الحَمْدُ لله ...
ومنْ فرائدِ الفَوائِدِ والدررِ ...
منها ...
قال الإمام القرطبيّ الخزرجيّ الأنصاريّ عليه رَحَمَات الله /
قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ) ..
قال / هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سَقْيَ الْمَاءِ : مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ ..
وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ / أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ ؟؟؟
فَقَالَ : الْمَاءُ ..
أَلَمْ تَرَوْا إِلَى أَهْلِ النَّارِ حِينَ اسْتَغَاثُوا بِأَهْلِ الْجَنَّةِ : ( أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ) .. .
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ / أَنَّ سَعْدًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْجَبُ إِلَيْكَ ؟؟؟
قَالَ : الْمَاءُ . ..
وَفِي رِوَايَةٍ / فَحَفَرَ بِئْرًا فَقَالَ : هَذِهِ لِأُمِّ سَعْدٍ .. .
( قلت / الحديث ضعفه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح برقم / 1854 ) ..
أنظره / الجامع لأحكام القرآن ج 07 وَرَقَة / 215 ...
ومنها ...
وقال شيخ الإسلام الصغير ابن قيّم الجَوْزِيّة عليه رَحَمَات الله /
مِنَ الْأَدْوِيَةِ الَّتِي تَشْفِي مِنَ الْأَمْرَاضِ مَا لَمْ يَهْتَدِ إِلَيْهَا عُقُولُ أَكَابِرِ الْأَطِبَّاءِ ؛ وَلَمْ تَصِلْ إِلَيْهَا عُلُومُهُمْ وَتَجَارِبُهُمْ وَأَقْيِسَتُهُمْ : مِنَ الْأَدْوِيَةِ الْقَلْبِيَّةِ وَالرُّوحَانِيَّةِ ..
وَقُوَّةِ الْقَلْبِ وَاعْتِمَادِهِ عَلَى اللَّهِ ..
وَالتَّوَكُّلِ : عَلَيْهِ ..
وَالِالْتِجَاءِ : إلَيْهِ ..
وَالِانْطِرَاحِ وَالِإنْكِسَارِ : بَيْنَ يَدْيِهِ ..
وَالتَّذَلُّل : له ..
وَالصَّدَقَةِ ..
وَالدُّعَاءِ ..
وَالتَّوْبَةِ ..
وَالإسْتِغْفَارِ ..
وَالْإِحْسَان : إِلَى الْخَلْقِ ..
وَإِغَاثَةِ : الْمَلْهُوفِ ..
وَالتَّفْرِيجِ : عَنِ الْمَكْرُوبِ ..
فَإِنَّ هَذِهِ الْأَدْوِيَةَ : قَدْ جَرَّبَتْهَا الْأُمَمُ عَلَى اخْتِلَافِ أَدْيَانِهَا وَمِلَلِهَا ..
فَوَجَدُوا لَهَا مِنَ التَّأْثِيرِ فِي الشِّفَاءِ : مَا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ عِلْمُ أَعْلَمِ الْأَطِبَّاءِ ؛ وَلَا تَجْرِبَتُهُ ؛ وَلَا قِيَاسُهُ . ..
أنظرهُ / زاد المعاد ج 04 وَرَقَة / 10 - 11 ...
ومنها ...
وقال أيضاً بعدها /
فَإِنَّ الْقَلْبَ مَتَى اتَّصَلَ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ؛ وَخَالِقِ الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ ؛ وَمُدَبِّرِ الطَّبِيعَةِ وَمُصَرِّفِهَا عَلَى مَا يَشَاءُ : كَانَتْ لَهُ أَدْوِيَةٌ أُخْرَى غَيْرُ الْأَدْوِيَةِ الَّتِي يُعَانِيهَا الْقَلْبُ الْبَعِيدُ مِنْهُ الْمُعْرِضُ عَنْهُ ..
وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْأَرْوَاحَ مَتَى قَوِيَتْ وَقَوِيَتِ النَّفْسُ وَالطَّبِيعَةُ : تَعَاوَنَا عَلَى دَفْعِ الدَّاءِ وَقَهْرِهِ ..
