الدرس الأول من الوحدة الثالثة: أحكام العبادات المتعلقة بغير المسلمين.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
§ أهلا وسهلا في هذا الدرس.
§ هذا هو: الدرس الأول من الوحدة الثالثة: (أحكام العبادات المتعلقة بغير المسلمين).
§ الثاني: مسائل في الصلاة.
§ الثالث: مسائل في الزكاة والصدقة.
ثانيا: أواني غير المسلمين: لا تخلو من إحدى حالين:
الأولى: أن تكون مصنوعة من محرم لذاته، كجلد الكلب والخنزير، وكآنية الذهب والفضة، أو لوصفه كمغصوب ومسروق فلا يجوز استعمالها؛ لأنها لو كانت آنية مسلمين ما جاز استعمالها فكيف وهي آنية كفار.
الثانية: أن تكون مصنوعة من مادة طاهرة مباحة كالحجر والخشب والحديد وسائر المعادن والزجاج، فإن اشتراها المسلم جديدة فاستعمالها جائز، وإن كان يستعملها غير المسلمين ويطبخون فيها، ويأكلون ويشربون فلا يخلو الحال من أحد ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن يغلب على ظنه عدم استعمالهم هذه الأواني في المآكل والمشارب المحرمة فيجوز استعمالها مباشرة دون غسل؛ لحديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: ((كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَسْقِيَتِهِمْ فَنَسْتَمْتِعُ بِهَا، فَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ)) [رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني].
الأمر الثاني: أن يغلب على ظن المسلم أنهم يطبخون فيها اللحوم والأشربة المحرمة ويأكلون ويشربون، فإن وجد المسلم غيرها لم يجز له استعمالها، وإن لم يجد وجب غسلها لإزالة المحرمات عنها، ثم له أن يستعملها؛ لحديث أبي ثعلبة الخشني أنه قال: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟... قَالَ: «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلاَ تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا)» رواه البخاري.
الأمر الثالث: أن يشك فلا يغلب على ظنه شيء فيعمل بالأحوط وهو غسل الأواني قبل تناولها.
وبناء على ما سبق تجوز الصلاة في مصنوعاتهم من اللباس والفرش الطاهرة المباحة.
فالاختتان بالنسبة للذكور واجب، وبالنسبة للإناث مستحب، ولكن هذا لا يجوز أن يمنع الكافر من الإسلام، فنحن لا نقف حجر عثرة عند الكافر، ونقول له إما أن تتختن وإما أن لا تسلم، لا هذا ليس من الفقه، اجعله يسلم ويلتزم بالإسلام وبعد ذلك خاطبه برفق في مسألة الاختتان، فإن لم يرد ذلك أو خاف على نفسه فلا حرج من تأخير ذلك إن شاء الله.
لا يجوز دخول غير المسلمين المسجد الحرام مطلقا ـ والمقصود به حرم مكة شرفها الله ومن باب أولى مسجد الكعبة ـ ولو كان بإذن من المسلمين، أو لحاجة، أو لقصد تأليف قلوبهم على الإسلام.
فأما غيره من المساجد فمحل خلاف بين أهل العلم، والراجح جوازه إذا كان لحاجة أو لمصلحة، والدليل على هذا أن الكفار كانوا يدخلون على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مسجد المدينة ولم يكن يمنعهم، بل إنه حبس ثمامة بن أثال في مسجد المدينة قبل أن يسلم ـ رضي الله عنه ـ.
ثالثا: حكم مس الكافر للمصحف:
لا يجوز تمكين غير المسلمين من أخذ المصحف بإهداء أو بيع، أو وصية، أو رهن؛ لأنهم لا يؤمنون من أن يهينوا المصحف، ولا يجوز تمكينهم من مسه؛ لقول الله ـ جل وعلا ـ {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] لكن يجوز إعطاؤهم ترجمة للمصحف إن رجي إسلامهم، لا إن خشي أن يهينوا الترجمة، أو يستغلوها في عدواتهم للإسلام وأهلهم.
رابعا: حكم موافقة غير المسلمين في أماكن الصلاة وأزمانها:
لا يجوز للمسلم قصد موافقة غير المسلمين في أماكن الصلاة، كالكنائس، ولا في أزمنتها، كوقت طلوع الشمس وقبل أن ترتفع قيد رمح، أو وقت غروبها، إلا ما خصه الدليل وهي الصلوات ذوات الأسباب، كصلاة الجنازة فيجوز أداؤها قبيل الغروب وقبيل الإشراق.
