فقه التعامل مع غير المسلمين

الدرس الأول من الوحدة الثالثة: أحكام العبادات المتعلقة بغير المسلمين.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

§ أهلا وسهلا في هذا الدرس.

§ هذا هو: الدرس الأول من الوحدة الثالثة: (أحكام العبادات المتعلقة بغير المسلمين).


عناصر الدرس: يتكون هذا الدرس من ثلاثة عناصر:
§ الأول: مسائل في الطهارات.

§ الثاني: مسائل في الصلاة.

§ الثالث: مسائل في الزكاة والصدقة.


    • العنصر الأول: مسائل في الطهارات.
    • أولا: ذوات المشركين وثيابهم:
  • يقول الله ـ جل وعلا ـ {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] والراجح أن المراد بالنجاسة هنا النجاسة المعنوية الحاصلة فيهم بالكفر، وليست النجاسة الحسية، ولذا جاز الزواج بالمحصنات من الكتابيات، ومس أبدانهم بالمصافحة إذا ابتدؤنا، ولبس ثيابهم التي يخيطونها، بل حتى التي يلبسونها، ما دام لم تصبها نجاسة، كثياب المسلمين

ثانيا: أواني غير المسلمين: لا تخلو من إحدى حالين:

الأولى: أن تكون مصنوعة من محرم لذاته، كجلد الكلب والخنزير، وكآنية الذهب والفضة، أو لوصفه كمغصوب ومسروق فلا يجوز استعمالها؛ لأنها لو كانت آنية مسلمين ما جاز استعمالها فكيف وهي آنية كفار.

الثانية: أن تكون مصنوعة من مادة طاهرة مباحة كالحجر والخشب والحديد وسائر المعادن والزجاج، فإن اشتراها المسلم جديدة فاستعمالها جائز، وإن كان يستعملها غير المسلمين ويطبخون فيها، ويأكلون ويشربون فلا يخلو الحال من أحد ثلاثة أمور:

الأمر الأول: أن يغلب على ظنه عدم استعمالهم هذه الأواني في المآكل والمشارب المحرمة فيجوز استعمالها مباشرة دون غسل؛ لحديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: ((كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَسْقِيَتِهِمْ فَنَسْتَمْتِعُ بِهَا، فَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ)) [رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني].

الأمر الثاني: أن يغلب على ظن المسلم أنهم يطبخون فيها اللحوم والأشربة المحرمة ويأكلون ويشربون، فإن وجد المسلم غيرها لم يجز له استعمالها، وإن لم يجد وجب غسلها لإزالة المحرمات عنها، ثم له أن يستعملها؛ لحديث أبي ثعلبة الخشني أنه قال: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟... قَالَ: «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلاَ تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا)» رواه البخاري.

الأمر الثالث: أن يشك فلا يغلب على ظنه شيء فيعمل بالأحوط وهو غسل الأواني قبل تناولها.


وبناء على ما سبق تجوز الصلاة في مصنوعاتهم من اللباس والفرش الطاهرة المباحة.

  • ثالثا: الاغتسال الكافر إذا أسلم.
  • ينبغي للشخص إذا أسلم أن يغتسل؛ لحديث قيس بن عاصم أَنَّهُ أَسْلَمَ «فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» [رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وحسنه الترمذي، وصححه الألباني]. فالذين جاء الأمر في غسلهم عند الإسلام جاء في مواضع محدودة، بينما الذين أسلموا كثر جدًّا ولم يأت في إسلامهم سوى التلفظ بالشهادة، ولكنها سنة مؤكدة وهي أحوط وأسلم للمسلم، أن للذي يريد الإسلام أن يغتسل.

    وللمسلم
    إلزام زوجته الكتابية بالاغتسال بعد الطهارة من الحيض والنفاس، والتطهر من النجاسات كالبول؛ رعاية لحقه في نظافتها، الذي هو كمال حقه في الاستمتاع بها، وإن كان لا يجب عليها الاغتسال من حيث الأصل. وذهب بعضهم أنه يجب، لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، ولكن لايقبل منها إلا بعد الدخول في الإسلام.
  • رابعا: اختنان الكافر إذا أسلم.
يجب على غير المسلم إذا أسلم أن يجري عملية الاختتان ولو كان كبيرا، إلا أن يخاف على نفسه الموت أو المرض فيسقط عنه الوجوب، حفاظا على نفسه، وصحة بدنه؛ لأن الختان سنة المرسلين ـ عليهم السلام ـ وقد اختتن إبراهيم ـ عليه السلام ـ وهو ابن ثمانين سنة [متفق عليه].

فالاختتان بالنسبة للذكور واجب، وبالنسبة للإناث مستحب، ولكن هذا لا يجوز أن يمنع الكافر من الإسلام، فنحن لا نقف حجر عثرة عند الكافر، ونقول له إما أن تتختن وإما أن لا تسلم، لا هذا ليس من الفقه، اجعله يسلم ويلتزم بالإسلام وبعد ذلك خاطبه برفق في مسألة الاختتان، فإن لم يرد ذلك أو خاف على نفسه فلا حرج من تأخير ذلك إن شاء الله.

  • · العنصر الثاني: مسائل في الصلاة.
  • أولا: حكم الصلاة في دور العبادة للكفار كالكنائس:
  • الأصل عدم جواز الصلاة في دور عبادة غير المسلمين كالكنائس والبيع وبيوت النار، إلا أنه يستثنى من الأصل حال الاضطرار إلى الصلاة فيها لعدم وجود مكان غيرها يصلي فيه المسلم، كما لو حبس فيها، فإن أمكنه إزالة التصاوير والمجسمات من أمامه وجب عليه أن يزيلها، أو يصلي في جانب من المعبد بحيث لا تكون النار أو التصاوير في قبلته.
ثانيا: حكم دخول الكفار للمساجد:

لا يجوز دخول غير المسلمين المسجد الحرام مطلقا ـ والمقصود به حرم مكة شرفها الله ومن باب أولى مسجد الكعبة ـ ولو كان بإذن من المسلمين، أو لحاجة، أو لقصد تأليف قلوبهم على الإسلام.

فأما غيره من المساجد فمحل خلاف بين أهل العلم، والراجح جوازه إذا كان لحاجة أو لمصلحة، والدليل على هذا أن الكفار كانوا يدخلون على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مسجد المدينة ولم يكن يمنعهم، بل إنه حبس ثمامة بن أثال في مسجد المدينة قبل أن يسلم ـ رضي الله عنه ـ.

ثالثا: حكم مس الكافر للمصحف:

لا يجوز تمكين غير المسلمين من أخذ المصحف بإهداء أو بيع، أو وصية، أو رهن؛ لأنهم لا يؤمنون من أن يهينوا المصحف، ولا يجوز تمكينهم من مسه؛ لقول الله ـ جل وعلا ـ {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] لكن يجوز إعطاؤهم ترجمة للمصحف إن رجي إسلامهم، لا إن خشي أن يهينوا الترجمة، أو يستغلوها في عدواتهم للإسلام وأهلهم.

رابعا: حكم موافقة غير المسلمين في أماكن الصلاة وأزمانها:


لا يجوز للمسلم قصد موافقة غير المسلمين في أماكن الصلاة، كالكنائس، ولا في أزمنتها، كوقت طلوع الشمس وقبل أن ترتفع قيد رمح، أو وقت غروبها، إلا ما خصه الدليل وهي الصلوات ذوات الأسباب، كصلاة الجنازة فيجوز أداؤها قبيل الغروب وقبيل الإشراق.

خامسا: حكم تغسيل الكافر وتكفينه والصلاة عليه والدعاء له:

ولا يجوز للمسلم تغسيله، ولا تكفينه؛ لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألقى قتلى بدر من المشركين في القليب، بلا غسل، ولا تكفين.

ولا تجوز الصلاة عليه؛ لقوله ـ جل وعلا ـ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84]. ولا الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، أو قول: المرحوم فلان؛ لقوله ـ جل وعلا ـ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: 113].

كما لا يجوز للمسلم تولي دفن غير المسلم كما يدفن أموات المسلمين، وإذا لم يكن للكافر الميت قريب يدفنه، فللمسلم أن يواري جثته في التراب ليمنع تأذي الخلق، كما لا يجوز للمسلم أن يتبع جنازته، أو يمشي فيها، أو يحملها معهم، أو يحضر دفنه إذا أراد أهله دفنه؛ لقوله ـ جل وعلا ـ: {وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84].

ولا يجوز دفنه في مقابر المسلمين، بل يدفن في مقابر مثله من غير المسلمين؛ لفعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإجماع المسلمين على ذلك، إلا إذا ماتت امرأة كتابية زوجها مسلم وهي حامل منه، وقد بلغ عمر الحمل أكثر من ثلاثة أشهر فإنها تدفن في مقابر المسلمين، ويكون ظهرها إلى القبلة؛ ليكون وجه حملها مستقبل القبلة؛ لأن الجنين مسلم؛ لكون أبيه مسلما، والمسلم لا يجوز دفنه في مقابر غير المسلمين، فرعاية لحقه تقدم مصلحة دفنه في مقابر المسلمين على مفسدة دفن أمه فيها. [أحكام التعامل مع غير المسلمين – خالد الماجد]

  • العنصر الثالث: مسائل في الزكاة والصدقة.
أولا: حكم دفع زكاة المال والفطر إلى غير المسلمين:

لا يجوز دفع زكاة المال والفطر إلى غير المسلمين؛ لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلت ـ لمعاذ حيث بعثه إلى اليمن: (فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً _وهي الزكاة_ فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) متفق عليه. يعني أغنياء المسلمين وفقرائهم، ويستثنى من ذلك إذا كان غير المسلم من المؤلفة قلوبهم الذين يتحقق بإعطائهم من الزكاة تحصيل مصلحة المسلمين، أو دفع مفسدة، أو دخوله في الإسلام؛ لقوله ـ جل وعلا ـ {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 60]

ثانيا: حكم دفع الصدقة لغير المسلمين:

يجوز للمسلم أن يتصدق على غير المسلم إذا كان غير حربي، ويوصى له، ويهدي إليه، ويكرمه بماله، ويكافئه على المعروف الذي صنعت إليه؛ لأنه من البر المباح تقديمه لهم بقول الله ـ جل وعلا ـ {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]؛ ولعموم قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ) متفق عليه. ولحديث أسماء بنت أبي بكر الصديق أن أمها جاءتها راغبة في صلتها وهي مشركة فاستأذنت رسول الله أن تتصدق على أمها فأذن لها، وأهدى عمر حلة من حرير لأخ له مشرك. إلا أنه لا يجوز أن يهديه شيئا إذا كان سبب الهدية غير مشروع؛ كالهدية بسبب عيد من أعيادهم الدينية.

ويجوز للمسلم أن يقبل هدية غير المسلم إذا كانت مباحة، وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدية المقوقس وكان غير مسلم. [أحكام التعامل مع غير المسلمين – خالد الماجد]

وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة

  • عن زادي للتعلم الشرعي
    نفعنا الله واياكم
 
الدرس الثاني من الوحدة الثالثة: أحكام المعاملات المالية المتعلقة بغير المسلمين.
  • · الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
  • · أهلا وسهلا في هذا الدرس.
  • · هذا هو: الدرس الثاني من الوحدة الثالثة: (أحكام المعاملات المالية المتعلقة بغير المسلمين).
عناصر الدرس: يتكون هذا الدرس من ثلاثة عناصر:

· الأول: مسائل في البيع والربا.

· الثاني: مسائل في القرض والوكالة والإعارة.

· الثالث: مسائل في الإهداء وأحكام اللقيط.

  • · العنصر الأول: مسائل في البيع والربا.
أولا: حكم البيع والشراء من الكافر:

يجوز التعامل مع غير المسلمين بالبيع والشراء والإيجار وسائر العقود المالية، ويجري عليهم من الأحكام والضوابط ما يجري على التعامل مع المسلمين.

ثانيا: حكم التعاقد مع غير المسلمين:


يجوز للمسلم أن يعقد مع الذمي والمعاهد والمستأمن عقد شركة، شريطة أن يثق المسلم أن التعامل يجري في الشركة على وفق قواعد الشريعة الإسلامية وضوابطها فيما يحل ويحرم من المعاملات، وألا يُمَكِن شريكه غير المسلم من التصرف بأموال الشركة تصرفا مطلقا، دون إجراء رقابة عليه لضمان حصول التصرف المشروع، وتجنب التصرف غير المشروع.


ثالثا: حكم التعامل مع غير المسلمين بالربا والقمار:


لا يجوز التعامل مع غير المسلمين بالمعاملات المحرمة كالربا والقمار، ولا بالمواد المحرمة كالمخدرات والخمور ولحوم الميتة والخنزير، سواء أكانوا من الذميين أو المعاهدين أو المستأمنين، أم كانوا من الحربيين؛ لأن التعامل بالمعاملات المحرمة، وفي المواد المحرمة من نشر الفساد في الأرض، والله لا يحب الفساد. والله تعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.


  • العنصر الثاني: مسائل في القرض والوكالة والإعارة.
  • أولا: حكم إقراض غير المسلم والاقتراض منهم:
    يجوز إقراض غير المسلم والاقتراض منهم، فقد ثبت أن المسلمين على عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانوا يقترضون من اليهود في المدينة، ويقرهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ذلك، لكن يشترط لذلك الشرط الآتية:
  • 1. أن يكون قرضا حسنا لا ربا فيه.
  • 2. ألا يترتب على إقراضهم ضرر بالمسلمين، كإقراض المحاربين.
  • 3. أن يغلب على ظن المسلمين رجوع أموالهم إليهم إذا كانوا هم المقرضين
    • ثانيا: حكم توكيل المسلم لغيره في المسائل المالية:
      • يجوز أن يوكل المسلم غير المسلم بدلا عنه في القيام بأموره، ويتوكل عنه، لكن بالشروط الآتية:
      • 1. ألا يترتب على توكيل غير المسلم ولاية له على مسلم: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} فلا يمكن أن تكون ولاية للكافر على المسلم.
    • o كأن يوكله في تطليق امرأته المسلمة،
    • o أو في رعاية أولاده القصر،
    • o أو في نظارة وقف،
    • o أو في تنفيذ وصية،
    • o أو في قسم ميراثه بين ورثته،
    • o أو يوكله قاضيا للمسلمين؛ لقوله ـ جل وعلا ـ {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141]
  • 2. ألا يوكله في القيام بالعبادات التي يجوز فيها توكيل المسلم:
  • o كأن يوكله أن يذبح أضحيته.
  • o أو يؤذن عنه.
  • o أو يؤم.
  • o أو يخطب، لأنها لا تصح من غير المسلم؛ لقوله ـ جل وعلا ـ {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} [التوبة: 54]
  • 3. ألا يتوكل المسلم على غير المسلم في القيام بما لا يجوز شرعا للمسلم القيام به، ولا يقر غير المسلم على القيام به،
  • § كأن يعقد له عقد ربا،
  • § أو كان مما يحرم على المسلم ويقر غيره عليه، كأن يشتري له خمرا،
  • § أو كان مما يجوز للمسلم فعله دون غيره، كأن يتوكل عنه في تزويجه بامرأة مسلمة.
ثالثا: حكم الاستعارة من غير المسلم:

يجوز للمسلم الاستعارة من غير المسلم ما يحتاجه من الأدوات والكتب وغيرها، وكذلك إعارته إذا كان غير محارب، لأنها من الإحسان، وهو جائز منا لهم، لكن يشترط: كون العارية مما يجوز لغير المسلم الانتفاع بها، كسيارة، أو جهاز كمبيوتر، وإلا لم تجز إعارتها له، كمصحف.


رابعا: هل يجوز قبول ودائع غير المسلمين:

يجوز للمسلم قبول ودائع غير المسلمين، وإيداعهم، لكن في حال الإيداع يشترط:

  • 1. مع كونهم غير محاربين.
  • 2. كونهم أمناء، بحيث يغلب على ظنه عدم خيانتهم، بجحد العارية، أو المماطلة في ردها.
  • العنصر الثالث: مسائل في الإهداء واللقيط.
أولا: هل يجوز للمسلم قبول هدية غير المسلم:

يجوز للمسلم قبول هدية غير المسلم وإهدائه، كما قبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هدية المقوقس ملك مصر، وكانت من ضمنها مارية القبطية، وكما أهدى عمر ـ رضي الله عنه ـ أخا له مشركا حلة من حرير كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعطاها عمر


ثانيا: حكم إتلاف أموال غير المسلمين:

أموال غير المسلمين من غير المحاربين التي أقرهم الإسلام على الانتفاع بها محترمة،
لا يجوز إتلافها، ولو كانت مما لا يجوز للمسلم حيازتها، كالخمر.


فأما أموال المحاربين
فيجوز للمسلمين إتلافها إذا كانت المصلحة في ذلك، كما أقر الله نبيه ومن معه من الأصحاب على قطع نخل يهود بني النضير في غزوة خيبر، بقوله ـ جل وعلا ـ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: 5] واللينة: النخلة.


ثالثا: حكم أخذ اللقيط الكافر:

اللقيط غير المسلم
(وهو الطفل المنبوذ أو التائه الذي لا يعرف والداه ووجد في بلد أكثر أهله غير مسلمين) له حق على المسلمين الذين عثروا عليه أن يتولوا حضانته، والإنفاق عليه، والقيام بمصالحه، كما يفعل باللقيط المسلم، لأن نفسه مكرمة محترمة، وقد قال ـ جل وعلا ـ {وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] [أحكام التعامل مع غير المسلمين – خالد الماجد]


وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة

  • عن زادي للتعلم الشرعي
    نفعنا الله واياكم





 
لدرس الثالث من الوحدة الثالثة: أحكام الوصايا والميراث المتعلقة بغير المسلمين.
  • الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
  • · أهلا وسهلافي هذا الدرس.
  • · هذا هو: الدرس الثالث من الوحدة الثالثة: (أحكام الوصايا والميراث المتعلقة بغير المسلمين).
عناصر الدرس: يتكون هذا الدرس من عنصرين:

§ الأول: مسائل في الوصايا.

§ الثاني: مسائل في الميراث.
  • · العنصر الأول: مسائل في الوصايا.
أولا: وصية المسلم للكافر أو العكس:

إن وصية غير المسلم للمسلم
جائزة، وتعد من باب الوصية، ولا ضرر في ذلك، جاء في الموسوعة الفقهية " إِسْلامُ الْمُوصِي لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِاتِّفَاقٍ، فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنَ الْكَافِرِ بِالْمَالِ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، لأَنَّ الْكُفْرَ لا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ التَّمْلِيكِ، وَلأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ فَكَذَا وَصِيَّتُهُ "..

قال ابن قدامة ــ رحمه الله ــ في حكم وصية الكافر:
" وَلا تَصِحُّ إلا بِمَا تَصِحُّ بِهِ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ، وَلَوْ أَوْصَى لِوَارِثِهِ، أَوْ لأَجْنَبِيٍّ، بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَقَفَ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، كَالْمُسْلِمِ سَوَاءٌ "، وإذا لم يكن له ورثة آخرون، فمن حق الموصي حينئذ أن يأخذ جميع المال الموصى به إليه. اهـ.

ما معنى هذا الكلام؟ الوصية في الإسلام جائزة فيما دون الثلث، كما في الحديث عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا، قَالَ: «يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: «لاَ»، قُلْتُ: فَالشَّطْرُ، قَالَ: «لاَ»، قُلْتُ: الثُّلُثُ، قَالَ: «فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِم.

كان ابن عباس رضي الله عنهما يرى أنه من الأفضل أن يوصي بالربع؛ لأن الرسول قال والثلث كثير صلى الله عليه وسلم.

لكن الفقهاء رأيهم على أنه يجوز أن يوصي إلى الثلث فعليه وصية المسلم لغير المسلم أو وصية غير المسلم للمسلم جائزة بالشروط الشرعية.

