فقه التعامل مع غير المسلمين

MARYTA

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
29 مارس 2020
المشاركات
1,517
نقاط التفاعل
2,798
النقاط
76
محل الإقامة
الجزائر
الجنس
أنثى
  • الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،أما بعد......
    فأهلا وسهلا هذا المساق الجديد
    (فقه التعامل مع غير المسلمين).

    هذا هو الإسلام، الدين السماوي الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليُظهِره على الدين كلِّه ولو كَرِه المشركون، وقد تَمكَّن هذا الدين من قلوب الناس بآدابه القيِّمة، وتعاليمه النيِّرة، وكانت تلك الأخلاق السامية التي رسَّختها المبادئ الإسلامية في التعامل مع غير المسلمين من اليهود والنصارى والمشركين والمجوس سببًا بارزًا في التعريف بالإسلام، ووسيلة مهمة في الدعوة إليه.
    دخل الإسلام معظم أنحاء آسيا وإفريقيا عن طريق التجار المسلمين، الذين جذَبوا أنظارَ السكان الأصليين بالأمانة والصدق ومكارم الأخلاق، ونجحوا في دعوتهم إلى الإسلام بالقدوة الحسنة، والتعاملُ الحَسَن مع غير المسلمين هو الذي دفع الكثيرين منهم إلى دراسة الإسلام ومطالعة القرآن، وكان ذلك سببًا في قَبُولهم الإسلام، وانضمامهم إلى صفِّ المسلمين.
    فالعالم اليوم في حاجة إلى الاطلاع على الأخلاق والآداب والحقوق التي دعا إليها الإسلام أتباعَه للتمسُّك بها والحِفاظ عليها نحو غير المسلمين من المواطنين والمعاهَدين.
  • وقد تم تقسيم هذا المساق إلى أربع وحدات رئيسة، ضمن كل وحدة عدد من الدروس.
  • § الوحدة الأولى: مقدمات أساسية حول التعامل مع غير المسلمين، وفيه سبعة دروس.
  • § الوحدة الثانية: معالم في دعوة غير المسلمين، وفيه خمسة دروس.
  • § الوحدة الثالثة: فقهيات التعامل مع غير المسلمين، وفيه خمسة دروس.
  • § الوحدة الرابعة: التعاملات مع غير المسلمين، وفيه أربعة دروس.
وسنكون معكم على مدى أربعة أسابيع بحول الله تعالى.
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك وبك وجزاك خيرا طيبا مباركا فيه
في المتابعة باذن الله
الحمد لله على نعمة الاسلام
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك وبك وجزاك خيرا طيبا مباركا فيه
في المتابعة باذن الله
الحمد لله على نعمة الاسلام

^جزاك الله خيرا
الاخت زخرفة مطر
اسعدني مرورك العطر
ونفعنا الله واياكم
 
امين يارب، واياك وكل المسلمين خير الجزاء
انا شيماء، ماغيكاي تشان
 
يقول الشيخ بن باز رحمه الله

أولًا: الدعوة إلى الله  بأن يدعوه إلى الله ويبين له حقيقة الإسلام، حيث أمكنه ذلك وحيث كانت لديه البصيرة؛ لأن هذا هو أعظم الإحسان، وأهم الإحسان، الذي يهديه المسلم إلى مواطنه وإلى من اجتمع به من اليهود أو النصارى أو غيرهم من المشركين لقول النبي ﷺ: من دل على خير فله مثل أجر فاعله رواه الإمام مسلم في صحيحه، وقوله عليه الصلاة والسلام لعلي  لما بعثه إلى خيبر وأمره أن يدعو إلى الإسلام قال: فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم متفق على صحته.
وقال عليه الصلاة والسلام: من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا رواه مسلم في صحيحه، فدعوته إلى الله وتبليغه الإسلام ونصيحته في ذلك من أهم المهمات ومن أفضل القربات.
ثانياً: لا يجوز أن يظلمه في نفس ولا في مال ولا في عرض، إذا كان ذميًا أو مستأمنًا أو معاهدًا فإنه يؤدي إليه الحق فلا يظلمه في ماله لا بالسرقة ولا بالخيانة ولا بالغش ولا يظلمه في بدنه لا بضرب ولا بغيره؛ لأن كونه معاهدًا أو ذميًّا في البلد أو مستأمنًا يعصمه.
ثالثاً: لا مانع من معاملته في البيع والشراء والتأجير ونحو ذلك، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه اشترى من الكفار عباد الأوثان، واشترى من اليهود وهذه معاملة، وقد توفي عليه الصلاة والسلام، ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام اشتراه لأهله.
رابعًا: في السلام، لا يبدأه بالسلام؛ لقول النبي ﷺ: لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام خرجه مسلم في صحيحه، وقال: إذا سلم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم فالمسلم لا يبدأ الكافر بالسلام، ولكن يرد عليه بقوله: وعليكم لقول النبي عليه الصلاة والسلام: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم متفق على صحته، هذا من الحقوق المتعلقة بين المسلم والكافر، ومن ذلك أيضا حسن الجوار إذا كان جارا تحسن إليه ولا تؤذيه في جواره، وتتصدق عليه إذا كان فقيرا تهدي إليه وتنصح له فيما ينفعه؛ لأن هذا مما يسبب رغبته في الإسلام ودخوله فيه؛ ولأن الجار له حق، قال النبي ﷺ: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه متفق على صحته، وإذا كان الجار كافرا كان له حق الجوار، وإذا كان قريبا وهو كافر صار له حقان: حق الجوار وحق القرابة، ومن المشروع للمسلم أن يتصدق على جاره الكافر وغيره من الكفار غير المحاربين من غير الزكاة. لقول الله تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8] وللحديث الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن أمها وفدت عليها بالمدينة في صلح الحديبية وهي مشركة تريد المساعدة، فاستأذنت أسماء النبي ﷺ في ذلك هل تصلها؟ فقال: صليها ا.هـ.
أما الزكاة: فلا مانع من دفعها للمؤلفة قلوبهم من الكفار، لقوله : إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ الآية [التوبة:60]، أما مشاركة الكفار في احتفالاتهم بأعيادهم فليس للمسلم أن يشاركهم في ذلك
1625166301733.png
 
