قصدت اليوم المجتمع التجاري بباب الزوار و تناولت الغذاء هنالك في المطعم ، كانتالأجواء رائعة ، رائعة لحد يفوق الوصف ، كل شيء كان مثاليا ، تلك الموسيقى الهادئة ، و الأضواء الخافتة من حقول الورد ، ولحسن حظي أنه كان جانبي شباب يحتفلون بعيد ميلاد صديقهم ، فكنت أسترق النظر إليهم و قد شدتني الموسيقى ، الكعكة ، ضحكاتهم ، و أكثر من ذلك ردة فعل الشاب على مفاجأة أصدقائه.. .
ضايقتني بشدة نظرات البعض و إن لم تكن هي الأولى غير أنها كانت تضايقني ، ببساطة لأنني كنت ألتزم بارتداء النقاب (لعجار) حتى أنني فكرت كثيرا بعدم ارتدائه أثناء السفر غير أن زوجي كان يرفض الفكرة ،و كان جوابه على الدوام : نحن الرجال نفهم بعضنا و هي نظرة احترام و تقدير .
بعد انتظار طويل الغذاء قلت لزوجي : أود الانصراف .
فسألني : ماذا عن الغذاء ؟
فقلت : أنا متضايقة جدا أود الانصراف و حسب .
أكملنا الغذاء و انصرفنا و بقلبي انقباض شديد ، لعل الذي أقوله غريبا بعض الشيء ولكنه الحقيقة ، كنت أتأمل جموع الفتيات و الشباب ، و ذلك الضحك و تلكم القهقهة ، كنت أتساءل عن ذلك التبرج و ذلك السفور وعن ذلكم الصراخ و المزاح ، فشتان بين من تتضايق لأن جزءا من رقبتها كشف عن حجابها ، و من تتعمد أن تعرض نفسها مقابل لاشيء ، بل مقابل ذنوب و آثام و أوزار تحمل يوم القيامة ، مع احترامي الكامل لهن ، فإن كتبت فكلماتي من قلب محب أشفق على الحال لا أكثر ، و أعلم يقينا أن السافرة و المتبرجة أحيانا تكون أكثر عفة و أخلاقا ولكنه لا مبرر بكل الأحول لنزع الحجاب ، لأنه حكم الله أولا و أخيرا.
كنت أتساءل حينها من ياترى على حق و صواب ؟ أين الحياء ؟ أتراه قد رفع ؟ أين الأنوثة ؟ هل الأنوثة هي الجمال فقط ؟ لا و ألف لا ؟ بل الأنوثة في الحياء قبل الجمال .
أعلم أنه يخيل إليهن أن الحجاب يحد من حريتها من سعادتها ، و أن المحجبة تجهل أمور الزينة و التبرج ، كانت قد استفزتني أحد الفتيات العاملات بالمجمع حين نظرت إلي باستغراب و هي تقلب مشترياتي ثم قالت :
_راكي تشري هاذو لروحك ؟
لم أجبها و تعمدت أن أسكت ، فمن قال لك أخيتي أن المحجبة لا تلبس و لا تتبرج مثلك ، بل الفرق الوحيد هو أنها لو فعلت فببيتها وليس بعرض الشارع.......
أردت الخروج لأنني ببساطة كنت أشعر أن ذلك ليس هو مكاني ،فنفسي ضاقت حد الاختناق و الرغبة في البكاء ،
لحظتها خيل إلي أنني أتيت من عالم آخر ، و أن هذا ليس بعالمي ،
ما يزيد ألمي أن أولائك الأشخاص لا يشعرون بذلك الظلام المحيط بهم ولن يشعروا به إلا عندما يبتعدون عنه .
مرت الأيام ، ألفت السفور و الاختلاط ، و ألفت تلك النظرات التي كانت تلاحقني ، فيها من الاحترام الشيء الكثير ومن الاستغراب الشيء الكثير كذلك ،بالرغم من أنني أصادف الكثير من المتجلببات هنالك ....
و حينها تذكرت قول الرسول صلى الله عليه و سلم:
يأتي على الناس زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر
رفقا رفقا بأولادكم و بناتكم❤
احفظوا دينهم ثم دينهم❤
سلام
آخر تعديل بواسطة المشرف: