هي ساعاتٌ قليلةٌ جمعتنِي بأشخاص لا أعرفهم في قاعةِ الانتظار بعيادة الطبيب
ولكنّهم تركوا في نفسي اثراً وفي قلبي شقّاً يزداد نزيفه كلّما أتذكر كلماتهم
فبالرغم من عدم معرفتهم لبعضهم البعض كانوا يتشاركون مشاكلهم وهمومهم التي أثقلت كاهلهم
فتلمح لمعة الدّموع في عيون كلّ واحد منهم وقد جلدت الحياة ايامهم بسياطها
لتخلّف تلك التجاعيد والهالات التي تحيط بعيونهم
......
هي سيّدة تجاوز سنّها الستّين حسب خطوط التجاعيد التي تمرّدت على بشرتها البيضاء
غشاء الحزن يخفي جمال وجهها ولون عينيها السماوي ولكنّها تقاومه بابتسامة هادئة على وجهها
تتأمّل الجميع وتبتسم لأحاديثهم ثم تغوص في شرودها لتستفيق كغريق تم انتشاله من عمق المحيط
.........
تنهدت كثيراً قبل أن تبدأ بإلقاء همومها أمامنا وكأنها تتجرّع مرارة الألم والفقدان {قبل خمسةِ اشهرٍ فقدتُ إبني صاحب الـ 32 عاماً }
تعالتِ الاصوات {لاحول ولا قوة إلا بالله ..لا يزالُ شاباً .. رزقكِ الله الصبر}
أومأت برأسها شاكرةً لدعواتنا ثم أخرجت من محفظة نقودها صورةً له تحتفظ بها ككنز ثمين
وقالت وهي تعكس شعور الحزن بداخلها بابتسامة كمرآةٍ منكسرة { ماشاء الله ..وسيم وطويل القامة .. رجل به كلّ الصفات}
لمعت عيناها وهي تتأمّل صورته كأنّها تراه لأول مرة كما نراه نحن ثم أخرجت منديلا
تجمعُ عليه حبّاتِ دموعها المتناثرة وقد خلّفت احمراراً واضحاً في عينيها المتعبتين
واصلت حديثها بتأثر وهي تحاول منع دموعها من الانسياب {كنت ألحّ عليه بالزواج ولكنّه كان يرفض بشدّة .. يا ليته ترك لي اطفالاً أشم رائحته
فيهم وأتأمل ملامح وجهه عليهم .. ولكن الحمد لله على كل حال
كان محبوباً من طرف الجميع نظيف اللسان نقيّ القلب
يلقي بمرحه على كل شخص عابس حزين ليستسلم للابتسام ..
أعطيت قميصه لأخيه الاصغر ليرتديه فوجد بداخل جيبه قطع حلوى وقطع نقود
تركها أخوه قبل موته .. احتفظت بتلك القطع النقدية القليلة وبالحلوى
وكل يوم أتفقدها .. استنشق عطره فيها .. احتضنها وكانني أحتضنه هو
مازال جسدي للآن ينتفض سعادةً وأملاً كلّما رأيت شخصاً يرتدي نفس معطفه
كلّما رأيتُ شخصاً بنفس طوله .. بنفس ملامحه .. لربما يعود للحياة وأحتضنه مرّة أخرى
مازلت أتذكر لحظاته الأخيرة .. كان بكامل قوته بنفس مرحه .. ذهب باتجاه غرفته
وفجأة ارتعش جسده واستند للحائط بظهره وهو يسقط بهدوء على الارض وقد خارت قواه
تعلقت نظراته بوجوهنا .. ولكن قبل نقله للمستشفى كانت روحه في السماء}
