سؤال في الدين ...؟؟ هام لجميع الأعضاء


2هل يجوز للواحد فينا أن يتوضأ بنية العبادة
أثناء استحمامه-يعني قبل ارتداء ملابسه-أم يجب عليه أن يكون
ساترا لجميع بدنه..؟؟
[font=&quot]السؤال[/font][font=&quot] :
[/font][font=&quot]عورة الرجل من السرة إلى الركبة فما حكم وضوئه عارياً أو لابساً سروالاً قصيراً لا يستر ركبته ؟[/font][font=&quot][/font]
[font=&quot]
[/font][font=&quot]الجواب[/font][font=&quot]:
[/font][font=&quot]الحمد لله[/font][font=&quot]
[/font][font=&quot]يصح وضوؤه ، لأن كشف العورة ولبس السروال القصير لا يمنعان من صحة الوضوء ، ولكن يحرم عليه كشف عورته بحضرة غير زوجته أو سريته وهي الأمة المملوكة له التي يباح له الاستمتاع بها[/font][font=&quot] . [/font]
[font=&quot]فتاوى اللجنة الدائمة 5/235[/font][font=&quot][/font]
[font=&quot]هل يصح الوضوء والإنسان متعرٍ تماماً بعد استحمامه في مكانٍ واحد؟[/font][font=&quot][/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot]لا نعلم حرجاً في ذلك، إذا توضأ وهو عاري لا حرج في ذلك، وإن لبس وتوضأ فهو أحسن وأكمل. بارك الله فيكم.
من موقع الشيخ العلامة الفقيد ابن باز رحمه الله رحمة واسعة.

قال العبد الفقير أبو ليث: ومن ذلك فلا حرج على الأخت فيما اذ توضئت على الحالة المذكورة أنفا، و ان كان الستر أفضل و أكمل كما أبان ذلك فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله. [/font]
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أدخل على هذه المواقع الطيبة لبعض مشائخ الجزائر الأفاضل، و قم بطرح السؤال في القسم الخاص للاستفتاء، أخي الحبيب، وفقني الله و اياك للفقه في دينه.
الموقع الرسمي للشيخ أبي سعيد بلعيد بن أحمد الجزائري حفظه الله


الصفحة الرئيسة لموقع الشيخ أبي عبد المعزّ محمّد علي فركوس - حفظه الله

الله يبارك فيك أخي أبو الليث
سأجرب مراسلتهم
 
السؤال: أنا أدرس بالثانوية ، وعند حصة العلوم الإسلامية تطلب الأستاذة منا التجويد ، فأما صديقتي فتود الترتيل مع أننا ندرس مع الذكور ، فقلت لها أن صوت المرأة عورة ، لكنها لم تستمع ، فما قولكم ؟


الجواب :
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز للمرأة أن تخالط الرجال الأجانب لا في مقاعد الدراسة ، ولا في أماكن العمل أو نحو ذلك ؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد ومحاذير .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/156) : " الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات العظيمة ، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء ، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك " انتهى .

وقد سبق في الموقع بيان حكم الاختلاط ، وأنه لا يجوز ، إلا لمن اضطر إليه ، كما في السؤال رقم (45883) ، ورقم (72448) .

ثانياً :
الراجح من أقوال أهل العلم أن صوت المرأة ليس بعورة ؛ لقوله تعالى :( وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ) الأحزاب : 32 ، ولأن النساء كن يخاطبن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويسألنه بحضرة الصحابة رضوان الله عليهم ، ولم يقع منه عليه الصلاة والسلام نهي لهن ، والمحرَّم هو الخضوع بالقول ؛ لقوله تعالى :( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي في قَلْبِهِ مَرَضٌ ) الأحزاب : 32 .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (140315) في بيان أن صوت المرأة ليس بعورة .

ثالثاً :
قراءة المرأة للقرآن أمام الرجال الأجانب ، لا تخلو من حالتين :

1. أن تكون القراءة بتغنٍ وتحسينٍ للصوت ، فهذه لا تجوز ؛ لما يترتب عليها من الفتنة .

2. أن تكون القراءة قراءة عادية ليس فيها تغنٍ ولا ترقيق للصوت ، فهذه جائزة إذا كانت هناك حاجة تدعو إلى ذلك .

جاء في الموسوعة الفقهية : (4/91) " إذا كان مبعث الأصوات هو الإنسان , فإن هذا الصوت إما أن يكون غير موزون ولا مطرب , أو يكون مطربا . فإن كان الصوت غير مطرب , فإما أن يكون صوت رجل أو صوت امرأة , فإن كان صوت رجل : فلا قائل بتحريم استماعه . أما إن كان صوت امرأة , فإن كان السامع يتلذذ به , أو خاف على نفسه فتنة حرم عليه استماعه , وإلا فلا يحرم , ويحمل استماع الصحابة رضوان الله عليهم أصوات النساء حين محادثتهن على هذا , وليس للمرأة ترخيم الصوت وتنغيمه وتليينه ؛ لما فيه من إثارة الفتنة , وذلك لقوله تعالى : (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) " انتهى .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم تحسين الصوت في قراءة القرآن للطالبات عند المدرس في الكلية مع أنها غير مطالبة بذلك ؟
فأجاب : " لا أرى أن تحسن صوتها ؛ لأن الله تعالى يقول : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب:32 ، فكون الطالبة تأتي بالقرآن على وجه الغنة ، وتحسين الصوت يخشى منه الفتنة ، ويكفي أن تقرأ القرآن قراءة مرسلة عادية " انتهى من "اللقاء الشهري" .


والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://islamqa.com/ar/ref/45883
رغم أن الأمور معقدة بعض الشيء إلا أنني وبحمد الله
سأحاول جهدي-وأخواتي-تفادي ترخيم الصوت وتحسينه
إلى تلك الدرجة ..بارك الله فيكم..
 
السلام عليكم..
سؤال محيرني جداااا
هل حقا عندما يحس أحدنا بصفير في أذنه فعليه أن يلفظ الشهادتين؟؟
البعض أخبرنا بوجوب هذا وحكى لنا قصة عن أن أرواحنا معلقة في شجرة
على شكل أوراق وإذا سقطت ورقة مجاورة لورقتك قرعتك وبالتالي وصل ذلك
القرع على شكل صفير ...
بوركتم الإجابة أحتاجها وبسرعة لوسمحتم..
حياكم الله
 
السلام عليكم..
سؤال محيرني جداااا
هل حقا عندما يحس أحدنا بصفير في أذنه فعليه أن يلفظ الشهادتين؟؟
البعض أخبرنا بوجوب هذا وحكى لنا قصة عن أن أرواحنا معلقة في شجرة
على شكل أوراق وإذا سقطت ورقة مجاورة لورقتك قرعتك وبالتالي وصل ذلك
القرع على شكل صفير ...
بوركتم الإجابة أحتاجها وبسرعة لوسمحتم..
حياكم الله
هذا أمر فيه دعوى تحتاج الى دليل، خاصتا و أنه من أمر الغيب التي لا يحل للمرء أن يتكلم فيها بغير أدنى بينة، فان وجد الدليل نظر في صحته و مدى ثبوته، مع أنني لأول مرة أسمع بهذا الكلام فأنا أستغربه جدا، و الأصل أن أرواح الأحياء في ذواتهم لا تفارقهم الا عند الموتة الصغرى و هي حال النوم اذ الروح تفارق الجسد ، أو الموتة الكبرى حين انقضاء الأجل.
يمنكك طلب الدليل الشرعي ممن أبلغك هذا، علما أنه لا يجوز لأي كان الكلام في مثل هذه المسائل الغيبية بغير نص صحيح صريح و الله أعلى و أعلم.
وفقك الله لما فيه رضاه.

 
السلام عليكم..
سؤال محيرني جداااا
هل حقا عندما يحس أحدنا بصفير في أذنه فعليه أن يلفظ الشهادتين؟؟
البعض أخبرنا بوجوب هذا وحكى لنا قصة عن أن أرواحنا معلقة في شجرة
على شكل أوراق وإذا سقطت ورقة مجاورة لورقتك قرعتك وبالتالي وصل ذلك
القرع على شكل صفير ...
بوركتم الإجابة أحتاجها وبسرعة لوسمحتم..
حياكم الله

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد :

فبعد بحثي في المسألة لم أجد لها أصل في الشرع لا في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم

أما فيما يخص مسألة أين تذهب أرواح بني آدم بعد الموت هل كما ذكرت تعلق في شجرة على شكل أوراق المقصود هنا هو سدرة المنتهى أم الى الجنة أو النار أو غيرها..

نأتي الى تفصيل هذه المسألة باذن الله



أين تذهب روح المسلم عند الموت؟

عند موت المسلم تنتزع الروح فأين تذهب؟

روح المؤمن ترفع إلى الجنة، ثم ترد إلى الله -سبحانه وتعالى-، ثم ترد إلى جسدها للسؤال، ثم بعد ذلك جاء الحديث أنها تكون في الجنة، طائر يعلق بشجر الجنة، روح المؤمن ويردها الله إلى جسدها إذا شاء -سبحانه وتعالى-، أما روح الكافر تغلق عنها أبواب السماء، وتطرح طرحاً إلى الأرض وترجع إلى جسدها للسؤال، وتعذب في قبرها مع الجسد، نسأل الله العافية، أما روح المؤمن فإنها تنعم في الجنة، وترجع إلى جسدها إذا شاء الله، وترجع إليه أول ما يوضع في القبر حتى يسأل، كما جاء في ذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (والمؤمن إذا خرجت الروح منه يخرج منها كأطيب ريح، يحسه الملائكة ويقولون ما هذه الروح الطيبة؟، ثم تفتح لها أبواب السماء حتى تصل إلى الله، فيقول الله لها: ردوها إلى عبدي فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، فتعاد روحه إلى الجسد ويسأل)، ثم جاءت الأحاديث بأن هذه الروح تكون في الجنة بشبه طائر بشكل طائر تعلق في أسفل الجنة، وأرواح الشهداء في أجواف طير خضر؟ أما روح المؤمنين فهي نفسها تكون طائر، كما روى ذلك أحمد وغيره بإسناد صحيح عن كعب بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. جزاكم الله خيراً

الشيخ بن باز رحمه الله.
 
مستقر الأرواح ما بين الموت إلى القيامة


هل هي في السماء؟ أم في الأرض؟ وهل هي في الجنة ؟أم لا؟ وهل تودع في أجساد غير أجسادها التي كانت فيها فتنعم وتعذب فيها؟ أم تكون مجردة؟

هذه مسالة عظيمة تكلم فيها الناس واختلفوا فيها وهي إنما تتلقى من السمع فقط واختلف في ذلك على أقوال هذا بيانها:

1. فقال قائلون أرواح المؤمنين عند الله في الجنة شهداء كانوا أم غير شهداء إذا لم يحبسهم عن الجنة كبيرة ولا دين وتلقاهم ربهم بالعفو عنهم والرحمة لهم وهذا مذهب أبى هريرة وعبد الله بن عمر رضى الله عنهم

2. وقالت طائفة هم بفناء الجنة على بابها يأتيهم من روحها ونعيمها ورزقها, وقالت طائفة الأرواح على افنية قبورها .( الروح ج: 1 ص: 90)
3. وقال مالك بلغنى أن الروح مرسلة تذهب حيث شاءت

4. وقال الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله أرواح الكفار في النار وأرواح المؤمنين في الجنة(1)

5. وقال أبو عبد الله بن منده .قال طائفة من الصحابة والتابعين أرواح المؤمنين عند الله عز وجل ولم يزيدوا على ذلك قال روى عن جماعة من الصحابة والتابعين أرواح المؤمنين بالجابية وأرواح الكفار ببرهوت بئر بحضرموت.

6. وقال صفوان بن عمرو سألت عامر بن عبد الله أبا اليمان هل لأنفس المؤمنين مجتمع فقال إن الأرض التي يقول الله تعالى:

)ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون)( الأنبياء/105) قال هي الأرض التي يجتمع إليها أرواح المؤمنين حتى يكون البعث.

7. وقالوا هي الأرض التي يورثها الله المؤمنين في الدنيا.

8. وقال كعب أرواح المؤمنين في عليين في السماء السابعة وأرواح الكفار في سجين في الأرض السابعة تحت جند إبليس.

9. وقالت طائفة أرواح المؤمنين ببئر زمزم وأرواح الكفار ببئر برهوت.

10. وقال سلمان الفارسى أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت وأرواح الكفار في سجين وفي لفظ عنه نسمة المؤمن تذهب في الأرض حيث شاءت.

11. وقالت طائفة أرواح المؤمنين عن يمين آدم وأرواح الكفار عن شماله.

12. وقالت طائفة أخرى منهم ابن حزم مستقرها حيث كانت قبل خلق أجسادها, قال والذي نقول به في مستقر الأرواح هو ما قاله الله عز وجل ونبيه لا نتعداه فهو البرهان الواضح وهو أن الله عز وجل قال:( وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) (الأعراف/172)

وقال تعالى(ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) (الأعراف/11) فصح أن الله تعالى خلق الأرواح جملة .

وكذلك أخبر( أن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.)(2).

وأخذ الله عهدها وشهادتها له بالربوبية وهي مخلوقة مصورة عاقلة قبل أن يأمر الملائكة بالسجود لآدم وقبل أن يدخلها في الأجساد والأجساد يومئذ تراب وماء ثم أقرها حيث شاء وهو البرزخ الذى ترجع إليه عند الموت ثم لا يزال يبعث منها الجملة بعد الجملة فينفخها في الأجساد المتولدة من المني إلى أن قال فصح أن الأرواح أجساد حاملة لأغراضها من التعارف والتناكر وأنها عارفة مميزة فيبلوهم الله في الدنيا كما يشاء ثم يتوفاها فيرجع إلى البرزخ الذى رآها فيه رسول الله ليلة أٌسري به عند سماء الدنيا أرواح أهل السعادة عن يمين آدم وأرواح أهل الشقاوة عن يساره وذلك عند منقطع العناصر ويعجل أرواح الأنبياء والشهداء إلى الجنة؛قال وقد ذكر محمد بن نصر المروزى عن اسحاق بن راهويه أنه ذكر هذا الذى قلنا بعينه قال وعلى هذا أجمع أهل العلم.

قال ابن حزم: وهو قول جميع أهل الإسلام قال وهذا هو قول الله تعالى:

( فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين) ( الواقعة/9- 14)

وقوله تعالى:(فإما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم) الواقعة /88- 89) إلى آخرها فلا تزال الأرواح هنالك حتى يتم إعادة الأرواح إلى أجسادها ثانية وهي الحياة الثانية يحاسب الخلق فريق في الجنة وفريق في السعير مخلدين أبدا. انتهي. الفصل/ج4صـ91- 92.

13. وقال أبو عمر بن عبد البر: أرواح الشهداء في الجنة وأرواح عامة المؤمنين على أفنية قبورهم ونحن نذكر كلامه وما احتج به ونبين ما فيه.

14. وقال ابن المبارك عن ابن جريج فيما قرىء عليه عن مجاهد ليس هي في الجنة ولكن يأكلون من ثمارها ويجدون ريحها.

وذكر معاوية بن صالح عن سعيد بن سويد(3) أنه سأل ابن شهاب عن أرواح المؤمنين فقال: بلغنى أن أرواح الشهداء كطير خضر معلقة بالعرش تغدو وتروح إلى رياض الجنة تأتي ربها في كل يوم تسلم عليه.

وقال أبو عمر بن عبد البر في شرح حديث ابن عمر: (4)(إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال له هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة) قال وقد استدل به من ذهب إلى أن الأرواح على أفنية القبور.

وهو أصح ما ذهب إليه في ذلك والله أعلم لأن الأحاديث بذلك أحسن مجيئا وأثبت نقلا من غيرها.

قال والمعنى أنها قد تكون على أفنية قبورها لا على أنها تلزم ولا تفارق أفنية القبور كما قال مالك رحمه الله أنه بلغنا أن الأرواح تسرح حيث شاءت.

قال وعن مجاهد: أنه قال الأرواح على أفنية القبور سبعة أيام من يوم دفن الميت لا تفارق ذلك والله أعلم (الروح ج: 1 ص: 92)

15. وقالت فرقة مستقرها العدم المحض.

وهذا قول من يقول ان النفس عرض من أعراض البدن كحياته وإدراكه فتعدم بموت البدن كما تعدم سائر الأعراض المشروطة بحياته وهذا قول مخالف لنصوص القرآن والسنة وإجماع الصحابة والتابعين كما سنذكر ذلك إن شاء الله والمقصود أن عند هذه الفرقة المبطلة ان مستقر الأرواح بعد الموت العدم المحض .

16. وقالت فرقة مستقرها بعد الموت أرواح أخرى تناسب أخلاقها وصفاتها التي اكتسبتها في حال حياتها فتصير كل روح إلى بدن حيوان يشاكل تلك الأرواح فتصير النفس السبعية إلى أبدان السباع والكلبية إلى أبدان البهائم والدنية والسفلية إلى أبدان الحشرات وهذا قول المتناسخة منكري المعاد وهو قول خارج عن أقوال أهل الإسلام كلهم ..

فهذا ما تلخص لي من جمع أقوال الناس في مصير أرواحهم بعد الموت ولا تظفر به مجموعاً في كتاب واحد غير هذا(5) البتة ونحن نذكر مأخذ هذه الأقوال وما لكل قول وما عليه وما هو الصواب من ذلك الذى دل عليه الكتاب والسنة على طريقتنا التي من الله بها وهو مرجو الإعانة والتوفيق...
 
مناقشة الأقوال:

فأما من قال هي في الجنة فاحتج بقوله تعالى"فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم "(الواقعة:88-89) قال وهذا ذكره سبحانه عقيب ذكر خروجها من البدن بالموت وقسم الأرواح إلى ثلاثة أقسام مقربين وأخبر أنها في جنة النعيم وأصحاب يمين حكم لها بالإسلام وهو يتضمن سلامتها من العذاب ومكذبة ضالة وأخبر أن لها نزلاً من حميم وتصلية جحيم قالوا وهذا بعد مفارقتها للبدن قطعاً وقد ذكر سبحانه حالها يوم القيامة في أول السورة فذكر حالها بعد الموت وبعد البعث.

واحتجوا بقوله تعالى :(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية فادخلى في عبادى وادخلى جنتى) (الفجر 27-30) وقد قال غير واحد من الصحابة والتابعين: إن هذا يقال لها عند خروجها من الدنيا يبشرها الملك بذلك ولا ينافي ذلك قول من قال ان هذا يقال لها في الآخرة فإنه يقال لها عند الموت وعند البعث وهذه من البشرى التي قال تعالى :(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون )(فصلت 30) وهذا التنزل يكون عند الموت ويكون في القبر ويكون عند البعث وأول بشارة الآخرة عند الموت، وقد تقدم في حديث البراء بن عازب أن الملك يقول لها عند قبضها أبشرى بروح وريحان وهذا من ريحان الجنة (الروح ج: 1 ص: 93).