خامسا: حكم تغسيل الكافر وتكفينه والصلاة عليه والدعاء له:
ولا يجوز للمسلم تغسيله، ولا تكفينه؛ لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألقى قتلى بدر من المشركين في القليب، بلا غسل، ولا تكفين.
ولا تجوز الصلاة عليه؛ لقوله ـ جل وعلا ـ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84]. ولا الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، أو قول: المرحوم فلان؛ لقوله ـ جل وعلا ـ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: 113].
كما لا يجوز للمسلم تولي دفن غير المسلم كما يدفن أموات المسلمين، وإذا لم يكن للكافر الميت قريب يدفنه، فللمسلم أن يواري جثته في التراب ليمنع تأذي الخلق، كما لا يجوز للمسلم أن يتبع جنازته، أو يمشي فيها، أو يحملها معهم، أو يحضر دفنه إذا أراد أهله دفنه؛ لقوله ـ جل وعلا ـ: {وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84].
ولا يجوز دفنه في مقابر المسلمين، بل يدفن في مقابر مثله من غير المسلمين؛ لفعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإجماع المسلمين على ذلك، إلا إذا ماتت امرأة كتابية زوجها مسلم وهي حامل منه، وقد بلغ عمر الحمل أكثر من ثلاثة أشهر فإنها تدفن في مقابر المسلمين، ويكون ظهرها إلى القبلة؛ ليكون وجه حملها مستقبل القبلة؛ لأن الجنين مسلم؛ لكون أبيه مسلما، والمسلم لا يجوز دفنه في مقابر غير المسلمين، فرعاية لحقه تقدم مصلحة دفنه في مقابر المسلمين على مفسدة دفن أمه فيها. [أحكام التعامل مع غير المسلمين – خالد الماجد]
لا يجوز دفع زكاة المال والفطر إلى غير المسلمين؛ لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلت ـ لمعاذ حيث بعثه إلى اليمن: (فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً _وهي الزكاة_ فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) متفق عليه. يعني أغنياء المسلمين وفقرائهم، ويستثنى من ذلك إذا كان غير المسلم من المؤلفة قلوبهم الذين يتحقق بإعطائهم من الزكاة تحصيل مصلحة المسلمين، أو دفع مفسدة، أو دخوله في الإسلام؛ لقوله ـ جل وعلا ـ {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 60]
ثانيا: حكم دفع الصدقة لغير المسلمين:
يجوز للمسلم أن يتصدق على غير المسلم إذا كان غير حربي، ويوصى له، ويهدي إليه، ويكرمه بماله، ويكافئه على المعروف الذي صنعت إليه؛ لأنه من البر المباح تقديمه لهم بقول الله ـ جل وعلا ـ {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]؛ ولعموم قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ) متفق عليه. ولحديث أسماء بنت أبي بكر الصديق أن أمها جاءتها راغبة في صلتها وهي مشركة فاستأذنت رسول الله أن تتصدق على أمها فأذن لها، وأهدى عمر حلة من حرير لأخ له مشرك. إلا أنه لا يجوز أن يهديه شيئا إذا كان سبب الهدية غير مشروع؛ كالهدية بسبب عيد من أعيادهم الدينية.
ويجوز للمسلم أن يقبل هدية غير المسلم إذا كانت مباحة، وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدية المقوقس وكان غير مسلم. [أحكام التعامل مع غير المسلمين – خالد الماجد]
وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
§ أهلا وسهلا في هذا الدرس.
§ هذا هو: الدرس الأول من الوحدة الثالثة: (أحكام العبادات المتعلقة بغير المسلمين).
عناصر الدرس: يتكون هذا الدرس من ثلاثة عناصر:
§ الأول: مسائل في الطهارات.§ الثاني: مسائل في الصلاة.
§ الثالث: مسائل في الزكاة والصدقة.
- العنصر الأول: مسائل في الطهارات.
- أولا: ذوات المشركين وثيابهم:
- يقول الله ـ جل وعلا ـ {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] والراجح أن المراد بالنجاسة هنا النجاسة المعنوية الحاصلة فيهم بالكفر، وليست النجاسة الحسية، ولذا جاز الزواج بالمحصنات من الكتابيات، ومس أبدانهم بالمصافحة إذا ابتدؤنا، ولبس ثيابهم التي يخيطونها، بل حتى التي يلبسونها، ما دام لم تصبها نجاسة، كثياب المسلمين
ثانيا: أواني غير المسلمين: لا تخلو من إحدى حالين:
الأولى: أن تكون مصنوعة من محرم لذاته، كجلد الكلب والخنزير، وكآنية الذهب والفضة، أو لوصفه كمغصوب ومسروق فلا يجوز استعمالها؛ لأنها لو كانت آنية مسلمين ما جاز استعمالها فكيف وهي آنية كفار.
الثانية: أن تكون مصنوعة من مادة طاهرة مباحة كالحجر والخشب والحديد وسائر المعادن والزجاج، فإن اشتراها المسلم جديدة فاستعمالها جائز، وإن كان يستعملها غير المسلمين ويطبخون فيها، ويأكلون ويشربون فلا يخلو الحال من أحد ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن يغلب على ظنه عدم استعمالهم هذه الأواني في المآكل والمشارب المحرمة فيجوز استعمالها مباشرة دون غسل؛ لحديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: ((كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَسْقِيَتِهِمْ فَنَسْتَمْتِعُ بِهَا، فَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ)) [رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني].
الأمر الثاني: أن يغلب على ظن المسلم أنهم يطبخون فيها اللحوم والأشربة المحرمة ويأكلون ويشربون، فإن وجد المسلم غيرها لم يجز له استعمالها، وإن لم يجد وجب غسلها لإزالة المحرمات عنها، ثم له أن يستعملها؛ لحديث أبي ثعلبة الخشني أنه قال: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟... قَالَ: «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلاَ تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا)» رواه البخاري.
الأمر الثالث: أن يشك فلا يغلب على ظنه شيء فيعمل بالأحوط وهو غسل الأواني قبل تناولها.
وبناء على ما سبق تجوز الصلاة في مصنوعاتهم من اللباس والفرش الطاهرة المباحة.
- ثالثا: الاغتسال الكافر إذا أسلم.
- ينبغي للشخص إذا أسلم أن يغتسل؛ لحديث قيس بن عاصم أَنَّهُ أَسْلَمَ «فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» [رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وحسنه الترمذي، وصححه الألباني]. فالذين جاء الأمر في غسلهم عند الإسلام جاء في مواضع محدودة، بينما الذين أسلموا كثر جدًّا ولم يأت في إسلامهم سوى التلفظ بالشهادة، ولكنها سنة مؤكدة وهي أحوط وأسلم للمسلم، أن للذي يريد الإسلام أن يغتسل.
وللمسلم إلزام زوجته الكتابية بالاغتسال بعد الطهارة من الحيض والنفاس، والتطهر من النجاسات كالبول؛ رعاية لحقه في نظافتها، الذي هو كمال حقه في الاستمتاع بها، وإن كان لا يجب عليها الاغتسال من حيث الأصل. وذهب بعضهم أنه يجب، لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، ولكن لايقبل منها إلا بعد الدخول في الإسلام. - رابعا: اختنان الكافر إذا أسلم.
فالاختتان بالنسبة للذكور واجب، وبالنسبة للإناث مستحب، ولكن هذا لا يجوز أن يمنع الكافر من الإسلام، فنحن لا نقف حجر عثرة عند الكافر، ونقول له إما أن تتختن وإما أن لا تسلم، لا هذا ليس من الفقه، اجعله يسلم ويلتزم بالإسلام وبعد ذلك خاطبه برفق في مسألة الاختتان، فإن لم يرد ذلك أو خاف على نفسه فلا حرج من تأخير ذلك إن شاء الله.
- · العنصر الثاني: مسائل في الصلاة.
- أولا: حكم الصلاة في دور العبادة للكفار كالكنائس:
- الأصل عدم جواز الصلاة في دور عبادة غير المسلمين كالكنائس والبيع وبيوت النار، إلا أنه يستثنى من الأصل حال الاضطرار إلى الصلاة فيها لعدم وجود مكان غيرها يصلي فيه المسلم، كما لو حبس فيها، فإن أمكنه إزالة التصاوير والمجسمات من أمامه وجب عليه أن يزيلها، أو يصلي في جانب من المعبد بحيث لا تكون النار أو التصاوير في قبلته.
لا يجوز دخول غير المسلمين المسجد الحرام مطلقا ـ والمقصود به حرم مكة شرفها الله ومن باب أولى مسجد الكعبة ـ ولو كان بإذن من المسلمين، أو لحاجة، أو لقصد تأليف قلوبهم على الإسلام.
فأما غيره من المساجد فمحل خلاف بين أهل العلم، والراجح جوازه إذا كان لحاجة أو لمصلحة، والدليل على هذا أن الكفار كانوا يدخلون على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مسجد المدينة ولم يكن يمنعهم، بل إنه حبس ثمامة بن أثال في مسجد المدينة قبل أن يسلم ـ رضي الله عنه ـ.
ثالثا: حكم مس الكافر للمصحف:
لا يجوز تمكين غير المسلمين من أخذ المصحف بإهداء أو بيع، أو وصية، أو رهن؛ لأنهم لا يؤمنون من أن يهينوا المصحف، ولا يجوز تمكينهم من مسه؛ لقول الله ـ جل وعلا ـ {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] لكن يجوز إعطاؤهم ترجمة للمصحف إن رجي إسلامهم، لا إن خشي أن يهينوا الترجمة، أو يستغلوها في عدواتهم للإسلام وأهلهم.
رابعا: حكم موافقة غير المسلمين في أماكن الصلاة وأزمانها:
لا يجوز للمسلم قصد موافقة غير المسلمين في أماكن الصلاة، كالكنائس، ولا في أزمنتها، كوقت طلوع الشمس وقبل أن ترتفع قيد رمح، أو وقت غروبها، إلا ما خصه الدليل وهي الصلوات ذوات الأسباب، كصلاة الجنازة فيجوز أداؤها قبيل الغروب وقبيل الإشراق.
خامسا: حكم تغسيل الكافر وتكفينه والصلاة عليه والدعاء له:
ولا يجوز للمسلم تغسيله، ولا تكفينه؛ لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألقى قتلى بدر من المشركين في القليب، بلا غسل، ولا تكفين.
ولا تجوز الصلاة عليه؛ لقوله ـ جل وعلا ـ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84]. ولا الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، أو قول: المرحوم فلان؛ لقوله ـ جل وعلا ـ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: 113].
كما لا يجوز للمسلم تولي دفن غير المسلم كما يدفن أموات المسلمين، وإذا لم يكن للكافر الميت قريب يدفنه، فللمسلم أن يواري جثته في التراب ليمنع تأذي الخلق، كما لا يجوز للمسلم أن يتبع جنازته، أو يمشي فيها، أو يحملها معهم، أو يحضر دفنه إذا أراد أهله دفنه؛ لقوله ـ جل وعلا ـ: {وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84].
ولا يجوز دفنه في مقابر المسلمين، بل يدفن في مقابر مثله من غير المسلمين؛ لفعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإجماع المسلمين على ذلك، إلا إذا ماتت امرأة كتابية زوجها مسلم وهي حامل منه، وقد بلغ عمر الحمل أكثر من ثلاثة أشهر فإنها تدفن في مقابر المسلمين، ويكون ظهرها إلى القبلة؛ ليكون وجه حملها مستقبل القبلة؛ لأن الجنين مسلم؛ لكون أبيه مسلما، والمسلم لا يجوز دفنه في مقابر غير المسلمين، فرعاية لحقه تقدم مصلحة دفنه في مقابر المسلمين على مفسدة دفن أمه فيها. [أحكام التعامل مع غير المسلمين – خالد الماجد]
- العنصر الثالث: مسائل في الزكاة والصدقة.
لا يجوز دفع زكاة المال والفطر إلى غير المسلمين؛ لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلت ـ لمعاذ حيث بعثه إلى اليمن: (فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً _وهي الزكاة_ فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) متفق عليه. يعني أغنياء المسلمين وفقرائهم، ويستثنى من ذلك إذا كان غير المسلم من المؤلفة قلوبهم الذين يتحقق بإعطائهم من الزكاة تحصيل مصلحة المسلمين، أو دفع مفسدة، أو دخوله في الإسلام؛ لقوله ـ جل وعلا ـ {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 60]
ثانيا: حكم دفع الصدقة لغير المسلمين:
يجوز للمسلم أن يتصدق على غير المسلم إذا كان غير حربي، ويوصى له، ويهدي إليه، ويكرمه بماله، ويكافئه على المعروف الذي صنعت إليه؛ لأنه من البر المباح تقديمه لهم بقول الله ـ جل وعلا ـ {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]؛ ولعموم قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ) متفق عليه. ولحديث أسماء بنت أبي بكر الصديق أن أمها جاءتها راغبة في صلتها وهي مشركة فاستأذنت رسول الله أن تتصدق على أمها فأذن لها، وأهدى عمر حلة من حرير لأخ له مشرك. إلا أنه لا يجوز أن يهديه شيئا إذا كان سبب الهدية غير مشروع؛ كالهدية بسبب عيد من أعيادهم الدينية.
ويجوز للمسلم أن يقبل هدية غير المسلم إذا كانت مباحة، وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدية المقوقس وكان غير مسلم. [أحكام التعامل مع غير المسلمين – خالد الماجد]
وبهذا ننتهي من هذا الدرس ونلقاكم في الدروس القادمة
- عن زادي للتعلم الشرعي
نفعنا الله واياكم