- إنضم
- 13 أفريل 2013
- المشاركات
- 14,618
- نقاط التفاعل
- 54,537
- النقاط
- 1,756
- العمر
- 31
- محل الإقامة
- قسنطينة
- الجنس
- أنثى
السلام عليكم أهل اللمة الكرام عامة ومحبي القصص والروايات خاصة
أضع اليوم بين أيديكم الجزء الثاني من قصة "بعد منتصف الليل"
فقط للتذكير نوع هذه القصة هو غموض وخيال ورعب
ولمن اِلتحق بنا الآن يمكنكم من هنا قراءة الجزء الأول
بعدَ مُنتصفِ اللّيل {الجُزء الأول}
{بعدَ مُنتصفِ الليل}
"الجزء الثاني"
تصادمت الأسئلة برأسي ولم أجد لها جواب "أين أنا؟ .. ومن هؤلاء؟ .. وما قصة هذا التاريخ يا ترى؟"، وبينما أنا شاردة أصارع الأفكار بداخلي وأمسك رأسي بكلتا يديّ ربما أستطيع اِقتلاع هذا الكابوس المخيف من عقلي فجأة فُتح الباب الخارجي وأُغلق بعدها بثواني قليلة مما ينبئ بقدوم أحدهم، ذهبت الصغيرة راكضة وهي تقفز وتنادي "عاد أبي .. عاد أبي" أنزلت يديّ بهدوء وبقيتُ أراقب الباب الذي يؤدي للرواق الخارجي وكأنّني أتذكّر شيئا .. نعم .. أتذكّر عودة والدِي من العمل مساءا وأرى صورته تزيّنها اِبتسامته الحنونة وهو يدخل من ذلك الباب حاملًا معه كيس الخضروات في يده اليمنى وكيس الفواكه في يده اليسرى ثم يضعهما على طاولة المطبخ؛ فأقترب أنا وأختاي ونبدأ بالبحث وسط الأكياس عن مفاجأة لذيذة تختبئ بداخلها وبعدما يخيب ظننا وُنبدي اِستياءنا يطلق والدِي ضحكات رنانة كأنها موسيقى عذبة ثم يُخرج من داخل سترته علبة شوكولا لذيذة فنقفز فرحا عند رؤيتها؛ "حقا كنت أمتلكُ نعمة أُحسد عليها" اِبتسمت للحظة وقد أزهرت في رأسي ذكرى جميلة اِستطاعت أن تحوّل هذا الكابوس للحظات لضباب متناثر، وفجأة اختفت صورة والدِي وظهر خلفها رجل آخر أكثر شبابا منه يقف عند الباب لتختفي معه ابتسامتي ويتدخّل الحزن ليمسح أي أثر للسعادة ويسمح لذلك الضباب بالتجمع من جديد، حدّقت جيّدا بالرجل الواقف هناك؛ كان يرتدي ملابس أنيقة وكأنه في حفلة زفاف ويضع نظارات طبية أما خصلات شعره السوداء فاتخذت طريقها للخلف وهو ما أسميه بتسريحة المثقفين، كان يحتضن اِبنته بيده اليسرى أما بيده اليمنى كان يحمل علبة مربعة الشكل تبدو وكأنها علبة حلوى أو ربما كعكة، اقترب الأب من طاولة المطبخ ووضع عليها العلبة بهدوء وهو يقول مبتسما "ها هي كعكة أميرتي الجميلة" ثم فتحها والصغيرة ملتصقة بطرف الطاولة تنتظر بفارغ الصبر رؤية كعكتها، "اممم تبدو لذيذة" أبدت الأم اعجابها وهي تلقي نظرة عليها، "أريد قطعة .. أريد قطعة" استجاب الأب لطلب صغيرته وسحب بإصبعه القليل من الكْرِيمة البيضاء ووضعها داخل فمها "أظن أن هذا كافٍ بالنسبة لكِ .. فلا يجب أن نفسد الكعكة حتى تكون جاهزة في الليل