واحتجوا بما رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أخبره أن أباه كعب بن مالك كان يحدث أن رسول الله قال إنما نسمة المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى حياة يوم يبعثه(صحيح رواة مالك واحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه عن كعب . أنظر الأحاديث الصحيحه 995)

قال أبو عمر وفي رواية مالك هذه بيان سماع الزهري لهذا الحديث من عبد الرحمن بن كعب بن مالك وكذلك رواه يونس عن الزهري قال سمعت عبد الرحمن بن كعب بن مالك يحدث عن أبيه وكذلك رواه الأوزاعى عن الزهري حدثني عبد الرحمن بن كعب وقد أعل محمد بن يحيى الذهلي هذا الحديث بأن شعيب بن أبى حمزة ومحمد بن أخي الزهري وصالح بن كيسان رووه عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن جده كعب فيكون منقطعا وقال صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن عبد الرحمن أنه بلغه أن كعبَ بن مالك كان يحدث قال الذهلي وهذا المحفوظ عندنا وهو الذي يشبهه حديث صالح وشعيب وابن أخي الزهري وخالفه في هذا غيره من الحفاظ فحكموا لمالك والأوزاعي قال أبو عمر فاتفق مالك ويونس بن يزيد والأوزاعى والحارث بن فضيل على رواية هذا الحديث عن الزهري عن عبد الرحمن ابن كعب بن مالك عن أبيه وصححه الترمذي وغيره .

قال أبو عمر ولا وجه عندي لما قاله محمد بن يحيى من ذلك ولا دليل عليه واتفاق مالك ويونس بن زيد والأوزاعى ومحمد بن إسحاق أولى بالصواب والنفس إلى قولهم وروايتهم أسكن وهم من الحفظ والاتقان بحيث لا يقاس بهم من خالفهم في هذا الحديث انتهي وقد قال محمد الذهلي سمعت على بن المديني يقول ولد كعب خمسة عبد الله وعبيد الله ومعبد وعبد الرحمن ومحمد قال الذهلي فسمع الزهري من عبد الله بن كعب وكان قائد أبيه حين عمى وسمع من عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب وروى عن بشير بن عبد الرحمن بن كعب ولا أراه سمع منه انتهي فالحديث إن كان لعبد الرحمن عن أبيه كعب كما قال مالك ومن معه فظاهر وإن كان لعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن جده كما قال شعيب ومن معه فنهايته أن يكون مرسلا من هذا الطريق وموصولا من الأخرى والذين وصلوه ليسوا بدون الذين أرسلوه قدرا ولا عددا فالحديث من صحاح الأحاديث وإنما لم يخرجه صاحبا الصحيح لهذه العلة والله أعلم .

قال أبو عمرو أما قوله نسمة المؤمن فالنسمة ها هنا الروح يدل على ذلك قوله في الحديث نفسه حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه وقيل النسمة الروح والنفس والبدن وأصل هذه اللفظة أعنى النسمة الإنسان بعينه وإنما قيل للروح نسمة والله أعلم لأن حياة الانسان بروحه وإذا فارقه عدم أو صار كالمعدوم والدليل على أن النسمة الإنسان قوله من أعتق نسمة مؤمنة وقول على رضى الله عنه والذي فلق الحبة وبرأ النسمة

وقال الشاعر:

فأعظم منك تقى في الحساب إذا النسمات نفضن الغبارا (الروح ج: 1 ص: 94).

يعنى إذا بعث الناس من قبورهم يوم القيامة وقال الخليل بن أحمد النسمة الإنسان قال والنسمة الروح والنسيم هبوب الريح, وقوله تعالى في شجر الجنة يروى بفتح اللام وهو الأكثر ويروى بضم اللام والمعنى واحد وهو الأكل والرعي يقول تأكل من ثمار الجنة وتسرح بين أشجارها والعلوقة والعلوق الأكل والرعي تقول العرب ما ذاق اليوم علوقا أى طعاما قال الربيع بن زياد يصف الخيل :

ومجنبات ما يذقن علوقة يمصعن بالمهرات والأمهار

وقال الأعشى :

وفلاة كأنها ظهر ترس ليس فيها إلا الرجيع علاق

قلت ومنه قول عائشة والنساء إذ ذاك خفاف لم يغشهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام وأصل اللفظة من التعلق وهو ما يعلق القلب والنفس من الغذاء

قال واختلف العلماء في معنى هذا الحديث فقال قائلون منهم أرواح المؤمنين عند الله في الجنة شهداء كانوا أم غير شهداء إذا لم يحبسهم عن الجنة كبيرة ولا دين وتلقاهم ربهم بالعفو عنهم والرحمة لهم

قال واحتجوا بأن هذا الحديث لم يخص فيه شهيدا من غير شهيد

واحتجوا أيضا بما روى عن أبى هريرة أن أرواح الأبرار في عليين وأرواح الفجار في سجين وعن عبد الله بن عمرو مثل ذلك قال أبو عمر وهذا قول يعارضه من السنة ما لا مدفع في صحة نقله وهو قوله إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة و العشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال له هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة.(6)

وقال آخرون إنما معنى هذا الحديث في الشهداء دون غيرهم لأن القرآن والسنة إنما يدلان على ذلك أما القرآن فقوله تعالى(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله) الآية

وأما الآثار فذكر حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه من طريق بقى بن مخلد مرفوعاً الشهداء يغدون ويروحون ثم يكون مأواهم إلى قناديل معلقة بالعرش فيقول لهم الرب تبارك وتعالى هل تعلمون كرامة أفضل من كرامة أكرمتكموها فيقولون لا غير أنا وددنا أنك أعدت أرواحنا في أجسادنا حتى نقاتل مرة أخرى فنقتل في سبيلك)(7) رواه عن هناد عن اسماعيل بن المختار عن عطية عنه

ثم ساق حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله لما أصيب إخوانكم يعنى يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوى إلى قناديل من ذهب مدلاة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا ينكلوا عن الحرب ولا يزهدوا في الجهاد قال فقال الله عز وجل أنا أبلغهم عنكم فإنزل الله تعالى( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) والحديث في مسند أحمد وسنن أبى داود (8)

ثم ذكر حديث الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال سأل عند الله بن مسود رضى الله عنه عن هذه الآية(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون).

فقال أما أنا قد سألنا عن ذلك فقال أرواحهم في جوف طير خضر تسرح في الجنة في ايها شاءت ثم تأوى إلى تلك القناديل فاطلع اليهم ربك إطلاعه فقال هل تشتهون شيئا قالوا وأى شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ففعل بهم ذلك ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لم يتركوا من أن يسألوا قالوا يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا والحديث في صحيح مسلم(9)

قلت وفي صحيح البخارى عن أنس أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي فقالت يا نبي الله ألا تحدثنى عن حارثة وكان قتل يود بدر أصابه سهم غرب قان كان في الجنة صبرت وإن كان في غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء قال يا أم حارثة إنها جنان وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى (10)

ثم ساق من طريق بقى بن مخلد حدثنا يحيى بن عبد الحميد حدثنا ابن عيينة عن عبيد الله ابن أبى يزيد سمع ابن عباس يقول أرواح الشهداء تجول في أجواف طير خضر تعلق في تمر الجنة(11)

ثم ذكر عن معمر عن قتادة قال بلغنا أن أرواح الشهداء في صور طير بيض تأكل من ثمار الجنة ومن طريق أبى عاصم النبيل عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن عمرو أرواح الشهداء في طير كالزرازير يتعارفون ويرزقون من ثمر الجنة(الروح ج: 1 ص: 96.) .(12)

قال أبو عمر هذه الآثار كلها تدل على أنهم الشهداء دون غيرهم وفي بعضها في صور طير وفي بعضها في أجواف طير وفي بعضها كطير خضر قال والذى يشبه عندى والله أعلم أن يكون القول قول من قال كطير أو صور طير لمطابقته لحديثنا المذكور يريد حديث كعب ابن مالك وقوله فيه نسمة المؤمن كطائر ولم يقل في جوف طائر

قال وروى عيسى بن يونس حديث ابن مسعود عن الأعمش عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله كطير خضر

قلت والذى في صحيح مسلم في أجواف طير خضر

قال أبو عمر فعلى هذا التأويل كأنه قال إنما نسمة المؤمن من الشهداء طائر يعلق في شجر الجنة

قلت لا تنافي بين قوله نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة وبين قوله إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار وهذا الخطاب يتناول الميت على فراشه والشهيد كما أن قوله نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة يتناول الشهيد وغيره ومع كونه يعرض عليه مقعده بالغداة والعشى ترد روحه أنهار الجنة وتأكل من ثمارها.

وأما المقعد الخاص به والبيت الذى أعد له فإنه إنما يدخله يوم القيامة ويدل عليه أن منازل الشهداء ودورهم وقصورهم التي أعد الله لهم ليست هي تلك القناديل التي تأوي إليها أرواحهم في البرزخ قطعا فهم يرون منازلهم ومقاعدهم من الجنة ويكون مستقرهم في تلك القناديل المعلقة بالعرش فإن الدخول التام الكامل إنما يكون يوم القيامة ودخول الأرواح الجنة في البرزخ أمر دون ذلك . ونظير هذا أهل الشقاء تعرض أرواحهم على النار غدوا وعشيا فإذا كان يوم القيامة دخلوا منازلهم ومقاعدهم التي كانوا يعرضون عليها في البرزخ فتنعم الأرواح بالجنة في البرزخ شيء وتنعمها مع الأبدان يوم القيامة بها شيء آخر فغذاه الروح من الجنة في البرزخ دون غذائها مع بدنها يوم البعث ولهذا قال تعلق في شجر الجنة أى تأكل العلقة وتمام الأكل والشرب واللبس والتمتع فإنما يكون إذا ردت إلى أجسادها يوم القيامة فظهر أنه لا يعارض هذا القول من السنن شيء وإنما تعاضده السنة وتوافقه.

وأما قول من قال إن حديث كعب في الشهداء دون غيرهم فتخصيص ليس في اللفظ ما يدل عليه وهو حمل اللفظ العام على أقل مسمياته فإن الشهداء بالنسبة إلى عموم المؤمنين قليل جدا والنبي علق هذا الجزاء بوصف الإيمان فهو المقتضى له ولم يعلقه بوصف الشهادة ألا ترى أن الحكم الذى اختص بالشهداء علق بوصف الشهادة كقوله في حديث المقدام بن معد يكرب للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفقة من دمه ويرى مقعده من الجنة ويحلى حلة الإيمان ويزوج من الحور العين ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه فلما كان هذا يختص بالشهيد قال إن للشهيد ولم يقل إن للمؤمن وكذلك قوله في حديث قيس الجذامى يعطى الشهيد ست خصال وكذلك سائر الأحاديث والنصوص التي علق فيها الجزاء بالشهادة.

وأما ما علق فيه الجزاء بالإيمان فإنه يتناول كل مؤمن شهيدا كان أو غير شهيد.

واما النصوص والآثار التي ذكرت في رزق الشهداء وكون أرواحهم في الجنة فكلها حق وهي لا تدل على انتفاء دخول أرواح المؤمنين الجنة ولا سيما الصديقين الذين هم أفضل من الشهداء بلا نزاع بين الناس فيقال لهؤلاء ما تقولون في أرواح الصديقين هل هي في الجنة أم لا فإن قالوا أنها في الجنة ولا يسوغ لهم غير هذا القول فثبت أن هذه النصوص لا تدل على اختصاص أرواح الشهداء بذلك وإن قالوا ليست في الجنة لزمهم من ذلك أن تكون أرواح سادات الصحابة كأبي بكر الصديق وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وأبي الدرداء وحذيفة بن اليمان وأشباههم رضى الله عنهم ليست في الجنة وأرواح شهداء زماننا في الجنة وهذا معلوم البطلان ضرورة.

فإن قيل فإن كان هذا حكماً يختص بالشهداء فما الموجب لتخصيصهم بالذكر في هذه النصوص قلت التنبيه على فضل الشهادة وعلو درجتها وأن هذا مضمون لأهلها ولا بد وأن لهم منها أوفر نصيب فنصيبهم من هذا النعيم في البرزخ أكمل من نصيب غيرهم من الأموات على فراشهم وإن كان الميت على فراشه أعلى درجة منهم فله نعيم يختص به لا يشاركه فيه من هو دونه.

ويدل على هذا أن الله سبحانه جعل أرواح الشهداء في أجواف اطير خضر فإنهم لما بذلوا أنفسهم لله حتى أتلفها أعداؤه فيه أعاضهم منها في البرزخ أبدانا خيرا منها تكون فيها إلى يوم القيامة ويكون نعيمها بواسطة تلك الأبدان أكمل من نعيم الأرواح المجردة عنها ولهذا كانت نسمة المؤمن في صورة طير أو كطير ونسمة الشهيد في جوف طير وتأمل لفظ الحديثين فإنه قال نسمة المؤمن طير فهذا يعم الشهيد وغيره ثم خص للشهيد بأن قال. هي في جوف طير ومعلوم أنها إذا كانت في جوف طير صدق عليها أنها طير فصلوات الله وسلامه على من يصدق كلامه بعضه بعضا ويدل على أنه حق من عند الله وهذا الجمع أحسن من جمع أبى عمر وترجيحه رواية من روى أرواحهم كطير خضر بل الروايتان حق وصواب فهي كطير خضر وفي أجواف طير خضر .

فصل وأما قول مجاهد ليس هي في الجنة ولكن يأكلون من ثمارها ويجدون ريحها فقد يحتج لهذا القول بما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن اسحق عن عاصم بن عمر عن محمود ابن لبيد عن ابن عباس قال قال رسول الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشية ,(13) وهذا لا ينافي كونهم في الجنة فإن ذلك النهر من الجنة ورزقهم يخرج عليهم من الجنة فهم في الجنة وإن لم يصيروا إلى مقاعدهم منها فمجاهد نفي الدخول الكامل من كل وجه والتعبير يقصر عن الإحاطة بتمييز هذا وأكمل العبارة وأدلها على المراد عبارة رسول الله ثم عبارة أصحابه وكلما نزلت رأيت الشفاء والهدى والنور وكلما نزلت رأيت الحيرة والدعاوى والقول بلا علم

قال أبو عبد الله بن منده وروى موسى بن عبيدة عن عبد الله بن يزيد عن أم كبشة بنت المعرور قالت دخل علينا رسول الله فسألناه عن هذه الأرواح فوصفها صفة أبكى أهل البيت فقال إن أرواح المؤمنين في حواصل الطير خضر ترعى في الجنة وتأكل من ثمارها وتشرب من مائها وتأوي إلى قناديل من ذهب تحت العرش يقولون ربنا ألحق بنا إخواننا وآتنا ما وعدتنا وإن أرواح الكفار في حواصل طير سود تأكل من النار وتشرب من النار وتأوي إلى جحر في النار يقولون ربنا لا تلحق بنا إخواننا ولا تؤتنا ما وعدتنا(14).

وقال الطبراني حدثنا أبو زرعة الدمشقي حدثنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية ابن صالح عن ضمرة بن حبيب قال سئل النبي عن أرواح المؤمنين فقال في طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت قالوا يا رسول الله وأرواح الكفار قال محبوسة في سجين رواه أبو الشيخ عن هشام بن يونس عن عبد لله بن صالح ورواه أبو المغيرة عن أبى بكر بن أبى مريم عن ضمرة بن حبيب.

وذكر أبو عبد الله بن منده من حديث غنجار عن الثورى عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله أرواح المؤمنين في طير خضر كالزرازير تأكل من ثمر الجنة ورواه غيره موقوفا (15).

وذكر يزيد الرقاشي عن أنس وأبو عبد الله الشامي عن تميم الدارى عن النبي إذا عرج ملك الموت بروح المؤمن إلى السماء استقبله جبرائيل في سبعين ألفا من الملائكة كل منهم يأتيه ببشارة من السماء سوى بشارة صاحبه فإذا انتهي به إلى العرش خر ساجدا فيقول الله عز وجل لملك الموت انطلق بروح عبدى فضعه في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب رواه بكر بن خنيس عن ضرار بن عمرو عن يزيد وأبى عبد الله(16).

فصل وأما قول: من قال الأرواح على أفنية قبورها فإن أراد أن هذا أمر لازم لها لا تفارق أفنية القبور أبداً فهذا خطأ ترده نصوص الكتاب والسنة من وجوه كثيرة قد ذكرنا بعضها وسنذكر منها ما لم نذكره إن شاء الله.

وإن أراد أنها تكون على أفنية القبور وقتا أولها إشراف على قبورها وهي في مقرها فهذا حق ولكن لا يقال مستقرها أفنية القبور.

وقد ذهب إلى هذا المذهب جماعة منهم أبو عمر بن عبد البر قال في كتابه في شرح حديث ابن عمر إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة و العشي وقد استبدل به من ذهب إلى أن الأرواح على أفنية القبور وهو أصح ما ذهب إليه في ذلك من طريق الأثر ألا ترى أن الأحاديث الدالة على ذلك ثابتة متواترة وكذلك أحاديث السلام على القبور.

قلت: يريد الأحاديث المتواترة مثل حديث ابن عمر هذا ومثل حديث البراء ابن عازب الذي تقدم وفيه هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة ومثل حديث أنس أن للعبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم وفيه أنه يرى مقعده من الجنة والنار وأنه يفسح للمؤمن في قبره سبعين ذراعا ويضيق على الكافر ومثل حديث جابر إن هذه الأمة تبلى في قبورها فإذا دخل المؤمن من قبره وتولى عنه أصحابه أتاه ملك... الحديث وأنه يرى مقعده من الجنة فيقول دعوني أبشر أهلي فيقال له أسكن فهذا مقعدك أبداً ومثل سائر أحاديث عذاب القبر ونعيمه التي تقدمت ومثل أحاديث السلام على أهل القبور وخطابهم ومعرفتهم بزيارة الأحياء لهم وقد تقدم ذكر ذلك كله.

وهذا القول ترده السنة الصحيحة والآثار التي لا مدفع لها وقد تقدم ذكرها وكل ما ذكره من الأدلة فهو يتناول الأرواح التي هي في الجنة بالنص وفي الرفيق الأعلى وقد بينا أن عرض مقعد الميت عليه من الجنة والنار لا يدل على أن الروح في القبر ولا على فنائه دائما من جميع الوجوه بل لها إشراف واتصال بالقبر وفنائه وذلك القدر منها يعرض عليه مقعده فإن الروح شأنا آخر تكون في الرفيق الأعلى في أعلى عليين ولها اتصال بالبدن بحيث إذا سلم المسلم على الميت رد الله عليه روحه فيرد عليه السلام وهي في الملأ الأعلى وإنما يغلط أكثر الناس في هذا الموضع حيث يعتقد أن الروح من جنس ما يعهد من الأجسام التي إذا شغلت مكانا لم يمكن أن تكون في غيره وهذا غلط محض بل الروح تكون فوق السموات في أعلى عليين وترد إلى القبر فترد السلام وتعلم بالمسلم وهي في مكانها هناك وروح رسول الله في الرفيق الأعلى دائما ويردها الله سبحانه إلى القبر فترد السلام على من سلم عليه وتسمع كلامه وقد رأى رسول الله موسى قائما يصلى في قبر ورآه في السماء السادسة والسابعة فإما أن تكون سريعة الحركة والانتقال كلمح البصر وإما أن يكون المتصل منها بالقبر وفنائه بمنزلة شعاع الشمس وجرمها في السماء وقد ثبت أن روح النائم تصعد حتى تخترق السبع الطباق وتسجد لله بين يدي العرش ثم ترد إلى جسده في أيسر زمان وكذلك روح الميت تصعد بها الملائكة حتى تجاوز السموات السبع وتقف بين يدي الله فتسجد له ويقضي فيها قضاء ويريها الملك ما أعد الله لها في الجنة ثم تهبط فتشهد غسله وحمله ودفنه وقد تقدم في حديث البراء بن عازب أن النفس يصعد بها حتى توقف بين يدي الله فيقول تعالى اكتبوا كتاب عبدي في عليين ثم أعيدوه إلى الأرض فيعاد إلى القبر وذلك في مقدار تجهيزه وتكفينه فقد صرح به في حديث ابن عباس حيث قال فيهبطون على قدر فراغه من غسله وأكفإنه فيدخلون ذلك الروح بين جسده وأكفإنه .

- وقد ذكر أبو عبد الله بن منده من حديث عيسى بن عبد الرحمن(17) حدثنا ابن شهاب حدثنا عامر بن سعد عن إسماعيل بن طلحة بن عبيد الله عن أبيه قال أردت مالي بالغابة فأدركنى الليل فأويت إلى قبر عبد الله بن عمر بن حرام فسمعت قراءة من القبر ما سمعت أحسن منها فجئت إلى رسول الله فذكرت ذلك له فقال ذلك عبد الله ألم تعلم أن الله قبض أرواحهم فجعلها في قناديل من زبرجد وياقوت ثم علقها وسط الجنة فإذا كان الليل ردت إليهم أرواحهم فلا يزال كذلك حتى إذا طلع الفجر ردت أرواحهم إلى مكانهم الذي كانت به.

ففي هذا الحديث بيان سرعة انتقال أرواحهم من العرش إلى الثرى ثم انتقالها من الثرى إلى مكانها ولهذا قال مالك وغيره من الأئمة إن الروح مرسلة تذهب حيث شاءت وما يراه الناس من أرواح الموتى ومجيئهم إليهم من المكان البعيد أمر يعلمه عامة الناس ولا يشكون فيه والله أعلم.
 
وأما السلام على أهل القبور وخطابهم فلا يدل على أن أرواحهم ليست في الجنة وأنها على أفنية القبور فهذا سيد ولد آدم الذي روحه في أعلى عليين مع الرفيق الأعلى عند قبره ويرد سلام المسلم عليه وقد وافق أبو عمر رحمه الله على أن أرواح الشهداء في الجنة ويسلم عليهم عند قبورهم كما يسلم على غيرهم كما علمنا النبي أن نسلم عليهم وكما كان الصحابة يسلمون على شهداء أحد وقد ثبت أن أرواحهم في الجنة تسرح حيث شاءت كما تقدم ولا يضيق عقلك عن كون الروح في الملأ الأعلى تسرح في الجنة حيث شاءت وتسمع سلام المسلم عليها عند قبرها وتدنو حتى ترد عليه السلام وللروح شأن آخر غير شأن البدن وهذا جبريل صلوات الله وسلامه عليه رآه النبي وله ستمائة جناح منها جناحان (18) قد سد بهما ما بين المشرق والمغرب وكان من النبي حتى يضع ركبتيه بين ركبتيه ويديه على فخذيه (19) وما أظنك يتسع بظنك أنه كان حينئذ في الملأ الأعلى فوق السموات حيث هو مستقره وقد دنا من النبي هذا الدنو فإن التصديق بهذا له قلوب خلقت له وأهلت لمعرفته ومن لم يتسع عقله لهذا فهو أضيق أن يتسع للإيمان بالنزول الإلهي إلى سماء الدنيا كل ليلة وهو فوق سماواته على عرشه لا يكون فوقه شيء البتة بل هو العالي على كل شيء وعلوه من لوازم ذاته وكذلك دنوه عشية عرفة من أهل الموقف وكذلك مجيئه يوم القيامة لمحاسبة خلقه وإشراق الأرض بنوره وكذلك مجيئه إلى الأرض حين دحاها وسواها ومدها وبسطها وهيأها لما يراد منها وكذلك مجيئه يوم القيامة حين يقبض من عليها ولا يبقى بها أحد كما قال النبي فأصبح ربك يطوف في الأرض وقد خلت عليه البلاد هذا وهو فوق سماواته على عرشه.

فصل: ومما ينبغي أن يعلم أن ما ذكرنا من شأن الروح يختلف بحسب حال الأرواح من القوة والضعف والكبر والصغر فللروح العظيمة الكبيرة من ذلك ما ليس لمن هو دونها وأنت ترى أحكام الأرواح في الدنيا كيف تتفاوت أعظم تفاوت بحسب تفارق الأرواح في كيفياتها وقواها وإبطائها وإسراعها والمعاونة لها فللروح المطلقة من أسر البدن وعلائقه وعوائقه من التصرف والقوة والنفاذ والهمة وسرعة الصعود إلى الله والتعلق بالله ما ليس للروح المهينة المحبوسة في علائق البدن وعوائقه فلذا كان هذا وهي محبوسة في بدنها فكيف إذا تجردت وفارقته واجتمعت فيها قواها وكانت في أصل شأنها روحا علية زكيه كبيرة ذات همة عالية فهذه لها بعد مفارقة البدن شأن آخر وفعل آخر.

وقد تواترت الرؤيا في أصناف بنى آدم على فعل الأرواح بعد موتها ما لا تقدر على مثله حال اتصالها بالبدن من هزيمة الجيوش الكثيرة بالواحد والاثنين والعدد القليل ونحو ذلك وكم قد رئي النبي ومعه أبو بكر وعمر في النوم قد هزمت أرواحهم عساكر الكفر والظلم فإذا بجيوشهم مغلوبة مكسورة مع كثرة عَدَدُهُم وعُدَدُهم وضعف المؤمنين وقلتهم.

ومن العجب أن أرواح المؤمنين المتحابين المتعارفين تتلاقى وبينها أعظم مسافة وأبعدها فتتألم وتتعارف فيعرف بعضها بعضا كأنه جليسه وعشيره فإذا رآه طابق ذلك ما كان عرفته روحه قبل رؤيته.

قال عبد الله بن عمرو إن أرواح المؤمنين تتلاقى على مسيرة يوم وما أرى أحدهما صاحبه قط ورفعه بعضهم إلى النبي.

وقال عكرمة ومجاهد إذا نام الإنسان فإن له سببا يجرى فيه الروح وأصله في الجسد فتبلغ حيث شاء الله ما دام ذاهبا فالإنسان نائم فإذا رجع إلى البدن انتبه الإنسان وكان بمنزلة شعاع الشمس الذي هو ساقط بالأرض فأصله متصل بالشمس وقد ذكر أبو عبد الله بن منده عن بعض أهل العلم أنه قال إن الروح يمتد من منخر الإنسان ومركبه وأصله في بدنه فلو خرج الروح بالكلية لمات كما أن السراج لو فرق بينه وبين الفتيلة ألا ترى أن مركب النار في الفتيلة وضؤوها وشعاعها يملأ البيت فكذلك الروح تمتد من منخر الإنسان في منامه حتى تأتى السماء وتجول في البلدان وتلتقي مع أرواح الموتى فإذا أراه الملك الموكل بأرواح العباد ما أحب أن يريه وكان المرئي في اليقظة عاقلا ذكيا صدوقا لا يلتفت في يقظته إلى شيء من الباطل رجع إليه روحه فأدى إلى قلبه الصدق مما أراه الله عز وجل على حسب خلقه وإن كان خفيفا نزقا يحب الباطل والنظر إليه فإذا نام وأراه الله أمرا من خيرٍ أو شر رجعت روحه إليه فحيث ما رآي شيئا من مخاريق الشيطان أو الباطل وقفت روحه عليه كما تقف في يقظته فكذلك لا يؤدي إلى قلبه فلا يعقل ما رآي لأنه خلط الحق بالباطل فلا يمكن معبر أن يعبر له وقد خلط الحق بالباطل.

وهذا من أحسن الكلام وهو دليل على معرفة قائله وبصيرته بالأرواح وأحكامها وأنت ترى الرجل يسمع العلم والحكمة وما هو أنفع شيء له ثم يمر بباطل ولهو من غناء أو شبهة أو زور أو غيره فيصغي إليه ويفتح له قلبه حتى يتأدى إليه فيتخبط عليه ذلك الذي سمعه من العلم والحكمة ويلتبس عليه الحق بالباطل فهكذا شأن الأرواح عند النوم وأما بعد المفارقة فإنها تعذب بتلك الاعتقادات والشبه الباطلة التي كانت حظها حال اتصالها بالبدن وينضاف إلى ذلك عذابها بتلك الإرادات والشهوات التي حيل بينها وبينها وينضاف إلى ذلك عذاب آخر ينشئه الله لها ولبدنها من الأعمال التي اشتركت معه فيها وهذه هي المعيشة الضنك في البرزخ والزاد الذي تزود به إليه.

والروح الزكيه العلوية المحقة التي لا تحب الباطل ولا تألفه بضد ذلك كله تنعم بتلك الاعتقادات الصحيحة والعلوم والمعارف التي تلقتها من مشكاة النبوة وتلك الإرادات والهمم الزكية وينشئ الله سبحانه لها من أعمالها نعيما ينعمها به في البرزخ فتصير لها روضة من رياض الجنة ولتلك حفرة من حفر النار.

فصل وأما قول من قال أرواح المؤمنين عند الله تعالى ولم يزد على ذلك فإنه تأدب مع لفظ القرآن حيث يقول الله عز وجل(بل أحياء عند ربهم يرزقون).

وقد احتج أرباب هذا القول بحجج منها ما رواه محمد بن إسحاق الصغانى(20) حدثنا يحيى بن أبى بكير حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبى ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عن أبى هريرة عن النبي قال إن الميت إذا خرجت نفسه يعرج بها إلى السماء حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل وإذا كان الرجل السوء يعرج بها إلى السماء فإنه لا يفتح لها أبواب السماء فترسل من السماء فتصير إلى القبر.

وهذا إسناد لا تسأل عن صحته وهو في مسند أحمد وغيره.

وقال أبو داود الطيالسى حدثنا حماد بن سلمة(21) عن عاصم بن بهدلة عن أبى وائل عن موسى الأشعري قال تخرج روح المؤمن أطيب من ريح المسك فتنطلق بها الملائكة من دون السماء فيقولون ما هذا فيقولون هذا فلان ابن فلان كان يعمل كيت وكيت لمحاسن عمله فيقولون مرحبا بكم وبه فيقبضونها منهم فيصعد بها من الباب الذي كان يصعد منه عمله فتشرق في السموات ولها برهان, برهان كبرهان الشمس حتى ينتهي إلى العرش وأما الكافر فإذا قبض انطلق بروحه فيقولون ما هذا فيقولون هذا فلان ابن فلان كان يعمل كيت وكيت لمساوي عمله فيقولون لا مرحباً لا مرحباً ردوه فيرد إلى أسفل الأرض إلى الثرى . وقال الملكي بن إبراهيم عن داود بن يزيد الأودى(22) قال أراه عن عامر الشعبي عن حذيفة ابن اليمان أنه قال الأرواح موقوفة عند الرحمن عز وجل تنتظر موعده حتى ينفخ فيها.

وذكر سفيان بن عيينة (23)عن منصور بن صفية عن أمه أنه دخل ابن عمر المسجد بعد قتل ابن الزبير وهو مصلوب فأتى أسماء يعزيها فقال لها عليك بتقوى الله والصبر فإن هذه الجثث ليست بشيء وإنما الأرواح عند الله فقالت وما يمنعني من الصبر وقد أهدي رأس يحيى ابن زكريا إلى بغي من بغايا بنى إسرائيل.

وذكر جرير عن الأعمش (24)عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف قال كنا جلوسا إلى كعب والربيع بن خيثم وخالد بن عرعرة في أناس فجاء ابن عباس فقال هذا ابن عم نبيكم قال فأوسع له فجلس فقال يا كعب كل ما في القرآن قد عرفت غير أربعة أشياء فأخبرني عنهن ما سجين وما عليون وما سدرة المنتهي وما قول الله لإدريس (ورفعناه مكانا عليا) قال أما عليون فالسماء السابعة فيها أرواح المؤمنين وأما سجين فالأرض السابعة السفلى وأرواح الكفار تحت جسد إبليس وأما قول الله سبحانه لإدريس(ورفعناه مكانا عليا) فأوحى الله إليه أنى رافع لك كل يوم مثل أعمال بنى آدم وكلم صديقا له من الملائكة أن يكلم له ملك الموت فيؤخره حتى يزداد عملا فحمله بين جناحيه فعرج به حتى إذا كان في السماء الرابعة لقيه ملك الموت فكلمه في حاجته فقال وأين هو قال هو ذا بين جناحي قال فالعجب أنى أمرت أن أقبض روحه في السماء الرابعة فقبض روحه وأما سدرة المنتهي فإنها سدرة على رؤوس حملة العرش ينتهي إليها علم الخلائق ثم ليس لأحد وراءها علم فلذلك سميت سدرة المنتهي.

قال ابن منده ورواه وهب بن جرير عن أبيه ورواه يعقوب القمي(25) عن شمر ورواه خالد بن عبد الله عن العوام بن حوشب عن القاسم بن عوف(26) عن الربيع بن خيثم قال كنا جلوسا عند كعب فذكره.

وذكر يعلى بن عبيد عن الأجلح (27)عن الضحاك قال إذا قبض روح العبد المؤمن عرج به إلى السماء الدنيا فينطلق معه المقربون إلى السماء الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة حتى ينتهي به إلى سدرة المنتهي قلت للضحاك لم سميت سدرة المنتهي؟ قال إليها كل شيء من أمر الله عز وجل لا يعدوها فيقول ربى عبدك فلان وهو أعلم به منهم فيبعث الله إليه بصك مختوم يؤمنه من العذاب وذلك قوله تعالى(كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما علييون كتاب مرقوم يشهده المقربون) وهذا القول لا ينافي قول من قال هم في الجنة فإن الجنة عند سدرة المنتهي والجنة عند الله وكأن قائله رأى أن هذه العبارة أسلم وأوفق وقد أخبر الله سبحانه أن أرواح الشهداء عنده وأخبر النبي أنها تسرح في اللجنة حيث شاءت.

فصل وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين بالجابية وأرواح الكفار بحضرموت ببرهوت فقال أبو محمد بن حزم هذا من قول الرافضة وليس كما قال بل قد قاله جماعة من أهل السنة.

وقال أبو عبد الله بن منده وروي عن جماعة من الصحابة والتابعين أن أرواح المؤمنين بالجابية ثم قال أخبرنا محمد بن محمد بن يونس(28) حدثنا أحمد بن عاصم حدثنا أبو داود سليمان ابن داود حدثنا همام حدثني قتادة حدثني رجل عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو أنه قال إن أرواح المؤمنين تجتمع بالجابية وإن أرواح الكفار تجتمع في سبخة بحضرموت يقال لها برهوت.

ثم ساق من طريق حماد بن سلمة(29) عن عبد الجليل بن عطية عن شهر بن حوشب أن كعبا رأى عبد الله بن عمرو وقد تكلب الناس عليه يسألونه فقال لرجل سله أين أرواح المؤمنين وأرواح الكفار فسأله فقال أرواح المؤمنين بالجابية وأرواح الكفار ببرهوت.

قال ابن منده ورواه أبو داود وغيره عن عبد الجليل ثم ساق من حديث سفيان عن فرات القزاز(30) عن أبى الطفيل عن على قال خير بئر في الأرض زمزم وشر بئر في الأرض برهوت في حضرموت وخير واد في الأرض وادي مكة والوادي الذي أهبط فيه آدم بالهند منه طيبكم وشر واد في الأرض الأحقاف وهو في حضرموت ترده أرواح الكفار .

قال ابن منده وروى حماد بن سلمة(31) عن على بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس عن على أبغض بقعة في الأرض واد بحضرموت يقال له برهوت فيه أرواح الكفار وفيه بئر ماؤها بالنهار أسود كأنه قيح تأوي إليه الهوام .

ثم ساق من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي(32) حدثنا على بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا أبان بن تغلب قال: قال رجل بت فيه يعنى وادي برهوت فكأنما حشرت فيه أصوات الناس وهم يقولون يا دومه يا دومه قال إبان فحدثنا رجل من أهل الكتاب أن دومة هو الملك الذي على أرواح الكفار وقال سفيان وسألنا الحضرميين فقالوا لا يستطيع أحد أن يبيت فيه بالليل فهذا جملة ما علمته في هذا القول فإن أراد عبد الله بن عمرو بالجابيه التمثيل والتشبيه وأنها تجمع في مكان فسيح يشبه الجابيه لسعته وطيب هوائه فهذا قريب وإن أراد نفس الجابية دون سائر الأرض فهذا لا يعلم إلا بالتوقيت ولعله مما تلقاه عن بعض أهل الكتاب(33).

فصل وأما قول من قال إنها تجتمع في الأرض التي قال الله فيها( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)( الأنبياء/105) فهذا إن كان قاله تفسير الآية فليس هو تفسيرا لها.

وقد اختلف الناس في الأرض المذكورة هنا فقال سعيد بن جبير عن ابن عباس هي أرض الجنة وهذا قول أكثر المفسرين وعن ابن عباس قول آخر أنها الدنيا التي فتحها الله على أمة محمد وهذا القول هو الصحيح ونظيره قوله تعالى (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) (النور/55 ) وفي الصحيح عن النبي قال زويت لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها(34).

وقالت طائفة من المفسرين المراد بذلك أرض بيت المقدس.

وهي من الأرض التي أورثها الله عباده الصالحين وليست الآية مختصة بها.

فصل وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين في عليين في السماء السابعة وأرواح الكفار في سجين في الأرض السابعة فهذا قول قد قاله جماعة من السلف والخلف ويدل عليه قول النبي اللهم الرفيق الأعلى وقد تقدم حديث أبى هريرة أن الميت إذا خرجت روحه عر ج بها إلى السماء حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة التي فيها الله عز وجل وتقدم قول أبى موسى أنها تصعد حتى تنتهي إلى العرش وقول حذيفة أنها موقوفة عند الرحمن وقول عبد الله بن عمر إن هذه الأرواح عند الله وتقدم قول النبي أن أرواح الشهداء تأوي إلى قناديل تحت العرش وتقدم حديث البراء بن عازب أنها تصعد من سماء إلى سماء ويشيعها من كل سماء مقربوها حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة وفي لفظ إلى السماء التي فيها الله عز وجل.

ولكن هذا لا يدل على استقرارها هناك بل يصعد بها إلى هناك للعرض على ربها فيقضي فيها أمره ويكتب كتابه من أهل عليين أو من أهل سجين ثم تعود إلى القبر للمسألة ثم ترجع إلى مقرها التي أودعت فيه فأرواح المؤمنين في عليين بحسب منازلهم وأرواح الكفار في سجين بحسب منازلهم.

فصل وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين تجتمع ببئر زمزم فلا دليل على هذا القول من كتاب ولا سنة يجب التسليم لها ولا قول صاحب يوثق به وليس بصحيح فإن تلك البئر لا تسع أرواح المؤمنين جميعهم وهو مخالف لما ثبتت به السنة الصريحة من أن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة.

وبالجملة فهذا من أبطل الأقوال وأفسدها وهو أفسد من قول من قال أنها بالجابية فإن ذلك مكان متسع فضاء بخلاف البئر الضيقة.

فصل وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت فهذا مروى عن سلمان الفارسي والبرزخ هو الحاجز بين شيئين وكأن سلمان أراد بها في أرض بين الدنيا والآخرة مرسلة هناك تذهب حيث شاءت وهذا قول قوي فإنها قد فارقت الدنيا ولم تلج الآخرة بل هي في برزخ بينهما فأرواح المؤمنين في برزخ واسع فيه الروح والريحان والنعيم وأرواح الكفار في برزخ ضيق فيه الغم والعذاب قال تعالى( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) (المؤمنون/100) فالبرزخ هنا ما بين الدنيا والآخرة وأصله الحاجز بين الشيئين.

فصل وأما قول من قال إن أرواح المؤمنين عن يمين آدم وأرواح الكفار عن يساره فلعمر والله لقد قال قولا يؤيده الحديث الصحيح وهو حديث الإسراء فإن النبي رآهم كذلك ولكن لا يدل على تعادلهم في اليمين والشمال بل يكون هؤلاء عن يمينه في العلو والسعة وهؤلاء عن يساره في السفل والسجن.

وقد قال أبو محمد بن حزم إن ذلك البرزخ الذي رآه فيه رسول الله ليلة أسرى به عند سماء الدنيا قال وذلك عند منقطع العناصر قال وهذا يدل على أنها عنده تحت السماء حيث تنقطع العناصر وهي الماء والتراب والنار والهواء (35).

وهو دائما يشنع على من قال قولا لا دليل عليه فأي دليل له على هذا القول من كتاب وسنة وسيأتي إشباع الكلام على قوله إذا انتهينا إليه إن شاء الله تعالى فإن قيل فإذا كانت أرواح أهل السعاده عن يمين آدم وآدم في السماء الدنيا وقد ثبت أن أرواح الشهداء في ظل العرش والعرش فوق السماء السابعة فكيف تكون عن يمينه وكيف يراها النبي هناك في السماء الدنيا فالجواب من وجوه.

أحدها: أنه لا يمتنع كونها عن يمينه في جهة العلو كما كانت أرواح الأشقياء عن يساره في جهة السفل.

الثاني: أنه غير ممتنع أن تعرض على النبي في سماء الدنيا وإن كان مستقرها فوق ذلك

الثالث: أنه لم يخبر أنه رأى أرواح السعداء جميعا هناك بل قال فإذا عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة ومعلوم قطعا أن روح إبراهيم وموسى فوق ذلك في السماء السادسة والسابعة وكذلك الرفيق الأعلى أرواحهم فوق ذلك وأرواح السعداء بعضها أعلى من بعض بحسب منازلهم كما أن أرواح الأشياء بعضها أسفل من بعض بحسب منازلهم والله أعلم .

فصل وأما قول أبى محمد بن حزم أن مستقرها حيث كانت قبل خلق أجسادها فهذا بناء منه على مذهبه الذي اختاره وهو أن الأرواح مخلوقة قبل الأجساد وهذا فيه قولان للناس وجمهورهم على أن الأرواح خلقت بعد الأجساد والذين قالوا أنها خلقت قبل الأجساد ليس معهم على ذلك دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع إلا ما فهموه من نصوص لا تدل على ذلك أو أحاديث لا تصح كما احتج به أبو محمد بن حزم من قوله تعالى(وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا) الآية وبقوله تعالى(ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا) قال فصح أن الله خلق الأرواح جملة وهي الأنفس وكذلك أخبر عليه السلام أن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف قال وأخذ عز وجل عهدها وشهادتها وهي مخلوقة مصورة عاقلة قبل أن يأمر الملائكة بالسجود لآدم وقبل أن يدخلها في الأجساد والأجساد يومئذ تراب وقال لأن الله تعالى خلق ذلك بلفظة ثم التى توجب التعقيب والمهلة ثم أقرها سبحانه وتعالى حيث شاء وهو البرزخ الذي ترجع إليه عند الموت.

- وسنذكر ما في هذا الاستدلال عند جواب سؤال السائل عن الأرواح هي مخلوقة مع الأبدان أم قبلها إذ الغرض هنا الكلام على مستقر الأرواح بعد الموت وقوله أنها تستقر في البرزخ الذي كانت فيه قبل خلق الأجساد مبني على هذا الاعتقاد الذي اعتقده وقوله أن أرواح السعداء عن يمين آدم وأرواح الكفار الأشقياء عن يساره حق كما أخبر به النبي وقوله إن ذلك عند منقطع العناصر لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا يشبه أقوال أهل الإسلام والأحاديث الصحيحة تدل على أن الأرواح فوق العناصر في الجنة عند الله وأدلة القرآن تدل على ذلك وقد وافق أبو محمد على أن أرواح الشهداء في الجنة ومعلوم أن الصديقين أفضل منهم فكيف تكون روح أبى بكر الصديق وعبد الله بن مسعود وأبى الدرداء وحذيفة بن اليمان وأشباههم رضى الله عنهم عند منقطع العناصر وذلك تحت هذا الفلك الأدنى وتحت السماء الدنيا وتكون أرواح شهداء زماننا وغيرهم فوق العناصر وفوق السموات.
 
وأما قوله قد ذكر محمد بن نصر المروزى عن إسحاق بن راهويه أنه ذكر هذا الذي قلنا بعينه قال وعلى هذا جميع أهل العلم وهو قول جميع أهل الإسلام.

- قلت محمد بن نصر المروزى ذكر في كتاب الرد على ابن قتيبة في تفسير قوله تعالى (وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم )( الأعراف/172 ) الآثار التي ذكرها السلف من استخراج ذرية آدم من صلبه ثم أخذ الميثاق عليهم وردهم في صلبه وأنه أخرجهم مثل الذر وأنه سبحانه قسمهم إذ ذاك إلى شقي وسعيد وكتب آجالهم وأرزاقهم وأعمالهم وما يصيبهم من خير وشر ثم قال قال إسحاق أجمع أهل العلم أنها الأرواح قبل الأجساد استنطقهم (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل) الأعراف /172-173 هذا نص كلامه وهو كما ترى لا يدل على أن مستقر الأرواح ما ذكر أبو محمد حيث تنقطع العناصر بوجه من الوجوه بل ولا يدل على أن الأرواح كائنة قبل خلق الأجساد بل إنما يدل على أنه سبحانه أخرجها حينئذ فخاطبها ثم ردها إلى صلب آدم وهذا القول وإن كان قد قاله جماعة من السلف والخلف فالقول الصحيح غيره كما ستقف عليه إن شاء الله إذ ليس الغرض في جواب هذه المسألة الكلام في الأرواح هل هي مخلوقة قبل الأجساد أم لا حتى لو سلم لأبى محمد هذا كله لم يكن فيه دليل على أن مستقرها حيث تنقطع العناصر ولا أن ذلك الموضع كان مستقرها أولا.

فصل وأما قول من قال مستقرها العدم المحض فهذا قول من قال إنها عرض من أعراض البدن وهو الحياة وهذا قول ابن الباقلانى ومن تبعه وكذلك قال أبو الهذيل العلاف النفس عرض من الأعراض ولم يعينه بأنه الحياة كما عينه ابن الباقلانى ثم قال هي عرض كسائر أعراض الجسم وهؤلاء عندهم أن الجسم إذا مات عدمت روحه كما تقدم وسائر أعراضه المشروطة بالحياة ومن يقول منهم أن العرض لا يبقى زمانين كما يقوله أكثر الأشعرية فمن قولهم إن روح الإنسان الآن هي غير روحه قبل وهو لا ينفك يحدث له روح ثم تغير ثم روح ثم تغير هكذا أبدا فيبدل له ألف روح فأكثر في مقدار ساعة من الزمان فما دونها فإذا مات فلا روح تصعد إلى السماء وتعود إلى القبر وتقبضها الملائكة ويستفتحون لها أبواب السموات ولا تنعم ولا تعذب وإنما ينعم ويعذب الجسد إذا شاء الله تنعيمه أو تعذيبه رد إليه الحياة في وقت يريد نعيمه أو عذابه وإلا فلا أرواح هناك قائمة بنفسها البتة.

وقال بعض أرباب هذا القول ترد الحياة إلى عجب الذنب فهو الذي يعذب وينعم وحسب.

وهذا قول يرده الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وأدلة العقول والفطن والفطرة وهو قول من لم يعرف روحه فضلا عن روح غيره وقد خاطب الله سبحانه النفس بالرجوع والدخول والخروج ودلت النصوص الصحيحة و الصريحة على أنها تصعد وتنزل وتقبض وتمسك وترسل وتستفتح لها أبواب السماء وتسجد وتتكلم وأنها تخرج تسيل كما تسيل القطرة وتكفن وتحنط في أكفإن الجنة والنار وأن ملك الموت يأخذها يده ثم تتناولها الملائكة من يده ويشم لها كأطيب نفحة مسك أو أنتن جيفة وتشيع من سماء إلى سماء ثم تعاد إلى الأرض مع الملائكة وأنها إذا خرجت تبعها البصر بحيث يراها وهي خارجة ودل القرآن على أنها تنتقل من مكان إلى مكان حتى تبلغ الحلقوم في حركتها وجميع ما ذكرنا من جمع الأدلة الدالة على تلاقي الأرواح وتعارفها وأنها أجناد مجندة إلى غير ذلك تبطل هذا القول وقد شاهد النبي الأرواح ليلة الإسراء عن يمين آدم وشماله وأخبر النبي أن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة وأن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر وأخبر تعالى عن أرواح آل فرعون أنها تعرض على النار غدوا وعشيا.

ولما أورد ذلك على ابن الباقلانى لج في الجواب وقال يخرج على هذا أحد وجهين إما بأن يوضع عرض من الحياة في أول جزء من أجزاء الجسم وإما أن يخلق لتلك الحياة والنعيم والعذاب جسد آخر.

وهذا قول في غاية الفساد من وجوه كثيرة أي قول أفسد من قول من يجعل روح الإنسان عرضا من الأعراض تتبدل كل ساعة الوفا من المرات فإذا فارقه هذا العرض لم يكن بعد المفارقة روح تنعم ولا تعذب ولا تصعد ولا تنزل ولا تمسك ولا ترسل فهذا قول مخالف للعقل ونصوص الكتاب والسنة والفطرة وهو قول من لم يعرف نفسه وسيأتي ذكر الوجوه الدالة على بطلان هذا القول في موضعه من هذا الجواب إن شاء الله وهو قول لم يقل به أحد من سلف الأمة ولا من الصحابة والتابعين ولا أئمة الإسلام... ( الروح صــ112).

ملاحظة / ما ذكرت من تحقيق الأحاديث والتعليق عليها بـ"قلت" أو غيره إنما هو نقل بتصرف يسير عن محقق كتاب الروح (جزاه الله خيراً) عبد الفتاح محمود عمر .
 
(1) روى الطبراني وأحمد وابن ماجة عن كعب بن مالك وأم مبشر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(أرواح المؤمنين في أجواف طير خضر تعلق في أشجار الجنة ،حتى يردها الله إلى أجسادها يوم القيامة ).صحيح الجامع(925)

(2) رواه البخاري عن عائشة وأحمد ومسلم وأبو داوود وعن أبي هريرة والطبرني عن ابن مسعود، وابن مسعود ،وابن وهب في(الجامع) والحاكم أنظر صحيح الجامع (2765).

(3) قال عنه البخاري في الميزان: لايتابع في حديثه.

(4) رواه البخاري ومسلم ومالك والترمذي والنسائي عن ابن عمر .انظر جامع الأصول ج11صـ168- 169.

(5) المقصود به كتاب الروح للإمام الحجة ابن القيم رحمه الله

(6) رواه الشيخان والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر , صحيح الجامع (804)

(7) ضعيف بهذا السند , فيه إسماعيل بن مختار قال ابن عدي : ليس بمعروف. وقال البخاري : منكر الحديث . كما في الميزان .

(8) صحيح رواه أحمد و أبو داوود والحاكم عن ابن عباس , صحيح الجامع (5081)

(9) ج 13/ص31. ص33 . مسلم بشرح النووي . وزاد الترمذي: (فلما رأوا أنهم لا يتركون , قالوا : تعيد أروحنا في أجسادنا حتى نرجع إلى الدنيا فنقتل في سبيلك مرة أخر). وقال هذا حديث حسن صحيح .

(10) رواه البخاري وأحمد عن أنس وابن سعد وابن خزيمه وابن حبان ورواه الترمذي وزاد : (والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها) وهو صحيح . صحيح الجامع (7729).(7730)

(11) فيه يحيي بن عبد الحميد قال عنة في التقريب: حافظ , إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث . وقال عنه الذهبي في المغني : حافظ . منكر الحديث . وانظر ترجمته في الميزان والتهذيب . ويشهد لهذا الأثر الأحاديث الأخرى في هذا البحث .

(12) فيه خالد بن معدان قال في التقريب: (ثقة كثير الارسال) . وهنا لم يصرح بالسماع من ابن عمرو في التهذيب والجرح والتعديل لم يذكر له سماعاً من ابن عمرو فالأثر مرسل . قلت : وإن شئت أن تطلع على الروايات والآثار في هذا المعنى في حق الشهداء فراجع تفسير بن كثير ج1/426, 427 . (نقلاً عن عبد الفتاح محمود عمر محقق كتاب الروح . دار الفكر – عمان الأردن ص141 )

(13) حسن رواه أحمد والطبراني والحاكم وابن حبان وابن أبي شيبه والطبري والضياء , صحيح الجامع (3636) والبيهقي في أثبات عذاب القبر ص68.

(14) فيه موسى بن عبيدة قال عنه الحافظ في التقريب ضعيف ...

(15) نقلاً عن عبد الفتاح محمود عمر (الموقوف تقدم, وكلاهما من طريق خالد بن معدان وبينت هناك أنه كثير الإرسال ولم يثبت سماعه من أبن عمرو) الروح ج: 1ص99 .

(16) ضعيف فيه ضرار بن عمرو قال عنه يحي : لا شيء وقال الدولابي فيه نظر وذكر له الذهبي ثلاثة أحاديث اعتبراها من مناكيره

(17) ضعيف جداً , عيسي بن عبد الرحمن هو ابن فروه , قال عنة في التقريب: متروك أنظر ترجمته في التهذيب .

(18) صحيح . رواه أحمد والبخاري ومسلم وابن خزيمة في التوحيد, والطبراني عن ابن مسعود , صحيح الجامع (3408) لكن إلى قوله ستمائة جناح . وأما الزيادة فروى نحوها أحمد عن ابن مسعود أيضاً وحسنها ابن كثير ج 4/251 .

(19) رواه مسلم والترمذي وأبو داوود والنسائي عن عمر بن الخطاب , أنظر جامع الأصول ج1 / 209 .

(20) إسناده صحيح , وفي مختصر العلو حديث بهذا المعني عن أبي هريرة قال الذهبي : رواه أحمد والحاكم وقال هو على شرط البخاري ومسلم ووافقه الذهبي والألباني كذلك .

(21) ضعيف وحامد بن سلمه قال في التقريب أثبت الناس في ثابت , وتغير بأخره وعاصم وابن أبي النجود قال في التقريب : صدوق له أوهام .

(22) ضعيف وداود بن يزيد قال في التقريب : ضعيف . أنظر ترجمته في الميزان .

(23) صحيح رجاله ثقات

(24) هذا الأثر رواه بن جرير كما قال ابن كثير , وساق سنده , فصواب العبارة أن يقال جرير (هو ابن حزم) عن الأعمش. ووصفه ابن كثير بقوله : أثر غريب عجيب ثم ساقه وقال بعده . هذا من أخبار كعب الأحبار الأسرائيليات وفي بعضه نكاره والله أعلم ) تفسير ابن كثير ج3 / 126. قال عبد الفتاح محمود عمر محقق كتاب الروح : قلت : وشمر لم أجد من ذكر له رواية عن هلال. فيكون فيه انقطاع أيضاً ص152 .

(25) يعقوب القمي قال في التهذيب صدوق يهم .

(26) القاسم بن عوف في التقريب : صدوق يغرب . قلت : وهذا السند لا يصلح شاهداً ويبقى ضعيفاً .

(27) الأجلح فيه كلام . راجع ترجمته في الميزان ضعفه غير واحد وقال في التقريب : صدوق شيعي .

(28) ضعيف فيه جهالة الرجل الراوي عن سعيد بن المسيب .

(29) ضعيف . حماد بن سلمه , تقدم أنه تغير بآخر , وشهر بن حوشب قال في التقريب: صدوق كثير الإرسال والأوهام .

(30) قلت : إن صح السند إلى سفيان فلأثر صحيح .

(31) ضعيف مسلسل بالضعفاء حماد بن سلمه , تقدم أنه اختلط ,وعلى بن زيد هو ابن جدعان, قال في التقريب : ضعيف, ويوسف بن مهران قال في التقريب : لين الحديث .

(32) ضعيف, فيه جهالة الرجل صاحب القصة , وأبان بن تغلب ثقة فيه تشيع .

(33) قال محقق الكتاب (عبد الفتاح محمود عمر): قلت : بعد قراءة ما كتبته في تحقيق الآثار المتقدمة يتبين للقاريء الكريم أنها ضعيفة وبالتالي لااعتبار لمثل هذا القول الذي لا دليل علية, بل الدليل يخالفه كما تقدم معنا في أول المسألة .

(34) رواه أحمد في مسنده. 5/278 ومسلم في الفتن 19, وأبو داوود في الفتن , والترمذي في الفتن 14 , وابن ماجة في الفتن 9.

(35) وهذا الرأي لأرسطو قاله بعده كثير من فلاسفة العرب ومتكلميهم . وهو رأي قد أثبت العلم خطأه : فالماء ليس عنصراً ولكن جسم مؤلف من عنصرين : الأوكسجين والهيدروجين والهواء ليس عنصراً ولكن غاز مؤلف من عنصرين : الأكسجين و الأزون وهكذا دواليك والعناصر ليست أربعة بل بضعة وتسعون عنصراً . نقلاً عن عبد الفتاح محمود عمر .


نقلا عن جامعة الإيمان بإشراف الشيخ عبد المجيد الزنداني حفظه الله.
 
السلام عليكم

بارك فيكم الرحمان

وجزاكم خير

ماشاء الله روعة
 
بارك الرحمن فيكم ياسيدي على حسن التفصيل
لكن ما أوردته في تساؤلي هو محض تلقينات تم حشو عقولنا بها منذ الصغر..
والحمد لله الذي سخركم لنا حتى نتجنبها..حياكم الرحمن..
 
بارك الله فيك أبا ياسر، لي عودة للاستفادة ان شاء الله.
 
بارك الله فيكم
موضوع رائع ومفيد
جزاكم الله كل خير على مجهوداتكم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فكرة مميزة
بارك الله فيكم
:)
 
بارك الرحمن فيكم ياسيدي على حسن التفصيل
لكن ما أوردته في تساؤلي هو محض تلقينات تم حشو عقولنا بها منذ الصغر..
والحمد لله الذي سخركم لنا حتى نتجنبها..حياكم الرحمن..

وفيكم بارك الرحمن

نسأل الله أن يفقهنا في ديننا ويعلمنا منه ما جهلنا لنعلم ما له أصل في ديننا ممن لا أصل له فيه.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top