فَكَيْفَ يُنْكَرُ لِمَنْ قَوِيَتْ طَبِيعَتُهُ وَنَفْسُهُ ؛ وَفَرِحَتْ بِقُرْبِهَا مِنْ بَارِئِهَا وَأُنْسِهَا بِهِ ؛ وَحُبِّهَا لَهُ ؛ وَتَنَعُّمِهَا بِذِكْرِهِ ؛ وَانْصِرَافِ قُوَاهَا كُلِّهَا إلَيْهِ ؛ وَجَمْعِهَا عَلَيْهِ ؛ وَاسْتِعَانَتِهَا بِهِ ؛ وَتَوَكُّلِهَا عَلَيْهِ : أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهَا مِنْ أَكْبَرِ الْأَدْوِيَةِ . ..
أنظرهُ / زاد المعاد ج 04 وَرَقَة / 11 ...
ومنها ...
وقال أيضاً في معرضٍ جميلٍ /
رَوَى مسلم فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أبي الزبير عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ / عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ /
لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ ؛ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ : بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .. .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عطاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ / قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ /
مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ دَاءٍ : إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً .. .
قال /
فَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ : إثْبَاتَ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ ..
وَإِبْطَالَ قَوْلِ : مَنْ أَنْكَرَهَا ..
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : ( لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ ) عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى يَتَنَاوَلَ الْأَدْوَاءَ الْقَاتِلَةَ ؛ وَالْأَدْوَاءَ الَّتِي لَا يُمْكِنُ لِطَبِيبٍ أَنْ يُبْرِئَهَا ؛ وَيَكُونُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ لَهَا أَدْوِيَةً تُبْرِئُهَا ..
وَلَكِنْ : طَوَى عِلْمَهَا عَنِ الْبَشَرِ ..
وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ إِلَيْهِ : سَبِيلًا ..
لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ لِلْخَلْقِ : إِلَّا مَا عَلَّمَهُمُ اللَّهُ ..
وَلِهَذَا عَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّفَاءَ : عَلَى مُصَادَفَةِ الدَّوَاءِ لِلدَّاءِ ..
فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ : إِلَّا لَهُ ضِدٌّ ..
وَكُلُّ دَاءٍ لَهُ ضِدٌّ مِنَ الدَّوَاءِ : يُعَالَجُ بِضِدِّهِ ..
فَعَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبُرْءَ : بِمُوَافَقَةِ الدَّاءِ لِلدَّوَاءِ ..
وَهَذَا قَدْرٌ زَائِدٌ : عَلَى مُجَرَّدِ وَجُودِهِ ..
فَإِنَّ الدَّوَاءَ مَتَى جَاوَزَ دَرَجَةَ الدَّاءِ فِي الْكَيْفِيَّةِ أَوْ زَادَ فِي الْكَمِّيَّةِ عَلَى مَا يَنْبَغِي نَقَلَهُ إِلَى دَاءٍ آخَرَ ؛ وَمَتَى قَصَرَ عَنْهَا : لَمْ يَفِ بِمُقَاوَمَتِهِ ؛ وَكَانَ الْعِلَاجُ قَاصِرًا ..
وَمَتَى لَمْ يَقَعِ الْمُدَاوِي عَلَى الدَّوَاءِ ؛ أَوْ لَمْ يَقَعِ الدَّوَاءُ عَلَى الدَّاءِ : لَمْ يَحْصُلِ الشِّفَاءُ ..
وَمَتَى لَمْ يَكُنِ الزَّمَانُ صَالِحًا لِذَلِكَ الدَّوَاءِ : لَمْ يَنْفَعْ ..
وَمَتَى كَانَ الْبَدَنُ غَيْرَ قَابِلٍ لَهُ أَوِ الْقُوَّةُ عَاجِزَةً عَنْ حَمْلِهِ أَوْ ثَمَّ مَانِعٌ يَمْنَعُ مِنْ تَأْثِيرِهِ : لَمْ يَحْصُلِ الْبُرْءُ لِعَدَمِ الْمُصَادَفَةِ ..
وَمَتَى تَمَّتِ الْمُصَادَفَةُ : حَصَلَ الْبُرْءُ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَا بُدَّ ..
وَهَذَا أَحْسَنُ الْمَحْمِلَيْنِ فِي الْحَدِيثِ . ..
أنظرهُ / زاد المعاد ج 04 وَرَقَة / 13...