للاحتفال بها" وافقت الصغيرة على ذلك وابتسمت وبقايا الكْرِيمة عالقة بوجهها مما دفع بوالديها للضحك طويلا، اقتربتُ قليلا من الكعكة الموضوعة على الطاولة وألقيت عليها نظرة عن قرب "إنها حقا رائعة" صحيح أن تزيينها بسيط وتقليدي مقارنة بتزيين هذه الأيام ولكنها رائعة؛ وُضعت على يمينها شرائح الفراولة بشكل متتابع كأنها مروحة أما على الجانب الأيسر تتابعت شرائح التفاح بشكل دائري لتشكل وردة أما قطع الشوكولاتة فغرست داخل الكعكة على شكل سجائر أما وسط الكعكة كُتب "عيد ميلاد سعيد أمل .. أمل؟ !" تفاجأتُ قليلا بعد قراءة الاسم وقربت أصابعي منه أريد لمسه ولكن يدِي تداخلت مع الكعكة دون أن تحدث فيها ضررا وكأنني شبح أو مصنوعة من الهواء حاولت تحريكها يمينا ويسارًا دون جدوى ثم رفعت يديّ إلى وجهي أتأملهما في حزن وأنا شاردة أفكر فيما يحدث معي لتظهر صورة مخيفة على وجه الكعكة مشوهة .. مرعبة .. وكأنه وجه معفّن غارق في الدّم تميّزه عينانِ جاحظتان وضحكات مقززة، قفزت من مكاني وتراجعت للوراء قليلا وأنفاسي ودقات قلبي تتسارع وكأن كلّا منهما تسابق الأخرى أيهما تخرج من جسدي أولا، أغلقت عينيّ وأعدت فتحهما مراتٍ متتالية لأجد الصورة المخيفة اختفت؛ تجمعت حبات العرق على جبيني وابتلعت ريقي بصعوبة وكأنه حجر عالق بحلقي وسرت رجفة خفيفة في جسدي، اختفى فجأة نور المطبخ وكأن الليل حلّ ليضيف رعبًا فوق رعبي وأصبحتُ غارقة في الظلام أبحث عن نور ضئيل أستدل به على الطريق وفي نفس الوقت دقات قلبي تضربُ بقوّة كأنها تنوي تحطيم قفصي الصدري فكثيرا ما تتردد تلك الصورة المرعبة التي رأيتها قبل قليل في مخيلتي وعند ربطها بالظلام يزداد الوضع رعبا، ووسط ذلك الظلام سمعتُ صوت الغناء مجدّدا ولحد الآن لا أستطيع تمييز كلماته، بقيت كالمجنونة ألتفتُ يمينا وشمالا أضرب الهواء وأصرخ "ابتعدي .. لا تقتربي" ولكن الصوت كان يقترب أكثر تتخلله بعض الضحكات الخافتة؛ يقترب ويقترب حتى أحسست كأن بيني وبين صاحبه ذرة واحدة؛ توقف صوت الغناء وكادت تتوقف معه دقات قلبي فأنا أعلم أنها هنا بل تكاد تلمسني فأنا اشعر بأنفاسها؛ بدأت أسناني تصطك ببعضها وفجأة أحسست بشيء يداعبُ شعري فصرخت عاليا وأنا أضرب شعري بجنون وأبكي، نور خافت أضاء الغرفة كأنه نور شمعة لأجد نفس الفتاة المخيفة تقف أمامي وتبعد عني ببضع خطوات وهي تنظر للأرض وتحمل بيدها شمعة وترسل صوتا مخيفا كأنه خوار ثور هائج، تحجرت الدموع في عينيّ ونظرتُ إليها بخوف وأنا أنتظر ما الذي ستفعله فقفزت باتجاهي فجأة وانقضت علي كنمر مفترس وهي تصرخ "لماذا اقتربتِ من كعكتي؟"؛ فصرخت عاليا حتى كادت أحبالي الصوتية تنقطع وأنا أخفي وجهي خلف ذراعيّ.
لم يحدُث شيء وربّما حدث لا أدري فبعد هجوم تلك الصغيرة لم أعد أحس بشيء؛ ها أنا واقعة على الأرض من جديد أدفن وجهي داخل ذراعيّ وجسدي ينتفض بين الحين والآخر من شدّة البكاء، لا أدري أين أنا الآن؟ وما الذي حدث؟ وهل الصغيرة المتوحشة لا تزال هنا؟ كل ما أعلمه هو أنّه لا يمكنني إبعاد ذراعيّ عن وجهي "يبدو أنني لن أغادر هذا الكابوس للأبد"، طق .. طق .. طق .. "صوت غريب !" استمعت كلّ حواسي إليه لبعض الوقت ثم حثنِي فضولي على رؤية مصدر الصوت وألا أبقى مختبئة هكذا حتى تأتيني الضربة القاضية من حيث لا أدري، اِستجبت لفضولي وأبعدتُ ذراعيّ شيئا فشيئا فوجدتُني وسط المطبخ نفسه والمكان خالي من البشر ويبدو أن الليل حلّ فنور المصباح يضيء المكان، "يبدو أن المكان آمن" قمت من مكاني بهدوء ونظرت يمينا فإذا بالصوت يصدر من صنبور المياه وهو يبكي قطرات من الماء، استجمعت شجاعتي وقررت الخروج من هذا المكان قبل أن يتم قتلي؛ ركضت بسرعة وخرجت من المطبخ إلى أن وصلت للباب الرئيسي رفعت يدِي باتجاه المقبض لأفتح الباب لكن يدي اندمجت معه .. لا بل اختفى جزء منها خلف ذلك الباب، استغربت في البداية ثم تذكرت ما حدث مع الكعكة سابقا فخاب أملي في الخروج من هنا ولكن منظر جزء من يدي وهو يختفي خلف الباب جعل فكرة سريعة تنير عقلي "ربما أستطيع تجاوز الباب دون الحاجة لفتح مقبضه" استجمعت قواي مجددا وأغمضت عينيّ ودفعتُ بجسدي كلّه نحو الباب، بعد لحظات فتحتُ عينيّ ببطء لأجد نفسي أقف في نفس المكان ولكن ظهري هو من يقابل الباب وكأني دخلت منه لتوي، لم أفهم شيئا استدرت وأعدت الكرّة فوجدتُ نفسي مجددا في نفس المكان وكأنّني كلّما حاولت الخروج من هذا الباب يعيدني مجددا لنفس النقطة، امتلأت عيناي بالدّمع ثم فاضت به بعدما تغلّب اليأس على قلبي فسقطت أرضا على ركبتيّ أنوح وقد تلاشت قواي وتلاشى معها كل أمل في الخروج من هذا الكابوس المخيف "تبا لهذا البيت المشؤوم .. تبا له"، "تعالي .. اقتربي" توقفت عن البكاء للحظة والدموع لا تزال عالقة بخدي ورفعتُ رأسي جهة الدرج المؤدي للطابق الثاني أو كما كنت أسميه الطابق المهجور، ثم قمت من مكاني بصعوبة وبقيت أتأمله بريبة؛ لست أدري من أين أتى ذلك الصوت ولكن قلبي يخبرني أن لهذا الطابق لغزًا ما، مسحتُ دموعي بسرعة وصعدتُ الدرج بخطوات هادئة وحذرة؛ "لا يبدو مهجورا ومحطما كما وجدناه أنا وأهلي عند قدومنا أول مرة" لقد كان الدرج مزينا بسجادة طويلة وعندما تضع آخر خطوة في هذا الدرج يقابلك رواق طويل ومظلم بعض الشيء حتى يظهر أحيانا أن هذا الرواق ليس له نهاية تماما كجسر وسط الضباب، "يبدو موحشا رغم أنه ليس محطما"، لمحت فجأة الفتاة الصغيرة بفستانها الزهري تقف وسط الرواق وهي تحدق بي جيدا وتبتسم ثم أرسلت ضحكات مرحة وركضت بعيدا لتختفي وسط ظلام الرواق وكأنها شبح، ترددت قليلا ثم تقدّمت خطوتين للأمام فاستطعت تمييز المكان بشكل أوضح؛ هناك أربعة أبواب مغلقة متناثرة على جدران الرواق بعشوائية ، "اقتربي" انتفض جسدي بعد سماع ذلك الهمس مجددا؛ اِبتلعت ريقي بخوف ثم ألقيت نظرة خلفي حيث الدرج ثم أمامي حيث الرواق المخيف وفي النهاية استجمعت قواي وتقدمت أكثر نحو المجهول.
يتبع ...
بقلمي~لؤلؤة قسنطينة~
لا تبخلو عليّ بانتقاداتكم ^^