يقول الشيخ بن باز رحمه الله

أولًا: الدعوة إلى الله  بأن يدعوه إلى الله ويبين له حقيقة الإسلام، حيث أمكنه ذلك وحيث كانت لديه البصيرة؛ لأن هذا هو أعظم الإحسان، وأهم الإحسان، الذي يهديه المسلم إلى مواطنه وإلى من اجتمع به من اليهود أو النصارى أو غيرهم من المشركين لقول النبي ﷺ: من دل على خير فله مثل أجر فاعله رواه الإمام مسلم في صحيحه، وقوله عليه الصلاة والسلام لعلي  لما بعثه إلى خيبر وأمره أن يدعو إلى الإسلام قال: فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم متفق على صحته.
وقال عليه الصلاة والسلام: من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا رواه مسلم في صحيحه، فدعوته إلى الله وتبليغه الإسلام ونصيحته في ذلك من أهم المهمات ومن أفضل القربات.
ثانياً: لا يجوز أن يظلمه في نفس ولا في مال ولا في عرض، إذا كان ذميًا أو مستأمنًا أو معاهدًا فإنه يؤدي إليه الحق فلا يظلمه في ماله لا بالسرقة ولا بالخيانة ولا بالغش ولا يظلمه في بدنه لا بضرب ولا بغيره؛ لأن كونه معاهدًا أو ذميًّا في البلد أو مستأمنًا يعصمه.
ثالثاً: لا مانع من معاملته في البيع والشراء والتأجير ونحو ذلك، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه اشترى من الكفار عباد الأوثان، واشترى من اليهود وهذه معاملة، وقد توفي عليه الصلاة والسلام، ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام اشتراه لأهله.
رابعًا: في السلام، لا يبدأه بالسلام؛ لقول النبي ﷺ: لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام خرجه مسلم في صحيحه، وقال: إذا سلم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم فالمسلم لا يبدأ الكافر بالسلام، ولكن يرد عليه بقوله: وعليكم لقول النبي عليه الصلاة والسلام: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم متفق على صحته، هذا من الحقوق المتعلقة بين المسلم والكافر، ومن ذلك أيضا حسن الجوار إذا كان جارا تحسن إليه ولا تؤذيه في جواره، وتتصدق عليه إذا كان فقيرا تهدي إليه وتنصح له فيما ينفعه؛ لأن هذا مما يسبب رغبته في الإسلام ودخوله فيه؛ ولأن الجار له حق، قال النبي ﷺ: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه متفق على صحته، وإذا كان الجار كافرا كان له حق الجوار، وإذا كان قريبا وهو كافر صار له حقان: حق الجوار وحق القرابة، ومن المشروع للمسلم أن يتصدق على جاره الكافر وغيره من الكفار غير المحاربين من غير الزكاة. لقول الله تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8] وللحديث الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن أمها وفدت عليها بالمدينة في صلح الحديبية وهي مشركة تريد المساعدة، فاستأذنت أسماء النبي ﷺ في ذلك هل تصلها؟ فقال: صليها ا.هـ.
أما الزكاة: فلا مانع من دفعها للمؤلفة قلوبهم من الكفار، لقوله : إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ الآية [التوبة:60]، أما مشاركة الكفار في احتفالاتهم بأعيادهم فليس للمسلم أن يشاركهم في ذلك
مشاهدة المرفق 137106

اللهم امين
وجزاكم الله بالمثل
اسعدني
مرورك الاخ الكريم
 
  • الوحدة الأولى: مقدمات أساسية حول التعامل مع غير المسلمين:
  • الدرس الأول من الوحدة الأولى: مكانة الإسلام وعظمته
  • الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
  • ·
  • · هذا هو: الدرس الأول من الوحدة الأولى: (مكانة الإسلام وعظمته).
  • عناصر الدرس: يتكون هذا الدرس من ثلاثة عناصر:
    • § الأول: الإسلام دين الرحمة.
    • § الثاني: الإسلام دين العدل.
    • § الثالث: الإسلام دين الكرامة.
  • · العنصر الأول: الإسلام دين الرحمة:
الإسلام دين الرحمة، وهذا لا شك فيه لأن هذا الدين دين خير وهو خاتم الأديان ومن عند رب البرية، أنزله على خير خلقه، وأرسله رحمة للعالمين، ما ينظر فيه منصفٌ أمينٌ صادق إلَّا وجد فيه كل خير، وأنه ينهى عن كل شر.

فالإسلام يدعو إلى الإحسان إلى الناس كافة، والإسلام لا يُفرِّق في التعامل الحسن بين المسلم وغير المسلم؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ...)) الحديثَ [رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني].

وهذا يعم المسلم، والنصراني، واليهودي، والمجوسي، بل إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي كل كبد رطبة أجر، حتى رحمة المرء بالحيوان، بالدابة هو مُثاب عليها فكيف بالآدمي! مهما يفعل المسلم في هذه الأرض يبتغي بذلك نفع الناس، يبتغي بذلك نفع الكائنات الحية، فإن الله عز وجل يثيبه على ذلك.؛ يقول صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ غَرَسَ غَرْسًا، فَأَكَلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ)) [رواه البخاري، ومسلم].

أي دين هذا الذي يأمر أتباعه بالإحسان إلى جميع المخلوقات؟! فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ» فَقَالَ: ((لاَ أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلاَ سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا، وَلاَ أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا، فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ)) [متفق عليه]. إذن قارن يحصل في دين الإسلام مع غيره من الأديان! حيث يجعلون الدواب والحيوانات تتحارب وتتقاتل من أجل دراهم معدودة، ويحصل فيها من إساءة وتعذيب وتشويه ما يحصل. ديننا دين الرحمة حتى في الأوقات التي فيها ما قد يبدو للإنسان أنه لا رحمة فيه.

ولكن لا بد منه قال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ) [رواه مسلم]. لا بد لنا من أكل اللحوم، ولا بد لنا من الذبح ولكن هذا الذبح يتم برحمة.


  • · العنصر الثاني: الإسلام دين العدل:
كذلك الإسلام دين عدل، العدل من صفات الله عز وجل؛ ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: ((فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ)) [رواه البخاري].

والعدل والقسط ضد الجور والظلم، لذلك هذا العدل قد يكون نسبيًّا، ما تراه أنت عدلًا قد لا أراه أنا كذاك، وما أراه أنا قد لا تراه أنت كذلك، فما الضابط؟

الضابط أن العدل هو ما جاء به الشرع، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِين}.
بل إن الله أمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن يعلنها مدوية لجميع الملل الكافرة فقال: {وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ}. فإذن ديننا دين عدل، فنحن نكرههم لكفرهم لا لأشخاصهم.
والمسلم مُطالب بالعدل في كل أموره؛ لأن الله تعالى يقول في الحديث القدسي: ((يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ مُحَرَّمًا بَيْنَكُمْ. فَلَا تَظَالَمُوا)). فأنت مُطالَب بالعدل في أقوالك وأفعالك، كما قال عز من قائل: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا}.


  • العنصر الثالث: الإسلام دين الكرامة:
الإسلام دين الكرامة، الله عز وجل كرم بني آدم، وهذا التكريم على سائر المخلوقات بغض النظر عن الدين، فالإنسان في نظر الإسلام مكرمٌ، وهذه الكرامة لا يملك أحد أن ينزعها منه، قال ربنا عز وجل: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}.

هذه الكرامة تنبع من إنسانيته، لكن الأصل أنها أيضًا يجب أن تنبع من تقواه وورعه والتزامه بشرع الله القائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}. هذه الكرامة يلمسها غير المسلم عندما يرى تساوي الأبيض والأسود والعربي والعجمي في وقوفهم للصلاة، وفي أخذهم لحقوقهم أمام القاضي، وأن تفاضلهم في الإسلام عند الله هو يكون فقط بالتقوى.


وبهذا ننتهي من هذا الدرس، ونلقاكم في درس قادم إن شاء الله
عن زادي للتعلم الشرعي


 
  • لدرس الثاني من الوحدة الأولى: أصناف غير المسلمين في المجتمع الإسلامي.
  • · الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
  • · أهلا وسهلا في هذا الدرس.
  • · هذا هو: الدرس الثاني من الوحدة الأولى: (أصناف غير المسلمين في المجتمع الإسلا مي).
  • عناصر الدرس: يتكون هذا الدرس من عنصرين:
  • § الأول: أقسام غير المسلمين.
  • § الثاني: أصناف غير المسلمين في المجتمع المسلم.
  • · العنصر الأول: أقسام غير المسلمين:
معلومٌ بالضرورة لكل مسلم أن الناس ينقسمون إلى قسمين لا ثالث لهما: إما مؤمن وإما كافر. قال عز من قائل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ}.

ولكن تقسيم غير المسلمين في الفقه الإسلامي وفي كتب العقائد أربعة أقسام:

فالقسم الأول: هو الحربي. وهو الكافر الذي بين المسلمين وبين دولته حالة حرب، فهذا لا ذمة له ولا عهد، وهذا معروف في الأيام الغابرة وفي الأيام الحالية، ولكن لا بد من الحذر من الافتئات وأن يتصرف الإنسان بغير إذن ولي الأمر مع هذه الفئة، ولكن الأصل أن الحربي هذا لا ذمة له ولا عهد.

القسم الثاني: هم أهل الذمة. ويُعرف باسم الذمي، والذمي هو الذي يقيم تحت ذمة المسلمين بدفع الجزية، هذه الجزية مبلغٌ بسيط حتى قد لا يصل إلى قيمة الزكاة التي يدفعها المسلم، ولكن الميزات التي يحصل عليها هذا الذمي عظيمة، فالذمي المعاهَد الذي يساكن المسلمين ويدفع الجزية هذا يخضع للأحكام الإسلامية في غير ما أُقر عليه من أحكام العقائد والعبادات والزواج والطلاق والمطعومات والملبوسات، يعني هذه الأمور خاصة بهم، فيُقر عليها مقابل ماذا يدفعون الجزية؟ مقابل أن المسلمين يحمونهم. فإن هجم عليهم عدو خارجي لم يطالبوا ولم يكلفوا بأي قتال.

وهذه الجزية أمرها عجيب لأنها تُدفع فقط من قِبَل الرجال القادرين على الكسب، ولا تؤخذ من الأطفال ولا تؤخذ من النساء ولا تؤخذ من كبار السن على الصحيح الراجح.


القسم الثالث: هو المُعاهَد. فما الفرق بين الذمي والمُعاهَد؟ المُعاهد أمره مختلف، المُعاهد في الأصل أنه كافر بيننا وبينه عهد مهادنة، مثل ماذا؟ مثل أن تكون دولته مجاورة ولكن بيننا عقد ليس هو بالهدنة؛ لأنه ليست هنالك حرب بيننا وبينهم، ولكن هنالك تفاهم مشترك، تعايش سلمي، ربما فُتحت بلاده عن طريق الإسلام وقَبِلَ أهلها أن يدفعوا الجزية وأن يدفعوا الخراج على أن يبقوا على ما هم عليه، ووافق ولي الأمر في ذلك، هذا الذي يخرج من عندهم فيدخل في بلادنا اسمه مُعاهَد؛ لأنه دخل بتأشيرة خاصة، بفيزا، بإذن، فهذا لا يجوز أن يُتعرض له.

وقد قال عليه الصلاة والسلام:
((مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ)) [رواه البخاري]. يعني أمر التعرض لهذا الكافر أمره عظيم جدًّا عند الله عز وجل؛ ولذلك أكثر الناس يتساهلون ويتهاونون في هذه الأمور فيظن أن غير المسلم ما هو إلا حشرة نستطيع أن ندعسها، أن نطأها، أن نقتلها بأحذيتنا وهذا خطأ شنيع في شرع الله عز وجل، ولا ينتج إلا عن الجهل بدين الله عز وجل.

القسم الرابع: فهم أهل الأمان. وهذا المستأمَن هو رجل أُعطي أمانًا وقد يكون حربيًّا يدخل بلاد الإسلام والمسلمين بأمان إما من ولي الأمر أو من عامة الناس الذين يعطونه الأمان ليقيموا إقامة مؤقتة، فربما كان حربيًّا ولكن له الإذن بالدخول.

وغالبًا يكون أولئك إما الرسل من بلد إلى بلد، والرسل لا تُقتَل كما جاء في الحديث، أو يكون تاجرًا للمسلمين مصلحة في التجارة معه، وإن كان حربيًّا أو كان مستجيرًا يريد سماع القرآن ومعرفة هذا الدين فيدخل ويتعلم، إن أعجبه دخل في هذا الدين، إن لم يعجبه رجع إلى بلاده آمنًا، أو يكون طالبًا لحاجة زيارة أهل أو استطباب أو نحو ذلك.

حكم هؤلاء أنهم لا يؤذوا ولا يقتلوا ولا تؤخذ منهم الجزية، إنما يُعرض عليهم الإسلام عرضًا والقرآن، فإن دخل فيه فالحمد والفضل والمنة لله عز وجل.


  • · العنصر الثاني: أقسام غير المسلمين في المجتمع المسلم:
وبخلاف الأقسام الأربعة التي ذكرناها نستطيع أن ننظر إلى المجتمع الإسلامي فنقسمه تقسيمًا آخر، فنقول ينقسم المجتمع الإسلامي إلى صنفين اثنين:

الصنف الأول: هم غير المسلمين ظاهرًا وباطنًا، وهؤلاء يعرفون باسم الكفار الأصليين الصرحاء. وهم نوعان:
النوع الأول: الكافر الأصلي. وهو الذي لم يدخل في الإسلام سابقًا وهو على دين غير دين الإسلام، كأهل الكتاب والمجوس والهندوس والبوذيين وغيرهم.

النوع الثاني: فهم المرتدون، هؤلاء الذين كان لهم سابقة إسلام ثم خرجوا عن الدين، أو أنهم اخترعوا واتبعوا دينًا ينتسب إلى الإسلام والإسلام منه بريء، مثل أتباع الفرق الضالة مما ينتسب إلى الإسلام، كمن يدعي مثلًا وجود نبي بعد الرسول عليه الصلاة والسلام هذا مرتد كافر، أو كالذي يدعي أن القرآن محرف ويقذف أمنا عائشة ويُكفِّر الصحابة لا شك أن هذا مرتد، أو كالطوائف التي تدعي أن لهم وصلًا من النبي عليه الصلاة والسلام يُسقِط عنهم الصلاة والصيام ونحوها من الفرق المارقة الضالة.

الصنف الثاني: فهم من أظهر الإسلام وأبطل الكفر، ويُسمون المنافقون، ونحن نقصد بذلك النفاق الأكبر لا النفاق الأصغر الذي لا يخرج من الملة، بل هو إظهار الإسلام وإبطان الكفر هو الذي يسمى كفرًا ونفاقًا أكبر، هؤلاء لهم أحكامهم في الدنيا كأحكام المسلمين؛ لأن الله الذي يحكم على بواطنهم، لكن في الظاهر لهم حكم المسلمين من حيث النكاح والذبائح وحين الموت والغسل والتكفين والدفن، أما في الآخرة فأمرهم إلى الله عز وجل.

وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة
عن زادي للتعلم الشرعي

نفعنا الله واياكم
 
  • §
  • الدرس الثالث من الوحدة الأولى: حقوق غير المسلمين.
  • الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
    • أهلا وسهلا في هذا الدرس.
    • § هذا هو: الدرس الثالث من الوحدة الأولى: (حقوق غير المسلمين).
    • عناصر الدرس: يتكون هذا الدرس من خمسة عناصر:
    • § الأول: حق الحرية في الاعتقاد والعبادة لغير المسلمين.
    • § الثاني: حق العدل والمساواة والبر والإحسان.
    • § الثالث: حق الحماية والأمن لغير المسلمين.
    • § الرابع: حق غير المسلمين في عصمة دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
    • § الخامس: حق غير المسلمين في العمل والتجارة
    • · العنصر الأول: حق الحرية في الاعتقاد والعبادة لغير المسلمين.
  • هذا حق مكفول لجميع الناس، بغض النظر عن اختلافنا معهم ومعرفتنا وتيقننا بالباطل الذي هم عليه، إلا أن الإسلام ترك لهم حرية العبادة وإلى الله عز وجل حسابهم، وقد قال ربنا تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}. البعض يفهم هذه الآية خطأ فيظن أنه لا يُجبَر الإنسان على ترك الباطل وعلى اتباع الحق، وهذه الآية ليس فيها هذا الأمر وإلا لما أمرنا بجهاد المشركين ولما أمرنا بأخذ الجزية ممن يرفض، إنما معنى الآية أنه لا إكراه في الدين بمعنى لا يُكره أحد على ولوج ودخول الإسلام وقد تبين للجميع الرشد من الغي؛ فإن شاؤوا أن يؤمنوا آمنوا، وإن شاؤوا أن يكفروا فهذا لهم وحسابهم عند ربهم عز وجل.

    إلا أنه لا بد من الجهاد ولا بد من أخذ الجزية لمن أبى، ولذلك نحن نعرض عليهم إن شاؤوا الإسلام أسلموا، فإن أبوا عرضنا عليهم الجزية، فإن دفعوها فالحمد لله فإن أبوا قاتلناهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله
    • · العنصر الثاني: حق العدل والمساواة والبر والإحسان.
  • فالله عز وجل كما قال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}. وقال الله عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}. ولذا لما ذهب عبد الله بن رواحة رضي الله عنه شاعر النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد الثلاث الشعراء المعروفين من شعراء النبي عليه الصلاة والسلام، ذهب ليخرص الزكاة فعرض عليه اليهود شيء من الحلي بحيث يخفف عنهم الكمية التي يخرصها فيأخذ كمية أقل، فقال: (وَاللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إَلَيَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ»، فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ).[رواه ابن حبان] إذن العدل أصل وأساس البر والمساواة والإحسان أيضًا هو كذلك.
  • · العنصر الثالث: حق الحماية والأمن لغير المسلمين.
إن من حقوق غير المسلم في المجتمع الإسلامي أن تتوفر لهم الحماية من الدولة الإسلامية، كيف؟

يكون في مأمن من كل عدوان خارجي، فهذا عرفناه إذا هاجم عدو قام المسلمون بالدفاع عنهم ويكونوا في مأمن من أي ظلم داخلي، كظلم المسلمين الموجودين في داخل الدولة الإسلامية، فكونك مسلمًا لا يعني أن تتعدى على حدود غير المسلم، فتأخذ ما له أو تضربه أو تظلمه فهذا كله
محرمٌ في الشرع. يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ألا مَن ظَلم مُعاهِداً أو انتَقصَهُ أو كلَّفَهُ فوقَ طاقَتِه أو أخَذ منهُ شيئاً بِغيرِ طِيبِ نَفسِ فأنا حَجِيجُهُ يوم القيامةِ) [رواه أبو داود].

إذن مسألة خطيرة ليست مسألة بشيء بسيط هين يتهاون فيه الإنسان، الظلم ظلمات يوم القيامة


  • · العنصر الرابع: حق غير المسلمين في عصمة دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
غير المسلم المقيمٌ في بلاد الإسلام على عهد بينه وبين ولي الأمر، إما أن يكون من أهل الذمة، وإما يكون معاهدًا، وإما يكون مستأمنًا، فالعلماء اتفقوا على عصمة أولئك؛ لأن الله تعالى يقول: {ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.

إذن لا يجوز لك أن تعتدي على من إقامته في بلاد المسلمين شرعية، وقال عز من قائل:
{مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}. ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا)) [رواه البخاري].

قارن هذا بمن يتعدى ويتجاوز الحد ويظلم وربما سفك دمًا أو قتل وأزهق نفسًا معاهد موجود في بلاد الإسلام والمسلمين بعهد من ولي الأمر، كيف يغفر هذه الذمة ذمة الإسلام والمسلمين!!

العنصر الخامس: حق غير المسلمين في العمل والتجارة.

كونه في بلادنا لا يجوز لأحد أن يقطع رزقه، بل لا بد أن يُتعامل معهم بالرفق والرحمة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:
((رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى)) [رواه البخاري]، وقد كان صلى الله عليه وسلم يتعامل مع اليهود من جميع طوائفهم من بني قينقاع، من بني النضير، من بني قريظة، أهل خيبر، يتعامل معهم بالزراعة، يتعامل معهم بالتجارة، يتعامل مع الفرس، يتعامل مع الروم في بيع وشراء ولا حرج في ذلك مطلقًا، فهذا من حقوقهم التي كفلها الإسلام.

وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة
عن زادي للتعلم الشرعي
نفعنا الله واياكم

 
  • الدرس الرابع من الوحدة الأولى: مظاهر التعامل الإسلامي مع غير المسلمين.
  • - الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
  • - أهلا وسهلا في هذا الدرس.
    • هذا هو: الدرس الرابع من الوحدة الأولى: (مظاهر التعامل الإسلامي مع غير المسلمين).
    • عناصر الدرس: يتكون هذا الدرس من ثمانية عناصر:
    • · الأول: الإحسان إليهم.
    • · الثاني: الدعوة إلى الله عز وجل.
    • · الثالث: قبول هديتهم.
    • · الرابع: قبول دعوتهم.
    • · الخامس: عيادة مريضهم.
    • · السادس: رد السلام عليهم.
    • · السابع: حسن جوارهم.
    • · الثامن: المساعدة لغير المسلمين عند العجز والفقر وكِبَر السن.
    • · العنصر الأول: الإحسان إليهم.
  • وهذا قد يستبعده كثير من المسلمين. كيف نحسن إلى نصراني؟ كيف نحسن إلى كافر؟ ونتعامل معه بالطيبة والإحسان. الله عز وجل ذكر ذلك في محكم التنزيل لكننا لا نقرأ القرآن، يقول ربنا سبحانه وتعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8] إذن هذا أمر من الله عز وجل أن تبر وتقسط إلى ذلك النصراني أو اليهودي أو الكافر الذي لم يُسئ لك ولم يتعدَّ على حقوقك ولا على حقوق المسلمين والإسلام.
    • · العنصر الثاني: الدعوة إلى الله عز وجل.
  • الله عز وجل يقول: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا}. بمعنى لا أحد أحسن قولًا، {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}. وقوله ﷺ لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر)): فَوَ اللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ)) [متفق عليه].

    إذن أجر ذلك عظيمٌ عند الله عز وجل، ومن العار والشنار أننا نرى جحافل الكفار من دول شتى تأتي إلينا نتقابل معهم، نتعايش معهم بالسنين الطوال، عشر أو عشرين أو ثلاثين سنة، ولا يسلمون لِمَا يروا من تعاملنا السيء ولإخفاقنا في دعوتهم إلى الله عز وجل، فلا شك أن ذلك أمرٌ فيه إثم علينا وفيه خزيٌ أن نخفق في دعوتهم إلى شرعنا وإلى ديننا.
    • · العنصر الثالث: قبول هديتهم.
  • وقد قال عليه الصلاة والسلام عامة: (تَهَادَوْا تَحَابُّوا) [رواه الإمام مالك في موطا]. فهذا نصراني أو هذا كافر كيف أهديه ويهديني؟ النبي عليه الصلاة والسلام قبل هدية الكفار، فقد قبل من قيصر ومن المقوقس هديتهما، ونعلم أن مارية القبطية هي هديةٌ من المقوقس. وكذلك أُهدي له بغلة اسمها جُلجُل أو شيء من هذا القبيل، فإذن الرسول قبل الهدايا وإهداء الهدايا إلى أولئك الكفار يلين قلوبهم ويشرح صدورهم.

  • · العنصر الرابع: قبول دعوتهم.
يعني إذا دعونا إلى ما ليس فيه شعائر دينهم وجبت علينا قبول الدعوة، أو إن شئت قل استُحِبَّت قبول الدعوة فإذا دعونا إلى فرحٍ عرسٍ في كنيسة أو في نحوها لا يجوز لنا القبول.

إن مات ميت لهم
لا يجوز لنا أن نذهب فنشهد الجنازة أو أن نقوم بالمشاركة معهم، لكن إن دعونا إلى طعام خارج شعائر دينهم فلا حرج في إجابة ذلك بل هو من السنة؛ ذلك (أن امرأةً يهوديةً أتتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بشاةٍ مسمومةٍ فأكل منها) [رواه البخاري ومسلم] ولم يسأل عليه الصلاة والسلام أهي من مال حلال أو حرام؛ لأن اليهود يتعاملون بالربا، ولم يسأل أهي مذبوحة ذبحًا شرعيًّا أم أنها موقوذة أو نطيحة أو شيء من هذا القبيل؛ لأن طعام أهل الكتاب الأصل فيه أنه حلالٌ لنا ولا يزول هذا الحِل إلا بدليل وفي الحديث: (أَنَّ يَهُودِيًّا دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، فَأَجَابَهُ). [رواه أحمد وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم].

  • · العنصر الخامس: عيادة مريضهم.
نحن نعلم أن عيادة المريض في الإسلام أجرها عظيم («مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ»، قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «جَنَاهَا»..) [رواه مسلم]. هذا خاص في المسلمين، فغير المسلمين؟ حقٌ علينا أن نزورهم.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
((أَنَّ غُلَامًا مِنَ اليَهُودِ كَانَ يَخدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِندَ رَأسِهِ، فَقَالَ: أَسلِم. فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِندَ رَأسِهِ، فَقَالَ لَه: أَطِع أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَأَسلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: الحَمدُ لِلَّهِ الذِي أَنقَذَهُ مِنَ النَّارِ)) [رواه البخاري] انظر إلى الدعوة في جميع الأحوال حتى في زيارة غير المسلم.


  • · العنصر السادس: رد السلام عليهم.
  • ولم نقل إلقاء السلام؛ لأن إلقاء السلام على النصراني، على اليهودي، على الكافر ابتداء لا يجوز، نقول لهم صباح الخير، أهلًا وسهلًا لا حرج، أما أن يُلقى عليهم السلام صراحة وابتداءً فهذا محرم؛ لقوله ﷺ (لا تَبْدَأُوا اليَهُودَ وَلا النَّصَارَى بالسَّلامِ) [رواه مسلم]. وقال ﷺ (إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ) [متفق عليه].
  • · العنصر السابع: حسن جوارهم.
إذا كان جارا تحسن إليه ولا تؤذيه في جواره وتتصدق عليه -بغير الصدقات الواجبة- إذا كان فقيرا تهدي إليه وتنصح له فيما ينفعه لأن هذا مما يسبب رغبته في الإسلام ودخوله فيه ولأن الجار له حق قال النبي صلى الله عليه وسلم ((مَازَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ)) [متفق عليه] وإذا كان الجار كافرا كان له حق الجوار وإذا كان قريبا وهو كافر صار له حقان حق الجوار وحق القرابة.

ومن المشروع للمسلم أن يتصدق على جاره الكافر وغيره من الكفار غير المحاربين من غير الزكاة لقوله تعالى
(لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

أما الزكاة فلا مانع من دفعها للمؤلفة قلوبهم من الكفار لقوله عز وجل
{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 60] [مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله]
  • · العنصر الثامن: المساعدة لغير المسلمين عند العجز والفقر وكِبَر السن.
فكما تقدم الجزية على الراجح لا تؤخذ من كبار السن، والذي شاب في الاسلام لا بد أن يُعتنى به. فهذا الذي شاب في غير شرع لله عز وجل وفي غير دينه فلا شك أن من باب الإحسان ومن باب البر ومن باب الرحمة أن يُعتنى به وأن يُرفق به في آخر عمره.

وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة
عن زادي للتعلم الشرعي
نفعنا الله واياكم



 
جزاك الله خيرا على هذا البحث المفيد جدااااااااا
 
جزاك الله خيرا على هذا البحث المفيد جدااااااااا

وجزاكم الله بالمثل الاخ الكريم
اسعدني مرورك للموضوع
نسال الله ان ينفعنا الله واياكم به
 
  • بسم الله الرحمان الرحيم
  • § الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
  • الدرس الخامس من الوحدة الأولى: ضوابط التعامل مع غير المسلمين.
    • أهلا وسهلا بطلاب منصة زادي في هذا الدرس.
    • § هذا هو: الدرس الخامس من الوحدة الأولى: (ضوابط التعامل مع غير المسلمين).
    • عناصر الدرس: يتكون هذا الدرس من ضوابط التعامل مع غير المسلمين
      • · الضابط الأول: الإسلام دين رحمة وعدل.
    • الإسلام دين رحمة وعدل يسعى لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور. وهذه رحمة من غير ضعف، وقوة من غير عنف، وعزة من غير كِبْر.
      • · الضابط الثاني: المسلمون مأمورون بدعوة غير المسلمين.
    • المسلمون مأمورون بدعوة غير المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن قال الله تعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} [آل عمران]
      • · الضابط الثالث: لا يقبل الله غير الإسلام دينا.
    • قال تعالى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]
      • · الضابط الرابع: تسميع غير المسلم كلام الله.
    • يجب على المسلمين أن يُمَكِنوا أي كافر من سماع كلام الله قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6]
      • · الضابط الخامس: تفريق بين المعاملة.
      • يفرق المسلمون بين أنواع الكفار في المعاملة فيسالمون من سالمهم، ويحاربون من حاربهم.
      • · الضابط السادس: الولاء والبراء.
      • موقف المسلمين من غير المسلمين في مسألة الحب والبغض القلبي مبني على موقف هؤلاء من الله عز وجل، فإن عبدوا الله لا يشركون به شيئا أحبوهم، وإن أشركوا بالله وكفروا به وعبدوا معه غيره أو عادوا دينه وكرهوا الحق كرهوهم بالقلب وجوبا.
        • · الضابط السابع: تحريم الظلم.
        • ويعتقد المسلمون بأنه لا يجوز لمسلم بحال من الأحوال أن يظلم غير المسلم المسالم:
        • § فلا يعتدي عليه.
        • § ولا يُخيفه.
        • § ولا يرهبه.
        • § ولا يسرق ماله.
        • § ولا يختلسه.
        • § ولا يبخسه حقه.
        • § ولا يجحد أمانته.
        • § ولا يمنعه أجرته.
        • § ويؤدي إليه ثمن البضاعة إذا اشتراها منه وربح المشاركة إذا شاركه.
        • · الضابط الثامن: احترام العهود.
      • يعتقد المسلمون أنه يجب على المسلم احترام العهد إذا عقده مع طرف غير مسلم، فإذا وافق على شروطهم في إذن الدخول إلى بلدهم، (الفيزا) وتعهد بالالتزام بذلك فلا يجوز له أن يفسد فيها ولا أن يخون ولا أن يسرق ولا أن يقتل ولا أن يرتكب عملاً تخريبياً وهكذا.
      • · الضابط التاسع: أوجه مساعدة غير المسلمين.
      • يعتقد المسلمون بأنه يجوز للمسلم أن يحسن إلى غير المسلم المسالم سواء:
      • § بالمساعدة المالية
      • § أو الإطعام عند الجوع
      • § أو القرض عند الحاجة
      • § أو الشفاعة في الأمور المباحة
      • § أو اللين في الكلام
      • § ورد التحية وهكذا قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]
        • · الضابط العاشر: التعاون مع غير المسلمين.
      • لا يمانع المسلمون من التعاون مع غير المسلمين في إحقاق الحق وإبطال الباطل ونصرة المظلوم ورد الأخطار عن البشرية كالتعاون في محاربة التلوث وسلامة البيئة ومحاصرة الأمراض الوبائية ونحو ذلك
      • · الضابط الحادي عشر: الفرق في الأحكام الفقهية بين المسلم وغير المسلم.
    • يعتقد المسلمون بأن هناك فرقا بين المسلم وغير المسلم في أحكام معينة مثل الدية والميراث والزواج والولاية في النكاح ودخول مكة وغيرها، كما هو مبين في كتب الفقه الإسلامي.
      وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة

      عن زادي للتعلم الشرعي
      نفعنا الله واياكم
    • انشاء الله
 
منشوراتك في القمة جعلها الله في ميزان حسناتك يا رب العالمين اجمعين دمت مبدعة في سماء المنتدى اختي بموضوعاتك القيمة
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top