كيف بالشروط الشرعية؟ الشروط الشرعية هي أنه لا يوصي بأكثر من الثلث، هل يجوز أن يوصي الرجل إلى ابنه الرجل كافر والابن مسلم هل يجوز له أن يوصي إليه؟ لأنه حسب الإسلام لا وصية لوارث وهذا وارث؟ نقول لا، كيف وارث وأنه سيأتي معنا إن شاء الله في مسائل في الميراث أن المسلم لا يرث الكافر، فهذا هذا لا حرج فيه.

ثانيا: حكم وصية المسلم للكافر فوق الثلث:

إن وصية المسلم للكافر في حدود الثلث
جائزة ونافذة، وقد أوصت صفية بنت حيي ــ رضي الله عنها ــ لبعض أقاربها وهم يهود، وأما تقسيم التركة، فإنه لا يحتاج فيه لوصية، وإنما يرجع فيه إلى تقسيم الله للمواريث، الذي هو مبين في القرآن والسنة، ولا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، كما في حديث الصحيحين.

ثالثا: موانع الوصية:

وأما موانع الوصية، فإنها تمنع بما هو محرم في الشرع ولا تنفذ، كما تمنع الوصية لوارث، أو بأكثر من الثلث، ولا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة، ويدل لهذا قوله صلى الله عليه وسلم لسعد:
((الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ)) رواه البخاري ومسلم.

  • · العنصر الثاني: مسائل في الميراث.
أولا: هل يرث المسلم غير المسلم؟:
أسباب الإرث الثلاثة معروفة هي إما أن تكون بنسب أو مصاهرة أو ولاء، موانع الإرث أيضًا ثلاثة، ومنها: اختلاف دين، فمن أكبر الموانع التي تمنع الإنسان من أن يرث اختلاف الدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لاَ يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلاَ الكَافِرُ المُسْلِمَ)).

ثانيا: ماذا نفعل إذا تحاكم إلينا غير المسلمين في قسم المواريث:
إذا تحاكم إلينا غير المسلمين في قسم مواريثهم قسمناها على وفق شرعنا، وحينئذ فللمتحاكمين إلينا منهم حالتان:
الأولى: أن يكون المورث والوارث على دين واحد،
كأن يكونا نصارى فيرثه، ويقسم الإرث كما يقسم بين المسلمين.
الثانية: أن يختلف الدين، فيكون الميت الذي يراد قسم ميراثه نصرانيا ـ مثلا ـ ويكون قريبه الذي يراد توريثه يهوديا، الذي يظهر عندي أنا والعلم عند الله عز وجل أن ذلك لا يصلح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
((لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وقال الألباني: حسن صحيح. بمعنى أنهم لا يحصل بينهم توارث ولا يذكر عليه الصلاة والسلام الاسلام وغير الإسلام إنما ذكر ملتين، فلا يجوز على حسب هذا الحديث الصحيح أن يرث اليهودي نصراني أو نصراني يهودي بشرط أن يأتوا إلى المسلمين أو أن يكونوا تحت ظل الإسلام والمسلمين ويتحاكموا إلينا، أما في ما كان بينهم في هذا أمرهم وهذا يرجع لهم. إنما نحن نتحدث عن المسائل التي تأتي إلينا كمسلمين.

وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة.
  • عن زادي للتعلم الشرعي
    نفعنا الله واياكم.
 
الدرس الرابع من الوحدة الثالثة: أحكام فقه الأسرة المتعلقة بغير المسلمين.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

§ أهلا وسهلا في هذا الدرس.

§ هذا هو: الدرس الرابع من الوحدة الثالثة: (أحكام فقه الأسرة المتعلقة بغير المسلمين).

عناصر الدرس: يتكون هذا الدرس من عنصرين:

§ الأول: مسائل في الزواج.


§ الثاني: مسائل في الطلاق والحضانة.
  • العنصر الأول: مسائل في الزواج.
  • أولا: حكم النظر إلى الأجنبيات ومصافحتهم:

    لا يجوز للمسلم النظر إلى المرأة سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة، إذا كانت من غير محارمه؛ لعموم قول الله ـ جل وعلا ـ {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ..} النور [30].

    ولا يجوز له مسهن، ولا مصافحتهن؛ لعموم قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ((لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ رَجُلٍ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ)) رواه الطبراني وصححه الألباني.
    ويستثنى من ذلك ما إذا دعت الحاجة:
  • o كالنظر للمخطوبة،
  • o أو نظر القاضي أو الشاهد،
  • o أو نظر الطبيب ومسه لها.
وأما المرأة المسلمة فيجوز لها النظر إلى غير المسلمة، والعكس.
  • ثانيا: هل للكافر ولاية على المسلمة؟

    لا ولاية لغير المسلم على قريبته المسلمة في عقد نكاحها؛ لقول الله ـ جل وعلا ـ {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141]
    o ويكون وليها قريبها المسلم،
  • o فإن لم يوجد فالحاكم المسلم، أو من يمثله كالقاضي،
  • o أو مسؤول الجالية المسلمة،
  • o فإن لم يوجد فتوكل بعقد نكاحها من تجده من صالح المسلمين.
  • ثالثا: حكم نكاح غير المسلم للمسلمة:

    لا يجوز لغير المسلم نكاح المسلمة، سواء أكان من أهل الكتاب أم من غيرهم؛ لعموم قوله ـ جل وعلا ـ {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10]، وقوله {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221].
  • رابعا: حكم نكاح المسلم للكافرة:

    لا يجوز للمسلم نكاح الكافرة غير الكتابية، لقول الله ـ جل وعلا ـ {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221].

    وأما الكتابية
    فالأولى بالمسلم عدم نكاحها لوجود مخاطر على دينه ودين أولاده، فإن رغب في نكاحها جاز؛ لقول الله ـ جل وعلا ـ " {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5].
  • لكن يشترط للجواز خمسة شروط:
    • 1. كونها محصنة أي: عفيفة غير زانية. أما امرأة لها من الأخدان والأصحاب الشيء الكثير فهذا لا يجوز.
    • 2. كون عقد النكاح يجري وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
    • 3. ألا يخشى الأب المسلم أن يترتب على هذا العقد لوازم مخالفة للشريعة:
    • · مثل أن يكون قانون بلاد الكفر يعد الأولاد تبعا للأم في الدين، وهي الأحق من الأب المسلم بحضانتهم عند حصول الفرقة.
    • · أو تكون الأم متعصبة لدينها فتعلمه أولادها، أو تذهب بهم إلى كنائس النصارى، أو معابد اليهود؛ لأن في هذا إلحاق أعظم الضرر بأولاده الذين من صلبه، حيث يرضون بالكفر بعد إسلامهم.
    • توافر شروط عقد النكاح، وهي:

      لزواج بها.

      الأول: الرضا من الزوجين بالنكاح ومن لازمه معرفة الكتابية أن هذا نكاح وليس صداقة.



      الثاني: ولي الزوجة.



      الثالث: المهر.



      الرابع: الشاهدان.



      الخامس: الإيجاب من ولي الزوجة بأن يقول: زوجتك موليتي فلانة. والقبول من الزواج بأن يقول: قبلت ا

      عدم وجود مانع من موانع النكاح، ككونها في عدة طلاق أو وفاة، ولذا فعلى الزوج المسلم إن كانت الكتابية ثيبا التأكد من أنها اعتدت العدة الشرعية بعد فراقها لزوجها الأول، سواء أكانت فرقة بسبب طلاق زوجها لها، أو وفاته، وهي وضع الحمل إن كانت حاملا، أو أن تحيض ثلاث حيض إن لم تكن حاملا، أو مضي أربعة أشهر وعشرة أيام منذ وفاته.
  • سادسا: حكم نكاح الكفار فيما بينهم:

    يقر الإسلام غير المسلمين على أنكحتهم، ولا يطلب منهم تجديد عقودها إذا أسلموا؛ كما فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث أقر أنكحة من أسلم منهم، سواء أكانوا من أهل الكتاب أم من غيرهم في مكة والمدينة، ولم يبطلها.
    • · فإن أسلما جميعا فنكاحهما صحيحا، ويستمران عليه.
    • · وإن أسلم الرجل دون المرأة:
    • · فإن كانت من أهل الكتاب فكذلك نكاحهما صحيح ويبقيان عليه.
    • · وإن كانت من غير أهل الكتاب:
    • · فإن لم يكن دخل بها انفسخ نكاحهما في الحال دون حاجة إلى أن يطلقها.
    • · وإن كان بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء عدة طلاق بوضع حمل أو انتهاء ثلاث حيض.
    • · فإن أسلمت أثناء العدة فهي زوجته دون حاجة إلى تجديد العقد.
    • · وإن انقضت العدة وهي لم تسلم انفسخ عقدهما مباشرة ويحسب الانفساخ من حين أسلم الزوج، لقول الله ـ جل وعلا ـ {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] وقوله ـ جل وعلا ـ {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221].
    • · وإن أسلمت المرأة دون زوجها، سواء أكان كتابيا أم غير كتابي فهي في الحكم نفس حكم الزوج إذا أسلم وكانت زوجته غير كتابية، وبنفس التفصيل، لقوله ـ جل وعلا ـ {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10]. [أحكام التعامل مع غير المسلمين – خالد الماجد]
    • العنصر الثاني: مسائل في الطلاق والحضانة.
    • أولا: عدة الكتابية بعد تطليقها:



    إذا طلق المسلم زوجته الكتابية فعليها أن تعتد ثلاث حيض، أو تضع حملها إن كانت حاملا قبل أن تتزوج بغيره، كما تعتد المسلمة.

    وعليها الإحداد بعد وفاته إن توفى وهي في ذمته، لأن العدة والإحداد حق للزوج.

    ثانيا: حكم حضانة أولاد المسلم من زوجته الكتابية:

    حضانة أولاد المسلم من زوجته الكتابية إذا حصلت الفرقة بينهما للمسلم؛ لأنهم مسلمون تبعا لأبيهم، وقد قال الله ـ جل وعلا ـ
    {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141].

    وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة
    • عن زادي للتعلم الشرعي
      نفعنا الله واياكم.
 
لدرس الخامس من الوحدة الثالثة: أحكام الذبائح والأطعمة المتعلقة بغير المسلمين.

· الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
أهلا وسهلا في هذا الدرس.

· هذا هو: الدرس الخامس من الوحدة الثالثة: (أحكام الذبائح والأطعمة المتعلقة بغير المسلمين).

عناصر الدرس: يتكون هذا الدرس من عنصرين:

§ الأول: مأكولات غير المسلمين.

§ الثاني: ذبائح غير المسلمين.
  • · العنصر الأول: مأكولات غير المسلمين.
مأكولات غير المسلمين من غير اللحم الواجب ذبحه بالطريقة الإسلامية حلال، كالسمك والخضروات والفواكه وما صنع منها، ويشترط في ذلك ما يشترط في مأكولات المسلمين من كونها حلالا، مباحة، غير نجسة ولا متنجسة، لعدم الدليل المحرم لها فبقيت على الأصل وهو الحل، الذي دل عليه قول الله جل وعلا: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29].

معنى ذلك إذا أنا ذهبت إلى بلد هندوسي أو بوذي فلا حرج في أن أشرب شربة خضار مثلًا، ولكن الذي صنعها من غير ملة الإسلام ولا من أهل الكتاب نعم لا حرج.

  • · العنصر الثاني: ذبائح غير المسلمين.
لا يجوز أكل ذبائح غير المسلمين؛ لقوله ـ جل وعلا ـ { وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121]، ويستثنى من ذلك ذبائح اليهود والنصارى فقط، فيجوز أكلها شريطة أن يذبحوها بالطريقة الشرعية للذبح التي يجب على المسلم الذبح بها إن كانت مما يذبح كالشياه، بأن يقطعوا بالسكين ونحوها رقبتها من جهة البلعوم فيقطعوه ويفروا الودجين وهما الوريدان اللذان على جانبي الرقبة، أو ينحروها إن كانت مما ينحر كالإبل، بأن يضربوا نحرها بالحربة ونحوها حتى يخرج الدم كالنهر؛ لقول ـ جل وعلا ـ {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } [المائدة: 5] فإن ماتت بغير هذه الطريقة فهي ميتة حرام كميتة المسلم، بل وتحريمها أولى؛ لأنها ميتة كافر.
والمسلم من حيث علمه بطريقة موت ذبائح أهل الكتاب لا يخلو من إحدى ثلاث حالات:

الأولى: أن يتيقن أنها ماتت بغير الطريقة الإسلامية، أو يغلب ذلك على ظنه فلا يجوز له أكلها.
الثانية: أن يتيقن أنها ذبحت على الطريقة الإسلامية أو يغلب ذلك على ظنه فهي حلال.
الثالثة: أن يشك، ولا يغلب على ظنه شيء من ذلك فله الأكل منها؛ لأنه الأصل، والورع والترك. [أحكام التعامل مع غير المسلمين – خالد الماجد]
فالأصل أن طعام أهل الكتاب حلال لنا، والدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم دعته امرأة يهودية إلى شاةٍ جعلت فيها سمًّا تريد أن تقتله صلى الله عليه وسلم، فأجاب النبي عليه الصلاة والسلام دعوتها وأكل من الشاة التي أنطقها الله عز وجل فلفظ اللقمة التي أكلها وهي كانت أكثرت من السم في الكتف؛ لعلمها بأنه كا يحب الكتف عليه الصلاة والسلام.
الشاهد أن الرسول لم يسألها عليه الصلاة والسلام هل ذكرت اسم الله عندما ذبحتيها أو لا، ولم يسألها عليه الصلاة والسلام هل أنتِ ذبحتبها أو وجدتيها موقوذة أو متردية أو نطيحة أو أكل منها السبع، لم يسألها عن ذلك عليه الصلاة والسلام.
وعليه فالمذهب المرتضى عند أهل العلم هو أن من ذهب إلى بلاد النصرانية أو يهودية بالجملة يعني أهل البلاد مثلًا في بريطانيا معروف أنها بلد نصراني وشعاره الصليب فهذا لا حرج على المسلم أن يأكل من مطاعمها، ولا داعي أن يتحقق أو أن يبحث هل ذبحت أو لم تذبح؛ لأن الأصل في طعام أهل الكتاب الحل ما لم يأت دليل يثبت أنها سوى ذلك، ولكن يتفطن المسلم إلى أن المطاعم هذه إن كان يطبخ فيها لحوم محرمة مثل الخنزير فهذه لا يجوز لهم أن يأكل حتى يتأكد أنهم يستخدمون آنية مختلفة وأدوات المطبخ مثل السكين والشوكة مختلفة في طبخهم وطهيهم ويستخدمون زيتًا مختلفًا وموقدًا مختلفًا؛ لأن طعامه الحلال يتنجس بمخالطة هذا اللحم المحرم من خنزير ونحوه.

وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة.
عن زادي للتعلم الشرعي

نفعنا الله واياكم.
 
الدرس الأول من الوحدة الرابعة: التعامل مع الوالدين غير المسلمين.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

أهلا وسهلا بطلاب منصة زادي في هذا الدرس.

هذا هو: الدرس الأول من الوحدة الرابعة: (التعامل مع الوالدين غير المسلمين.)

عناصر الدرس: يتكون هذا الدرس من أربعة عناصر
  • الأول: صلة الوالدين الكافرين.
  • · الثاني: طاعة الوالدين الكافرين.
  • · الثالث: التعامل مع الأقارب غير المسلمين.
  • · الرابع: السكن مع الأقارب غير المسلمين.
  • العنصر الأول: صلة الوالدين الكافرين.
الوالد كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم هو (أوسط أبواب الجنة وقد حث الله عز وجل على بر الأم وجعل لها حق صحبتها ثلاثة أضعاف حق الوالد، وقال ربنا عز وجل: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 14، 15].

هذه الآية آية عظيمة، فيها وجوب بر الوالدين والإحسان إليهما وإن كانا كافرين، وهذا هو الشاهد من هذه الآية أن برهم واجب يجب على المسلم أن يبرهما؛ لأن الكفر راجع إليهما، أما برهما والإحسان إليهما وأداء حقوقهما فهذا حق إلهي، لكن قد يشكل على الإنسان كفرهما وهذا يسوقنا إلى:

  • العنصر الثاني: طاعة الوالدين الكافرين.
هل تلزم هذه الطاعة المسلم؟ العلماء اختلفوا ولكن الراجح الذي لا ينبغي أن يشك فيه هو أن طاعتهم واجبة ما لم يؤمر بمعصيه الله عز وجل؛ لأن الله تعالى قال في الآية السابقة: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}. نهانا الله عز وجل عن طاعتهما وأمرنا بالإحسان في صحبتها معه: {فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}. هذا نهي وأمر، فالنهي محمول على طاعتهما في الشرك، في الفسوق، في الفجور، في المعصية ما يجوز قولًا واحدًا.

ولا شك في ذلك أبدًا، ولا ينبغي للمسلم أن يتردد في ذلك ولكن
يجب عليه أن يطيعهما بالمعروف، بمعنى إذا أمرك أحدهما بمعصية فلا يجوز لك أن تطيعهم سواء كانا مسلمين أو كافرين، أمك نصرانية تأمرك أن تأخذها إلى الكنيسة أو تلزمك أن تدخل معها للصلاة لا يجوز لك أن تطيعها، والدك أو والدتك يأمراك بخلع الحجاب ويضيق عليك في أمر الصلاة أو الصيام أنتِ لا يجوز لكِ أن تطيعي أمره أبدًا، ولكن إن أمرك بشيء فيه مصلحة لهم ولا مضرة فيه عليك ولا على دينك أمرك والدك أن تحرس الحقل معه، لازمك أن تطيعه أمك أو أمكِ تريد منك أن تكنسي البيت يجب عليك أن تطيعيها ولا تقول هذه كافرة ولا يحل لمسلم على كافر أو شيء من هذا القبيل أبدًا.

إذن هذه المسألة لا بد أن تكون واضحة، هنا قد يسأل الإنسان ما الحل إن كان أحد الوالدين مرتد عن الدين، هذه المسألة مختلفة الآن الآية خاصة فيما يعرف باسم الكافر الأصلي، وهذا تقدم معنا في دروس ماضية، أما إن كان الكافر غير أصلي بمعنى أنه مرتد كان مسلمًا ثم ارتد فهذا لا حق لهما، بمعنى أن حق الطاعة والبر والإحسان يسقط.

وهذه مسألة عظيمة، بعض النساء يقول كيف وإن جاهداك على أن تشركا بي هذا في الكافر الأصلي، أما الكافر الذي ارتد المسلم الذي يرتد هذا قد أسقط حقه من بر وإحسان وصلة، ولكن الإنسان العاقل الحصيف يريد لوالديه الخير فلا حرج ولا تثريب عليه أن يستمر في مصاحبتهما بالإحسان ودعوتهما إلى الله عز وجل رغبةً في إنقاذهم من النار، ولكن لا يطيعهما ولا يبرهما ويحسن إليهم كما يفعل مع والد المسلم أو مع الكافر الأصلي.

  • العنصر الثالث: التعامل مع الأقارب غير المسلمين.
لا شك أن التعامل بالحسنى هو الأصل والأساس فهذا قريب وله حق إلا أنه كافر، إما أن أعامله بقسوة وهذا فظاظة وغلظة وهذا لا يأتي بخير أبدًا، فإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وإما أن أعامله بإحسان وأن أصله وأن أداريه كما قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: يا رسول الله إن أمي أتت راغبة أفأصلها؟ قال عليه الصلاة والسلام: نعم.

إذن نصلهم ونحسن إليهم مع وضع النية المبيتة في دعوتهم إلى الإسلام، إلى أخلاق عسى الله عز وجل أن يهديهم، وطرق الصلة كثيرة يعني النفقة، الإحسان، المساعدة، الهدايا، الكتب والأشرطة الدعوية، السي دي والديفيدي وهكذا.. كلها إن شاء الله لها أثر جيد على رأس ذلك كله المعاملة الحسنة، قال تعالى:
{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}.

  • · العنصر الرابع: السكن مع الأقارب غير المسلمين.
لا شك أن الإنسان إن كان في سعة الأفضل أن يسكن في بيت تحت ظل أو مظلة الإسلام والتعامل الإسلامي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ)) [رواه أبو داود وحسنه الألباني]. لكن إن لم يستطع الإنسان إلا أن يسكن وهذا في الغالب في دول الغرب هو الغالب أن الرجل يسلم أو المرأة تسلم ولا سبيل لهما إذا السكنى مع المسلمين، فلا حرج أن يجلس مع أقاربه مع الاستمرار في نصحهم والتذكير، وأن يحسن صحبتهم وأن يدعوهم إلى الله عز وجل.
وألا يرضى ولا يسمح بالمشاركة في المنكر، فلا يقول معهم الحرام ولا يجالسهم إذا شربوا الخمر ولا يشاركهم في الجلسات التي فيها اختلاط محرم أو فيها تأثير على عقيدته وعلى إيمانه.
وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة
عن زادي للتعلم الشرعي

نفعنا الله واياكم.
 
  • الدرس الثالث من الوحدة الرابعة: التعاملات عند الإقامة في بلاد غير المسلمين.
  • · الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
  • · أهلا وسهلا في هذا الدرس.
    • · هذا هو: الدرس الثالث من الوحدة الرابعة: (التعاملات عند الإقامة في بلاد غير المسلمين).
    • عناصر الدرس: يتكون هذا الدرس من ثلاثة عناصر:
    • § الأولى: أثر العيش في بلاد الكفار.
    • § الثاني: حكم الإقامة في بلاد الكفار.
    • § الثالث: شروط الإقامة في بلاد الكفار.
      • العنصر الأول: أثر العيش في بلاد الكفار:
      • لا شك أن الصاحب ساحب، وأن النفس البشرية تتأثر بمن أحاط بها، فالماء الزلال الطيب يتأثر إن جاورته جيفة، والإنسان إذا جلس مع من يضحكون ضحك معهم وسر، وإن جلس من مع من فيه شيء من حزن واكتئاب وتأثر لا شك أنه يتأثر، والحال أعظم أثرًا إن كان بالنسبة للإقامة في بلاد غير المسلمين، فأي رجل منا ذهب إلى بلاد الغرب يلمس ذلك واضحًا في العوائل أو العائلات المسلمة التي ذهبت من عقود من الزمان للسكنى لظروف، إما طلبًا للعيش أو لفرارًا لدين أو نحو من ذلك.

      لذلك تجد منه مر الشكوى في الأثر الذي يجدونه على أولادهم في تأثر أولادهم وبناتهم بالعقائد التالفة الفاسدة في انتشار الشهوات فيهم انتشار النار في الهشيم، من مخدرات، ومن أفلام جنسية، ومن علاقات محرمة، ومن بعد عن الالتزام بالدين ظاهرًا وباطنًا، فأكثرهم لا يعرفون القبلة ولا يصلون إلا من رحم الله.

      وهنالك أيضًا ما هو أعظم من استهزاء بالدين وشعائره، بالقرآن، بالنبي صلى الله عليه وسلم. إذن لا شك أن أثر الإقامة بين ظهراني المشركين والكفار له أثر خطير مدمر على نفس المسلم؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:
      ((أنا بريءٌ ممن أقام بين ظهراني المشركين تترأى نارهما)). يعني القرب والجيرة أن هذا يرى ناري وأنا أرى ناره، هذا له أثر مدمر على العقيدة الإسلامية.
    • العنصر الثاني: حكم الإقامة في بلاد الكفار:
    • الإقامة في بلاد الكفر قد تكون جائزة، وقد تكون مستحبة، وقد تكون محرمة، وهذا بحسب حال المقيم وغرض إقامته ومدى قدرته على إظهار هذا الدين والتفصيل فيها قد يطول معنا، ولكن يكفي أن نعلم أن العلماء منذ قديم الزمان يقول لا يجوز للمسلم أن يذهب لا أن يقيم، أن يذهب إلى بلاد الكفار إلا بشروط ثلاثة..

    - أن يكون له تقى تحول بينه وبين الشهوات.

    - وأن يكون عنده علم يحول بينه وبين الشبهات.

    - وأن يكون لسفره حاجةٌ شرعية ملحة، لا تكون متوفرة في أي بلد غير تلك البلاد.

  • العنصر الثالث: شروط الإقامة في بلاد الكفار:
فالإقامة في بلاد الكفر لا بد فيها من شرطين أساسين:
الشرط الأول: أمن المقيم على دينه، بحيث يكون عنده من العلم والإيمان وقوة العزيمة ما يطمئنه على الثبات على دينه، والحذر من الانحراف والزيغ، وأن يكون مضمرا لعداوة الكافرين وبغضهم، مبتعدا عن موالاتهم ومحبتهم، فإن موالاتهم ومحبتهم مما ينافي الإيمان، قال الله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} المجادلة/22. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة: 51، 52]، وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ)) متفق عليه
ومحبة أعداء الله من أعظم ما يكون خطرا على المسلم، لأن محبتهم تستلزم موافقتهم واتباعهم، أو على الأقل عدم الإنكار عليهم.
الشرط الثاني: أن يتمكن من إظهار دينه، بحيث يقوم بشعائر الإسلام بدون ممانع، فلا يمنع من إقامة الصلاة والجمعة والجماعات إن كان معه من يصلي جماعة ومن يقيم الجمعة، ولا يمنع من الزكاة والصيام والحج وغيرها من شعائر الدين، فإن كان لا يتمكن من ذلك لم تجز الإقامة لوجوب الهجرة حينئذ.
قال ابن قدامة في المغني: في الكلام على أقسام الناس في الهجرة:

أحدها: من تجب عليه وهو من يقدر عليها ولا يمكنه إظهار دينه، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار فهذا تجب عليه الهجرة لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97]. وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
الثاني: من لا هجرة عليه. وهو من يعجز عنها، إما لمرض أو إكراه على الإقامة أو ضعف، من النساء والولدان وشبههم، فهذا لا هجرة عليه؛ لقول الله تعالى: (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا). ولا توصف باستحباب؛ لأنها غير مقدور عليها.
والثالث: من تستحب له [أي الهجرة]، ولا تجب عليه. وهو من يقدر عليها، لكنه يتمكن من إظهار دينه، وإقامته في دار الكفر، فتستحب له، ليتمكن من جهادهم، وتكثير المسلمين، ومعونتهم، ويتخلص من تكثير الكفار، ومخالطتهم، ورؤية المنكر بينهم. ولا تجب عليه؛ لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة" انتهى من "المغني" (9/236).
ومن ذلك يُعلم أنه يمكن أن تكون إقامة المسلم في تلك البلاد إقامة
جائزة، بل مستحبة، إذا أظهر دينه، ودعا إليه، وحصّل من العلم الشرعي ما يدفع به الشبهات، ووالى في الله، وعادى في الله، لكن يبقى عليه خطر البيئة المحيطة وأثرها على نفسه وأولاده، وهذه تحتاج كما سبق إلى تعاون بين أهل الإسلام، لتكون لديهم المراكز الدعوية العامرة بذكر الله، الجاذبة لأبناء المسلمين وبناتهم، ليتعلموا الخير، وينشروا الهدى.
وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة
عن زادي للتعلم الشرعي

نفعنا الله واياكم.
 
  • الدرس الثالث من الوحدة الرابعة: التعاملات عند العمل مع غير المسلمين.
  • · الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
  • · أهلا وسهلا في هذا الدرس.
  • § الأول: حكم استئجار الكفار.
  • § الثاني: حكم عمل المسلم عند الكافر.
  • § الثالث: حكم مشاركة المسلم للكافر.
    • · العنصر الأول: حكم استئجار الكفار:
    • يجوز استئجار الكفار في المصالح العامة والخاصة التي تعود على المسلمين بالنفع

    • فإذا حصلت مفسدة في استئجارهم، فدرء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، كما رأى عمر رضي الله عنه المفسدة في بقاء يهود خيبر بين المسلمين فأجلاهم عنها.
  • 1. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالتْ: ((اسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ)) أخرجه البخاري. فاستئجار النبي عليه الصلاة والسلام للكافر دليل على جواز ذلك عند أمن مكرهم وعند أمانتهم وصدقهم وعند عدم حصول الضرر على المسلمين، وإلا إن خيف من الضرر فالنبي يقول عليه الصلاة والسلام: (لا ضرر ولا ضرار).
  • 2. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ((أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَجْلَى اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ اليَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتِ الأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَأَرَادَ إِخْرَاجَ اليَهُودِ مِنْهَا، فَسَأَلَتِ اليَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُقِرَّهُمْ بِهَا، أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا، وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا»، فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلاَهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاءَ)) متفق عليه
    • · العنصر الثاني: حكم عمل المسلم عند الكافر:
    • يجوز للمسلم العمل عند الكافر بثلاثة شروط
  • 1. أن يكون عمله فيما يحل للمسلم فعله كبناء منزل، وتوصيل متاع ونحوهما.
  • 2. ألا يعينهم فيما يعود ضرره على المسلمين.
  • 3. ألا يكون في العمل إذلالٌ للمسلم.
فلا يجوز للمسلم إجارة نفسه في خدمة الكافر؛ لما فيه من إذلال المسلم، وسيطرة الكافر على المسلم، ويجوز للمسلم العمل عند الكافر في غير خدمته كما سبق.

قال الله تعالى عن يوسف؟:
{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 54، 55] [موسوعة الفقه الإسلامي- محمد إبراهيم التويجري]

  • العنصر الثالث: حكم مشاركة المسلم للكافر:
أولاً: مشاركة المسلم للكافر في التجارة أو العمل جائزة، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ اليَهُودَ: أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا)). رواه البخاري (2366).
فهذه مشاركة بين النبي صلى الله عليه وسلم واليهود على العمل في الأرض، فالعمل من اليهود، والأرض من النبي صلى الله عليه وسلم، والزرع الناتج يقسم مناصفة. والحديث بوَّب عليه البخاري في كتاب الشركة من صحيحه بقوله: " باب مشاركة الذمي والمشركين في المزارعة ".

ثانياً: مشاركة المسلم للكافر تكون ممنوعة إذا كانت ستؤدي إلى موالاة الكافر ومحبته. والذي ينبغي أيضاً إذا كانت المشاركة في التجارة أن يتولى المسلم التجارة بنفسه، أو يكون رقيباً على معاملات الكافر، حتى لا يتعامل بالربا أو غيره من المحرمات.

قال الشيخ صالح الفوزان في " الملخص الفقهي ":
"وتجوز مشاركة المسلم للكافر بشرط أن لا ينفرد الكافر بالتصرف، بل يكون بإشراف المسلم؛ لئلا يتعامل الكافر بالربا، أو المحرمات إذا انفرد عن إشراف المسلم" انتهى.

وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة
عن زادي للتعلم الشرعي

نفعنا الله واياكم.
 
المقطع الختامي.

· الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

· هذا هو: خاتمة الدروس.

وفيه: أهم الوصايا والتوجيهات:

·
الأولى: ملخص المساق.


· الثانية: أهم الكتب المتعلقة بهذا المساق.
  • · ملخص المساق.
يتكون هذا المساق من أربع وحدات:

§ الوحدة الأولى: مقدمات أساسية:

o الدرس الأول: مكانة الإسلام وعظمته.

o الدرس الثاني: أصناف غير المسلمين في المجتمع الإسلامي.

o الدرس الثالث: حقوق غير المسلمين.

o الدرس الرابع: مظاهر التعامل الإسلامي مع غير المسلمين.
o الدرس الخامس: ضوابط التعامل مع غير المسلمين.
o الدرس السادس: صور سماحة الإسلام.

o الدرس السابع: الأحكام العقدية.

الوحدة الثانية: معالم في دعوة غير المسلمين.

o الدرس الأول: أساليب دعوة غير المسلمين إلى الإسلام.

o الدرس الثاني: طرق الإحسان لغير المسلمين.

o الدرس الثالث: وسائل الحديثة المعينة لدعوة غير المسلمين.

o الدرس الرابع : بيان محاسن الإسلام (أوامر الإسلام).

o الدرس الخامس : بيان محاسن الإسلام (نواهي الإسلام).

الوحدة الثالثة: فقهيات التعامل مع غير المسلمين:

o الدرس الأول: أحكام العبادات.

o الدرس الثاني: أحكام المعاملات المالية.

o الدرس الثالث: أحكام الميراث والوصايا.

o الدرس الرابع: أحكام فقه الأسرة.

o الدرس الخامس: أحكام الذبائح والأطعمة.
  • لوحدة الرابعة: التعاملات مع غير المسلمين.

    o الدرس الأول: التعامل مع الوالدين غير المسلمين.

    o الدرس الثاني: التعاملات عند الإقامة في بلاد غير المسلمين.

    o الدرس الثالث: التعاملات عند العمل مع غير المسلمين.
    • · أهم الكتب المتعلقة بهذا المساق.
    • · أحكام التعامل مع غير المسلمين – خالد بن محمد الماجد.
    • · التعامل مع غير المسلمين – د. عبد الله بن إبراهيم الطريقي.
    • · التعامل مع غير المسلمين في السنة النبوية- د. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين.
    • سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين د. عبد الله بن إبراهيم اللحيدان.
    • الحمد لله الذي وفقني لختام هذا المساق
    • نساله ان يتقبله خالصا لوجهه
    • وان ينفعنا وينفعكم ان شاء الله
    • تم بحمد لله.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top