقلت عليكم، وأترككم في رعاية الله وحفظه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته