السؤال التاسع : ما دليل علو الفوقية و علو القدر و علو الشأن من الكتاب و السنة مع اعطاء بعض معانيها؟
لم يبقى الا سؤال و تنتهي هذه المرحلة، أبشركم أن المرحلتان الباقيتان ستكون أسرع و أسهل من هته الفائتة و الله المستعان و عليه التكلان، و لا زلت على العهد في اكرام الفائزين بما يسرهم و ينفعهم بإذن الله.
س : ما دليل علو الفوقية من الكتاب ؟
جـ : الأدلة الصريحة عليه لا تعد ولا تحصى ، فمنها هذه الأسماء وما في معناها ، ومنها قوله : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } في سبعة مواضع من القرآن ، ومنها قوله تعالى : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ } ، ومنها قوله تعالى : { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ } ، ومنها قوله تعالى : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } ، وقوله تعالى : { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ } ، وقوله : { يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ } ، وقوله تعالى : { يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } ، وغير ذلك كثير .
س : ما دليل ذلك من السنة ؟
جـ : أدلته من السنة كثيرة لا تحصى ، منها قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال : « والعرش فوق ذلك ، والله فوق العرش ، وهو يعلم ما أنتم عليه » (1) ، وقوله لسعد في قصة قريظة : « لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبعة أرقعة » ، وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية : « أين الله " ؟ قالت في السماء . قال : " اعتقها فإنها مؤمنة » (2) ، وأحاديث معراج النبي صلى الله عليه وسلم ، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث تعاقب الملائكة : « ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم » (3) . الحديث ، وقوله صلى الله عليه وسلم : « من تصدق بعدل ثمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب » (4) . الحديث ، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الوحي : « إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان » (5) . الحديث ، وغير ذلك كثير ، وقد أقر بذلك جميع المخلوقات إلا الجهمية .
_________
(1) ( ضعيف جدا ) ، رواه ابن أبي عاصم في السنة ( 577 ) ، وأبو داود ( 2724 ) ، والترمذي ( 3320 ) ، وابن خزيمة في التوحيد ( 68 ) من طرق عن عبد الرحمن بن عبد الله الرازي ، ثنا عمرو بن أبي قيس ، عن سماك ، عن عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف بن قيس عن العباس مرفوعا . . ) ، وفيه عبد الله بن عميرة ، قال الذهبي : فيه جهالة ، وقال البخاري : لا يعرف له سماع من الأحنف بن قيس . والحديث أخرجه أبو داود أيضا وابن ماجه ( 193 ) ، والآجري في الشريعة ص ( 292 ) من طريق أخرى عن عمرو بن أبي محسن ، وعمرو هذا صدوق له أوهام وله بعض المتابعات الأخرى وهي واهية ، ومنها ما أخرجه أحمد ( 1 / 206 ، 207 ) في سنده يحيى بن العلاء متهم بالوضع .
(2) رواه مسلم ( مساجد 33 ).
(3) رواه البخاري ( 555 ، 3223 ) ، ومسلم ( مساجد / 210 ) .
(4) رواه البخاري ( 7430 ، 1410 ) ، ومسلم ( الزكاة / 63 ) .
(5) رواه البخاري ( 4701 ، 4800 ) .
س : ماذا قال أئمة الدين من السلف الصالح في مسألة الاستواء ؟
جـ : قولهم بأجمعهم رحمهم الله تعالى : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، ومن الله الرسالة ، وعلى الرسول البلاغ ، وعلينا التصديق والتسليم ، وهكذا قولهم في جميع آيات الأسماء والصفات وأحاديثها : { آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا } ، { آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } .
س : ما دليل علو القهر من الكتاب ؟
جـ : أدلته كثيرة ، منها قوله تعالى : { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } ، وهو متضمن لعلو القهر والفوقية ، وقوله تعالى : { سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } ، وقوله تعالى : { لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } ، وقوله تعالى : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } ، وقوله تعالى : { مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا } ، وقوله تعالى : { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ } ، وغير ذلك من الآيات .
س : ما دليل ذلك من السنة ؟
جـ : أدلته من السنة كثيرة ، منها قوله صلى الله عليه وسلم : «
أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها » (1) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : « اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك » (2) . الحديث ، وقوله صلى الله عليه وسلم : « إنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذلّ من واليت ولا يعز من عاديت » (3) ، وغير ذلك كثير .
_________
(1) رواه مسلم ( الذكر / 61 ، 62 ، 63 ) .
(2) رواه أحمد ( 1 / 391 ، 452 ) ، تقدم هامش 3 س 52 .
(3) ( صحيح ) ، رواه أحمد ( 1 / 199 ، 200 ) ، وأبو داود ( 1425 ، 1426 ) ، والترمذي ( 464 ) ، وابن ماجه ( 1178 ) ، والحاكم ( 3 / 172 ) ، والنسائي ( 1746 ، 1178 ) ، قال الإمام الترمذي : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه . وسكت عنه الإمام أبو داود مشيرا إلى قبوله ، وقال الشيخ شاكر رحمه الله : إسناده صحيح . قال الشيخ الألباني : زاد النسائي في آخر القنوت ( وصلى الله على النبي الأمي ) وإسنادها ضعيف ، وقد ضعفها الحافظ بن حجر العسقلاني والزرقاني وغيرهم ، ا هـ . ( صفة صلاة النبي 160 ) ، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين إلا أن محمد بن جعفر بن أبي كثير قد خالف إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة في إسناده ، وقد صححه ابن خزيمة ( 1095 ) والألباني .
س : ما دليل علو الشأن وما الذي يجب نفيه عن الله عز وجل ؟
جـ : اعلم أن علو الشأن هو ما تضمنه اسمه القدوس السلام الكبير المتعال وما في معناها ، واستلزمته جميع صفات كماله ونعوت جلاله ، فتعالى في أحديته أن يكون لغيره ملك أو قسط منه ، أو يكون عونا له ، أو ظهيرا أو شفيعا عنده بدون إذنه أو عليه يجير ، وتعالى في عظمته وكبريائه وملكوته وجبروته عن أن يكون له منازع أو مغالب أو ولي من الذل أو نصير ، وتعالى في صمديته عن الصاحبة والولد والوالد والكفؤ والنظير ، وتعالى في كمال حياته وقيوميته وقدرته عن الموت والسنة والنوم والتعب والإعياء ، وتعالى في كمال علمه عن الغفلة والنسيان وعن عزوب مثقال ذرة عن علمه في الأرض أو في السماء ، وتعالى في كمال حكمته وحمده عن خلق شيء عبثا وعن ترك الخلق سدى بلا أمر ولا نهي ولا بعث ولا جزاء ، وتعالى في كمال عدله عن أن يظلم أحدا مثقال ذرة أو أن يهضمه شيئا من حسناته ، وتعالى في كمال غناه عن أن يطعم أو يرزق أو يفتقر إلى غيره في شيء ، وتعالى في جميع ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله عن التعطيل والتمثيل ، وسبحانه وبحمده وعز وجل وتبارك وتعالى وتنزه وتقدس عن كل ما ينافي إلهيته وربوبيته وأسماءه الحسنى وصفاته العلى : { وَلَهُ الْمَثَلُ
الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ، ونصوص الوحي من الكتاب والسنة في هذا الباب معلومة مفهومة مع كثرتها وشهرتها .