رفعت منديلها تمسح عيونها مجددا بعدما بللت وجهها الدموع
هي تعلم أنه عليها الدعاء له بالمغفرة والرحمة فقط ولكن قلب الام بداخلها كان يمطر
دمعاً كلّما تذكرت ملامحه واشتقات لوجوده،
شعرتُ بوخزات الدّمع في عيني منبئة بفيضان عنيف بعد ما سمعته من تلك السيدة
ولكن لحسن الحظ حان دوري للدخول لمكتب الطبيب فخرجت من ذلك الجوّ الذي يدمي القلب
....... حين تجد نفسكَ غريقاً في بحر همومك .. مدفوناً تحت تربة يأسِك
تذّكر أن في هذا العالم أناساً تجري الدموع على وجههم كشلال لا يجف
تذّكر أن في هذا العالم من يتمنى القليل من راحة البال التي تنعم بها أنت بين الحين والآخر
تذّكر أن خلف كلّ بسمة جميلة تزيّن وجه أحدهم جرحٌ دامي يأبى ان يندمل
تذكّر أن خلف كلّ باب هادىءٍ تنمو الازهار على جانبيه صرخات ألم وحزنٍ تقطّع الفؤاد
مثلما نحن نعاني في بعض الاحيان هناك من يرى في المعاناة حياةً يومية اعتاد عليها
لذلك كرّروا دائما " الحمد لله على كلّ حال"
دخل المستشفى راكضاً .. يبحث عن الغرفة التي ترقد بها زوجته بلهفة وشوق لرؤية أول مولود له
كيف هو شكله؟؟ .. هل يشبهه؟؟.. هل سيحمله بين ذراعيه؟ .. لقد انتظر قدومه تسعة أشهر كاملة
وأخيراً جاء من يحمل اسمه وإسم عائلته
تلقى صفعة قويّة على وجهه إثر الصدمة .. بنت؟؟ .. المولود الذكر الذي بنى آماله عليه اصبح بنتاً؟
رمى نظرات قاسية على زوجته التي تسرّبت الدموع على وجنتيها .. فهي التي كانت تنتظر ابتسامته
وبهجته بحمل صغيرته بين ذراعيه ولكنه قابلها بنظرات متجمدة وكأنها السبب في ذلك
.........
مرّت 3 سنوات والاب يتحاشى التقرب من صغيرته .. لا يقبّلها ولا يلاعبها .. حتى اسمها لم يزر
لسانه أبداً .. وكأنها طفلة يتيمة يربيها شفقة عليها وليس لأنها تحمل دماءه في عروقها وتحمل اسمه
ترمقه زوجته بين الحين والآخر بنظرات حزينة .. معاتبة إياه على تصرفه إتجاه فلذة كبده
فماذنبها إذا كانت أنثى ولم تكن ذكراً؟
........
في احد الايام عاد للبيت متعبا فوجدها تجلس على الاريكة تشاهد التلفاز بهدوء
تردد في الجلوس بجانبها ثم استسلم وجلس بجوارها يتابع ماتتابعه دون أن ينطق بكلمة
غلبه النعاس فنام وهو جالس بينما شعرت صغيرته بالنعاس كذلك فاحتمت بجسده ونامت على صدره
رأت والدتها ذلك المشهد الذي حرمت من رؤيته طويلا لصغيرتها وهي تحتمي بجسد والدها
فذرفت الدموع وهي تتمتم بأن يهدي الله زوجها ويقوم بدوره كأب حنون عطوف على صغاره
..........
