ونجلس على قارعة الطريق .. نحتضِنُ وحدتَنا .. ونربُت على كتفِ ذكرياتِنا
نتأملُ وجُوه المآرة ونتفرّسُ ملامحهُم .. نحلّلها .. ونُشرِّح تلك التجاعيد والهآلات
لعلّنا نعثر بين خباياها على أنفسنا القديمة التي توارَت بين تلك
الوُجوه .. العابسة والفرحة .. الغاضبة والمرحة .. الحزينة والمكتئبة
تلك النفس المتمردة التي ما عاد يرضيها المكوث في هذا الجسد ...
على ذلكَ المكتبِ المهجُور نجلسُ وعلى الوجهِ تضاريسُ مدينةٍ استعمرَها الاكتئاب
نجمعُ رمادَ ذكرياتِناَ المُحترقةِ بنآرِ الخُذلآن
ندردِشُ مع الوِحدةِ التي تلفُّ ذلك القلب المُهترىء
......
نعيدُ غمسَ تِلك الفُرشآةِ البَالية في قآرورةِ ألوانِ قوسِ قُزح
وعلى تِلكَ الورقةِ الشاحِبةِ التي تجعّد وجهها بتلك الخربشاتِ اليائسة
نسكُبُ ألواناً زآهِية
رُبّما تُزهرُ معها أحلامنا الربيعية بعدَ نومِها في سباتِ طويل ..
وأُمنيآتِي ،,
كتِلكَ الفرآشةِ الجمِيلة التي تقِفُ بهدُوءٍ على أصابعِي ..
أخآفُ أن أحبِسهَا فتموتَ
وإن أرسلتُها بعيداً رحلت وهجَرتنِي
فيكفيني أن تبقَى بقُربِي أتأمّلُ جمالها حتَّى وإن لَم تتحقَّق
فِي تِلكَ الشّرفةِ،,
وبعد أن تضُمّ أشعّة الشمس زوايا الشّوآرع بهدوء ..
على ذلك الكرسيّ المزخرفِ أجلسُ
أعتنِي بزهورِي الأنيقة .. أرشّ الماء العذب على بتلاتِها الملوّنةِ فترتوي ويزدآدُ بريقها
فيمتزجُ شهيقي وزفيري بعِطرها الفوّاح
.......
أتأمل الشّوارع وما ترويه من قصص على وجوه أولئك المآرة
فذاكَ طفلٌ يبكِي رافضاً الذهاب للمدرسة
وذاكَ شابٌّ يركضُ مسرعاً وهو يراقب ساعته باستمرار بعد ان تأخر عن عمله
وهناك رجلٌ مسنُّ يحملُ جريدة الصّباح وقَد صارت بالنسبة له بّوابة تُطلعه بما يحدثُ في العالم بعد تقاعده
......
هذه هي شرفتِي التي أبدأ بها صباحي وأختم بها مسائي
وأقف عند حافتها حين يلعب الملل بعقلي إنها شرفةُ خيالي ^^
جمِيلةٌ هِي ضِحكتُكِ أيّتها الصغّيرة
ومُغريةٌ هِي تِلك السّعآدةُ التّي تجلّت حروفها على ملآمِحِ وجهِكِ
تفاؤُلٌ بذلك الغدِ الأبيض المشرِقِ كبياض تلك الزهور التي تحملينها
وأملٌّ ملوّنٌ ببراءةِ الطّفولةِ تلألأ فِي عينيكِ
امنحيني يا صغيرة جُرعةً من سعادتِكِ .. من تفاؤلِكِ .. ومن تِلكَ البرآءةِ التي تنامُ تحتَ رمُوشكِ فلَم يعُد في جعبتِي الكثِير ...
أتمنّى لَو أستعيرُ من {أَلِيس} الفتآة التّي ذهبت في رحلة إلى بلاد العجائب،,
ذلكَ الدّواء الذّي يجعل من جسدِي صغيراً بحجم الإصبع
فأتسلّلُ لهذه القآرورة حيثُ ترسُو تِلك السّفينة
وأبحِر عليها في رحلةِ إلى ما لا نهآية ...
في تِلك الحديقةِ حيثُ السُّكون والصّمتُ يخيّمُ على ربوعها لا تسمعُ سوى أنِين ذلك الكرسيّ المهترىء .. وهو يجلِسُ في كبِد هذه الحديقة منذُ سنوآتٍ عدّة تُعانق أقدامهُ أوراق الخريف المتناثرة .. وبتلات الأزهار التي أعدمتها الأشجار المثمرة في الربّيع وتحتضنُ وحدته ثلوجُ الشّتاء الناصعة ،, لو شاركتهُ الحدِيثَ لسمعتَ منه قِصصاً عجيبةً .. شيّقة .. لم تُروَى حتّى في قصص ألف ليلةٍ وليلة فكآنَ شاهِداً على دموعِ الرآحلين وعلى ضحكاتِ الأصدقاء وشغبِ الأطفالِ ومرحهم ... فكم من شيخٍ ربتَ على كتفِه بهدوء وهو يتحسّس فيه ذكرياتِ الماضي وكم من غائب جلسَ عليه صامتاً يستنشقُ هواء المدينة بعد غربةٍ وكم من طِفلٍ تسلّقهُ في مرحٍ ممثِّلاً دور متسلِّقِ الجبال المآهرِ هُو كرسيٌّ من خشب ولكن في جوفهِ قصص من عجب ...
أعلنَ إمامُ مسجدٍ أنّ إدارة المسجِد ستدفعُ تكاليفَ الزّواجِ الثّاني لأي رجلٍ لا تُوقظه
زوجتهُ الأولى لصلاةِ الفجر ...
ويُقسمُ أهل الحيّ أن صلاة الفجر صارت أكثر ازدحاماً من الجمعة ^^