الحَمْدُ لله ...
دقائق من الدرر الثمينة ...
منها ...
وقال الإمام القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي عليه رَحَمَات الله تعالى في قوله سبحانه /
﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ * وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ ..
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ /
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى /
اللَّغْوُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : مَخْصُوصٌ بِكُلِّ كَلَامٍ لَا يُفِيدُ ..
وَقَدْ يَنْطَلِقُ : عَلَى مَا لَا يَضُرُّ ..
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ /
فِي الْمُرَادِ بِذَلِكَ وَفِيهِ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ :
الْأَوَّلُ / مَا يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ كَقَوْلِهِ : لَا وَاَللَّهِ ؛ وَبَلَى وَاَللَّهِ ..
قَالَتْهُ : عَائِشَةُ وَالشَّافِعِيُّ ..
الثَّانِي / مَا يَحْلِفُ فِيهِ عَلَى الظَّنِّ ؛ فَيَكُونُ بِخِلَافِهِ قَالَهُ : مَالِكٌ ..
الثَّالِثُ / يَمِينُ الْغَضَبِ ..
الرَّابِعُ / يَمِينُ الْمَعْصِيَةِ ..
الْخَامِسُ / دُعَاءُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ : إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا : فَيَلْحَقُ بِي كَذَا وَنَحْوُهُ ..
وَالسَّادِسُ / الْيَمِينُ الْمُكَفِّرُ ..
السَّابِعُ / يَمِينُ النَّاسِي ..
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ / فِي تَنْقِيحِ هَذِهِ الْأَقْوَال ..
إعْلَمُوا أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ السَّبْعَةِ الْأَقْوَالِ لَا تَخْلُو : مِنْ قِسْمَيْ اللَّغْوِ اللَّذَيْنِ بَيَّنَّاهُمَا ..
وَحَمْلُ الْآيَةِ عَلَى جَمِيعِهَا : مُمْتَنِعٌ ..
لِأَنَّ الدَّلِيلَ قَدْ قَامَ عَلَى الْمُؤَاخَذَةِ بِبَعْضِهَا ..
وَفِي ذَلِكَ آيَاتٌ وَأَخْبَارٌ وَآثَارٌ لَوْ تَتَبَّعْنَاهَا لَخَرَجْنَا عَنْ مَقْصُودِ الِإخْتِصَارِ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنْ الْإِكْثَارِ ..
وَاَلَّذِي يَقْطَعُ بِهِ اللَّبِيبُ : أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرِ الْآيَةِ : لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِمَا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ عَلَيْكُمْ ؛ إذْ قَدْ قَصَدَ هُوَ الْإِضْرَارَ بِنَفْسِهِ ..
وَقَدْ بَيَّنَ الْمُؤَاخَذَةَ بِالْقَصْدِ ؛ وَهُوَ كَسْبُ الْقَلْبِ ..
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّغْوَ : مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ ..
وَخَرَجَ مِنْ اللَّفْظِ : يَمِينُ الْغَضَبِ وَيَمِينُ الْمَعْصِيَةِ ؛ وَانْتَظَمَتْ الْآيَةُ قِسْمَيْن /
قِسْمٌ : كَسَبَهُ الْقَلْبُ ؛ فَهُوَ الْمُؤَاخَذُ بِهِ ..
وَقِسْمٌ : لَا يَكْسِبُهُ الْقَلْبُ ؛ فَهُوَ الَّذِي لَا يُؤَاخَذُ بِهِ ..
وَخَرَجَ مِنْ قِسْمِ الْكَسْبِ : يَمِينُ الْحَالِفِ نَاسِيًا ..
فَأَمَّا الْحَانِثُ نَاسِيًا : فَهُوَ بَابٌ آخَرَ يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ ..
كَمَا خَرَجَ مِنْ قِسْمِ الْكَسْبِ أَيْضًا : الْيَمِينُ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ ؛ فَخَرَجَ بِخِلَافِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَمْ يَقْصِدْهُ ..
وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ طَوِيلٌ بَيَانُهُ فِي الْمَسَائِلِ. ..
أنظره / أحْكَام القرآن ج 01 ورقة / 241 - 242 ...
ومنها ...
وقال الحافظ الواعظ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزيّ عليه رَحَمَات الله تعالى عليه /
قال سفيان الثوري / من بلغ سن رسول الله صلى الله عليه وسلم : فليتخذ لنفسه كَفَنًا ..
وقد بلغ جماعة من العلماء سبعًا وسبعين سنةً منهم : أحمد بن حنبل ..
فإن بلغها فيلعلم : أنه على شفير القبر ..
وأن كل يوم يأتي بعدها : مستطرف ..
فإن تمت له الثمانون : فيلجعل همته كلها مصروفة إلى تنظيف خلاله ..
وتهيئة : زاده ..
وليجعل الإستغفار : حليفه ..
والذكر : أليفه ..
وليدقق : في محاسبة النفس ..
وفي بذل : العلم ..
أو مخالطة : الخلق ..
فإن قرب الإستعراض للجيش : يوجب عليه الحذر من العارض ..
وليبالغ : في إبقاء أثره قبل رحيله مثل بث علمه ..
وإنفاق كتبه وشيء من ماله . ..
أنظره / صيد الخاطر ورقة / 242 - 243 ...
ومنها ...
وقال إبن الجوزي عليه رَحَمَات الله عليه أيضاً /
ومن العجز : إفشاء السر إلى الولد والزوجة ..
والمال : من جملة السر ..
فاطلاعهم عليه إن كان كثيرًا : فربما تمنوا هلاك المورث ..
وإن كان قليلًا : تبرموا بوجوده ..
وربما طلبوا من الكثير : على مقدار كثرته فأتلفته النفقات . ..
أنظره / صيد الخاطر أيضاً ورقة / 274 ...