اعتاد على حركاتها البريئة .. على التصاقها به بحركات عفوية دون ان تدرك أنه يخشى قربها منه وهي ابنته
توقف أمام أحد محلات بيع الحلوى وكأن ضمير الابوة قد تحرك بداخله
اشترى قطعا من الحلوى وخبأها في جيبه وهو يتخيل مدى سعادتها حين يقدمها لها
دخل البيت ليجد زوجته تغادر لأمر طارىء تعده بعودتها بسرعة شرط ان يعتني بالصغيرة إلى حين عودتها
دخل الغرفة ليجد صغيرته تجلس أرضاً تلهو بلعبها اقترب منها واعطاها قطع الحلوى دون ان يبتسم بوجهها
وجدت صعوبة في تحرير الحلوى من غلافها فاقترب منها يساعدها على فتحها ويضع القطع في فمها
ولأول مرة تبتسم له بوجهها الملائكي وضحكتها البريئة .. احس بشيء من السعادة في قلبه لرؤية ابتسامتها
جلس على الاريكة يشاهد التلفاز بينما الصغيرة تلعب بجواره .. فجأة أحس بدوار في رأسه
حاول فتح ربطة عنقه دو جدوى وقف باتجاه الهاتف ولكن ارتعشت قدماه فسقط ارضا واحاط الظلام بعينيه
احس فجأة بأنفاسها المضطربة تحيط بوجهه .. إنها صغيرته لا شك
فجأة شعر بيديها الصغيرتين وهما تضعان قطعة الحلوى التي كانت بفمها داخل فمه
لم يعد يشعر بعدها بشيء إلى ان فقد الوعي
فتح عينيه ليجد الطبيب وزوجته بجواره .. استفسر عما حدث معه
فأخبره الطبيب أنه حصل معه انخفاض حاد في نسبة السكر فسقط مغشيا عليه ولولا قطعة الحلوى
التي وضعتها صغيرته في فمه قبل ان تعود زوجته لكان في عداد الموتى
صغيرته التي يتحاشى النظر لوجهها كانت سببا في نجاته ؟
بللت الدموع وجهه وقد ندم على مافعله ووعد نفسه بأن يعطي لصغيرته الحنان الذي فقدته طول تلك السنوات الماضية قصة واقعية قرأتها قبل سنوات على إحدى الجرائد فأعدت كتابتها بطريقتي ^^
وأكثر ما يحزنني هو أنّني اشتقت للسّجود
اشتقت لملامسةِ السجّادةِ بجبيني وترديد الدعوات بهدوء
إصابة قدمي لم تمنعني من الصلاة ... ولكنها تمنعني من السجود
فأكتفي بالصلاة على كرسي أراقب منه موضع السّجود دون إمكانية الوصول إليه يارب .. رمضان على الأبواب
لا تحرمني من تلك السّجدة ولا تحرمني من رمي كلّ همومي وجسدي المرهق
على السّجادة باستسلام وسعادة واطمئنان في نفس الوقت
يا رب كلّ يوم أطمئن لشفاء قدمي فيعود الأمل لقلبي ولكن سرعان ما تتدهور حالتها
فأحزن من جديد .. يارب لا اعتراض على قضائك والحمد لله على كل حال ولكن أرجوك ان ترزقني الشفاء العاجل
دعواتكم إخوتي
اليوم قُمت لصلاةِ الفجر ..
لا أخفيكم سرّاً إخوتي بسبب إبتعادي عن السّجود في كلّ صلاة فقدتُ تلك اللّذة التي اعتدتها
(ربي يغفرلي ان شاء الله ويسامحني)
أعلمُ أنّ الصلاة لا تنقصُ قيمتها بسجود أو بركوع فهي كلّها راحة للنفس وطمأنينة للقلب
ولكنّ الشيطان بدأ يلعب بعقلي ليريني بأن صلاتي بلا سجود لا معنى لها
(فقد كان السّجود أحبّ موضع لي في الصّلاة وترتاح نفسي فيه)
وبالرغم من أنّها ليست أوّل مرّة اصاب في قدمي واصلي على الكرسي وكان ذلك قبل 4 سنوات
ولكن والله لم اتعلّق بالسّجود كما هذه المرّة
.......
رتّبتُ السّجادة للصّلاة وفي آخرها وضعتُ الكرسيّ حتى أجلس عليه في موضع السّجود
وقفت لتأدية الصلاة بشكل عادي بشرط أن لا أركز ثقل جسدي على قدمي المصابة
ولكن بعد الرّكوع عليّ الجلوس على الكرسيّ فلا يمكنني السّجود او الجلوس للتشهد
.......
بعد الرّكوع سرح بي عقلي ولم أنتبه للحركات التي أقوم بها وفجأة وجدت نفسي ساجدة على الأرض
بحركة لا إرادية وجدتُ نفسي ساجدة !
لم أنتبه حتّى أحسستُ بوخزاتِ في قدمي فأدركتُ أنّني ساجدة
أدركتُ أنّني اضعُ جبيني على السجّادةِ كما اعتدتُ دائماً .. تتصادمُ أنفاسي الحارة بها وتعود إلي
اضطربت دقات قلبي وشعرتُ بسعادةٍ لا مثيل لها .. وكيف لا؟ وانا قد حرمت من هذه السجدة طويلا
والله يا إخوتي شعرتُ برغبة في البكاء، ربّما يبدو أمراً عادياً عند معظمكم
ولكن في تلك اللحظة شعرتُ بنعمة السّجود التّي لا نلقي لها بالاً بينما غيرنا يتمنى ذلك
تذكرتُ المرضى الذين بُترت اقدامهم .. والذين أصيبوا بشلل .. وآخرون معاقون حركيا
كلّ هؤلاء يصلّون من دون الوصول لموضع السّجود
شعرتُ برحمة الله بي وبالنعمة التي أعشيها لدرجة أنّني كنت أتلهفُ لكلّ سجدة تلو الأخرى وكأنّني اشبعُ اشتياقي
والله يا إخوتي .. والله والله والله لثلاث مرّاتٍ تلك السّجدات زادتني جرعة إضافية من النشاط والسعادة التي كنت افتقدها
......
في تلك اللحظة شعرتُ بألم في قدمي ولكنني لم أتوقف عن السّجود
كان من الصعب عليّ الوقوف من السّجود أو الجلوس للتشهد ولكنّ كلّ سجدة كانت كالمخدر الذي يحذف
الألم الذي يأتي بعدها
بعد اكتشافي لسجودي كان بإمكاني مواصلة الصلاة على الكرسي ولكن لا ..
هذه إشارة من الله يخبرني فيها أنه يمكنني السّجود حتى ولو كان ذلك صعبا أو مؤلما فلا بأس
ولا يمكنني تضييع هذه الفرصة
.......
شكرتُ الله كثيرا عند انتهائي من الصّلاة وردّدت كلمات الحمد طويلاً شاكرة الله على تحقيق أمنيتي
فقد دعوتُ الله أن لا يحرمني من سجداتٍ طويلة في جوف الليل من ذلك الشهر الفضيل "رمضان"
والحمد لله استجاب الله لدعائي
...... إخواني الكرام / أخواتي الكريمات
والله لا يوجد في الدّنيا أجمل وألذّ واروع من صلاةٍ تربطكِ بخالقك
ومن سجدةِ تشعر فيها وكأن كل السموات التي تبدو بعيدة عنك او حاجزاً أمامك لا وجود لها وبأن الله قريب منك كأنه أمامك
يستمعُ لكلامك ولدعواتك ويرى دموعك
تشعرُ بدفء رحمته ينزل على قلبك يداوي جروحك وبأنه الوحيد الذي يشعرُ بما يختلج قلبك
من هموم وأحزانٍ ومتاعب وفي نفس الوقت هو القادر على إزالتها ومداواتها
فهو الطبيب وهو الشافي وهو القريب
فمن فضلكم لا تهملوا صلاتكم فهي الحبل الذي يربطكم بالخالق عزّ وجلّ /شكرا لكل من تذكرني بدعوة ^^ ربي يحفظكم جميعا/
غدًا أوّلُ يومٍ من إمتحانِ شهادة الباكالوريا
لي أختٌ من أبِي وأمّي تستعدُّ لهذا الإمتحان .. يــارب وفقها
وايضاً لي أخواتٌ لم تجمعني بهن رابطة الدم ولكن جمعتني بهن الأُخوة والصداقة معاً
يــارب وفقهن وسهل لهن كل ماهو صعب
وكلّل جهودهن بالنجاح
ماجدة / اسماء / عبير/شاعرة الأمل .. والبقية ربي يفرحكم ويفرحنا معاكم ان شاء الله
بالتوفيق ان شاء الله
إلى كُلّ مَن يَقرأ هذا الكلآم "
لا بَأس إن أخطأتَ يوماً { كذِبتَ، أذنبتَ ذنباً، ظلَمت أَو آذيتَ شخصاً }
هذهِ فُرصتُك لتَمحِي ذُنوبك ، فلا يُوجدُ شخصٌ معصُومٌ عَن الخطأ ،
اجعَلها بدايةً جدِيدة لك ، فحتّى وَلو سَقطتَ من أعلَى السُلّم
لابُدَّ أن تقوم وتصعدهُ مُجدّداً ، اغتنِم فُرصة قُدوم هذا الشّهرِ الفضيل
واعتبرهُ آخر شهر تصُومه ، إذا كُنت لا تُصلّي فابدأ الصّلاة ،
إذا ظَلمتَ شخصاً أُطلبِ العفو، إذا أخطَأت في حقِّ نفسِك وأرهقتَها بالذُّنوب
فتُب لخالِقكَ ، وامحِِ تِلك الذُنوب بجبالٍ من الحسنات ،
فالحسناتُ تتضاعفُ في هذا الشّهر ، "اليَومَ نحنُ هُنا وغداً قَد لا نكُون" تذكّرُوا هذه الجُملةَ جيّداً ،
فالدُّنيا لَو كانت تدُوم لشخصٍ ما لدآمت لخير خلقِ الله مُحمّدٍ صلّى الله عليهِ وسلّم ،
مِن خلالِ هذِه الكلِماتِ البسِيطة أتمنّى أن تُنار قلُوب النّاس
وتُشِعّ إيماناً وحُبًّا في التّقرُّبِ من الله تَعالى ،
حتّى نتمكّن جمِيعُنا مِن استِقبالِ هذا الضّيف العزيز
بأحلى حُلّةٍ حَتَّى يتشوّق لِلُقيانا العامَ القادم بإذن الله
رَمضانُكُم مُبارك ادخله الله علينا باليمن والبركات سائلين الله
أن يعيننا على صيامه وقيامه، وأن يكتبنا فيه من عتقائه من النيران
كتبتها يوم 2015/06/14
على الساعة 18.53
~لؤلؤة قسنطينة~
نَامِي يا صغيرتِي بينما أداعِبُ خصلآتِ شعرِكِ النَّاعِمة
نَامِي بينما أتشبث بأصابعكِ الصغيرة وأعدّ عليها أمنياتي أبحِري في أحلامِكِ باطمئنان بينما أنام بجانبِك أحاربُ الكوابيس المزعجة التّي تعكّر صفو تلك الأحلام الوردية
نامِي بهدوءٍ يا صغيرتي فشرور العالم كلّها لا يمكن أن تؤذيك وأنا بقربكِ ...
إن عصفت رياحُ الذِّكرياتِ الحزينة ارتفع شراع قلوبنا منبّئا بعاصفة بكاءٍ هوجاء
وحتّى تِلك الذكريات السعيدة وإن كانت تتميز بلون قوس قزح .. فلا وجود لقوس قزح من دون قطرات المطر للأسف قلوبُنا المنهكة لم تعد تفرّق بين السّعادةِ والحُزن ...
وَحِين ألتقِيكَ سأبتسمُ واقُول لكَ بصوت خآفِتٍ
{هل أُخبِرُكَ بسِرّ عنك؟}
فتتعجّبُ من ثقتي وتنتظرُ إجابتي بلهفة
فأقول لك
{كنتَ تصلِّي في ظلمة اللّيل وتدعُو الله أن يرزقكَ بزوجة صالحة}
فتبتسم وتقول لي {كيف عرفتِ ذلك؟ .. ألأنّكِ زوجة صالحة؟ }
فأقول لكَ
{ رُبّما لم أرقَى لمرتبة الزوجة الصالحة بعد
ولكن في ذلك الوقت الذّي كنتَ فيه تدعو الله ..
كنتُ رافعة يديّ للسّماء وأقول .. يا رب ذلك العبد الذي يدعوك في هذه اللحظة
وفي هذا الوقت المتأخر من الليل ويرجوك ان ترزقه زوجة صالحة .. اجعلني من نصيبه
يا رب أنا لا أعرف شكله .. ولا إسمه .. ولا حتى من هو ومن يكون
ولكن ما اعرفه أنه يشاركني خيط الدعاء في هذه الليلة فاجعلني من نصيبه
واجعلني بعونك وعونه زوجة صالحة }
لِقاؤنا إن لم يكُن في الدّنيا ففِي الدُّعاء نَلتقي ...
وأحياناً،’
ماترويهِ الملآبِس من قِصصٍ يعجزُ اللّسانُ عن سردها
كموقفٍ معينّ .. أو حادثةٍ محزنة .. أو لقاءٍ مميّز
كنت ترتدي فيه تلك الملابس
فتتكفل هي بإنعاش ذاكرتك عند الحآجة
... وَملابسنا كشريط سينمائي يعرضُ ما فآتنا من أحداث ..
يوماً ما ,، سأرتِّبُ لكَ قمِيصَ الصّلاةِ ناصِعَ البياض
و أُساعدُكَ في إغلاقِ الأزرار الثلاثة المعلّقة في عُنقِ ذلك القميص
وأنتظِرُ منكَ ابتسامةً بريئة وقُبلة هادئة على جبيني
ثم أرافِقُكَ للمسجد وأُصلي صلاةً تكون أنتَ فيها إمامي
هَل سبقَ وأن رأيتُم مقبرةً مجهّزةً بالأثاث؟!
أنا رأيتُها البارحة .. هيكلها الخارجّي هيكلِ منزلٍ وبداخلها أثاثٌ وتلفاز وأجهزة كهرومنزلية
ولكن أرواحَ ساكنيها ماتت منذ زمن .. اصبحت اجسادهم تتحرّك بشكل تلقائي كأنها أجسادُ آليين
غابت ابتساماتهم .. غابت ضحكاتهم .. غابت ملامح السّعادة عن وجوههم ذلك البيت
الذِي كانت تميّزه سهرات رمضانية .. تميّزه ضحكاتُنا وأحاديثنا المشوقة ..
أصبح هادئاً كهدوء المقابر خاويا لا تكاد ترى فيه بشراً
ينقصُ فيه فقط رؤية ذلك القطّ الاسود الذي ينام على قبر خاوٍ
....
هل رحيلُكِ ترك كلّ هذه الفجوة؟ هل لرحيلكِ سبب في كرهِي زيارة البيت الذي كنت اذرف الدموع عند مغادرتي له؟
صدقَ من قال إذا غابت الأمّ أظلمت الدّنيا
فوجودكِ كان خيطاً ذهبياً يجمعُ كلّ افراد الاسرة
وبرحيلك اصبح البيت مهجوراً حتى العناكب أبت السكن فيه
....
رؤية البيتٍ الذي كان يُزهر فرحاً ليصبح كئيبا تحيط به هالة سوداء
تدعو حقاً للبكاء
غريبٌ أمرُ هذه الدُّنيا .. أم غريبٌ هُو أمرُنا نحنُ البَشر؟؟
حين نلِجُ غرفة الذاكرة .. وفي زاوية منفردة حيثُ تراكمَ الغبارُ على ذكرياتنا القديمة
نعيد انعاشَ شريطٍ قديم يعرضُ مامحته عجلة الزمن من ذكريات لنرحل معه لذلك الزمن الجميل
.....
حيث كان وقت الظهيرة موعداً لنومِ الصّغار وكلمةُ {غُولٍ} مفزعةٌ لحدّ البكآء ..
ترتِبُ لنا الأم في ذلك الوقت بساطاً مصنوعاً من قطعة قماشٍ بسيطة
ثم نتشاركُ نحن الأطفال جميعاً النوم عليه ولا نأبه بصغر حجم المساحة فكل ما يغرينا
هو تلك القصص التي نرويها لبعضنا البعض بصوت خافت حتى تُعدم قصصنا بعقاب الأم
الذي ينتهِي بنومٍ عميق .. كان هنالك عقاب ولكننا ننام مبتسمين ونعيد الكرّة كلّ مرة
.....
في ذلك الوقت كان الخروج للعب لسويعآتٍ قليلة كأمنية فاخرة
نلهو فيها بالحصى وبالتراب لتتعفر وجوهنا وملابسنا فترتفع ضحكاتنا وكأننا في مدينة للملاهي
بينما مدينة الملاهي خاصتنا صُنعت من رملٍ وبعض الحصى وأوراق شجر يابسة
نستمتع بوقتنا ونصنع ألعابنا بأيدينا دون ملل أو كلل وتظل الابتسامة عالقة
بوجوهنا كأننا نملك عصاً سحرية تنثر السعادة بهزة واحدة منها
....
في ذلك الزمن .. كانت سرقةُ حلوى العيدِ هوايتنا واستكشاف ما بداخل العلب النائمة تحت السرير مهمتنا
حتى ازعاج النائمين والاستمتاع بدغدغة اقدامهم كان ممتعا بالنسبة لنا
وطعام الجدّات ببساطته كان ألذ من طعم الحلوى وكأن لكلماتها العذبة نكهة مميزة تضاف للطبق
حتى مطبخنا وكان مميزا .. به أواني ومأكولات بلاستيكية وبهارات مصنوعة من الرمل الناعم
وكانت أجمل امرأة في العالم بالنسبة لنا هي العروس وهي ترتدي فستانها الأبيض
..... إمكانيات بسيطة وأمنيات خرافية وزمن ربما تلون بالأبيض والاسود
ولكنّه لن يتكرر ...
تعاقِبُ الأُمّ صغيرها لتناوله الكثير من الحلوى
لَيس أنانيةً منها أو كُرهاً له ولكن خوفاً عليه
.... أحياناً نضطرّ لإظهار الجآنب السيّء من شخصيتنا
فقط من أجل مصلحتِهم
نلجأ لحديثٍ مع النّفس علّه يخفّف عنّا هذا التعب
فيغوصُ بنا إلى عالمٍ أكثر إرهاقاً
تماماً كمرساةِ سفينةٍ تتشبثُ بها لتنقذ نفسك من الغرق فتسحبك لأعماقِ المحِيط ...
وكَم يروقنِي عآلمُ المدوّنات ,،
فيه ذكريآت .. فيه آهات .. فيه ضحكات .. فيه صرخات
فيه عآلم قد حُبس دآخل الوَرق
وكأنّ الورق ينطقُ ويرسل حروفاً عذبة تروي مايختلج القلوب من روايات
وكأن للروح أنامل لتطبع حروفاً ترتشفها ارواحٌ أخرى بشغف
كل مدونة تحدّثك عن قلب صاحبها .. عن حياته .. عن ذكرياته
كأنها تقول تفضّل ادخل فهذا باب قلبي قد فُتح
وعنوآن مدونتي مفتاحه ...ولكن كُن هادئاً فهذا مكانٌ تلتقي فيه الأرواح ...