الحمد لله …
ومنَ الدّررِ والقلائدِ والفَوائِدِ …
منها …
قال الإمام محمد ابن عبد الله أبو بكر ابن العربيّ المعافريّ الاشبيليّ المالكيّ عليه رَحَمَات الله /
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ :
سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ : ﴿ بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾ ..
هِيَ : قُصُورُ السَّمَاءِ ؛ أَلَّا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ : ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾ . ..
قَالَ عُلَمَاؤُنَا :
وَالْبُرُوجُ الَّتِي فِي السَّمَاءِ : اثْنَا عَشَرَ بُرْجًا عِنْدَ الْعَرَبِ وَعِنْدَ جَمِيعِ الْأُمَمِ ..
الْحَمَلُ ؛ الثَّوْرُ ؛ الْجَوْزَاءُ ؛ السَّرَطَانُ ؛ الْأَسَدُ ؛ السُّنْبُلَةُ ؛ الْمِيزَانُ ؛ الْعَقْرَبُ ؛ الْقَوْسُ ؛ الْجَدْيُ ؛ الدَّلْوُ ؛ الْحُوتُ ..
وَقَدْ يُسَمُّونَ الْحَمَلَ : الْكَبْشَ ..
وَالْجَوْزَاءَ : التَّوْأَمَيْنِ ..
وَالسُّنْبُلَةَ : الْعَذْرَاءَ ..
وَالْعَقْرَبَ : الصُّورَةَ ..
وَالْقَوْسَ : الرَّامِيَ ..
وَالْحُوتَ : السَّمَكَةَ ..
وَتُسَمَّى أَيْضًا الدَّلْوَ : الرَّشَا ..
ثم قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ /
خَلَقَ اللَّهُ هَذِهِ الْبُرُوجَ : مَنَازِلَ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَقَدَّرَ فِيهَا ..
وَرَتَّبَ الْأَزْمِنَةَ : عَلَيْهَا ..
وَجَعَلَهَا : جَنُوبِيَّةً وَشَمَالِيَّةً دَلِيلًا عَلَى الْمَصَالِحِ ؛ وَعَلَمًا عَلَى الْقِبْلَةِ ؛ وَطَرِيقًا إلَى تَحْصِيلِ آنَاءِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِمَعْرِفَةِ أَوْقَاتِ التَّهَجُّدِ ؛ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِ الْمَعَاشِ وَالتَّعَبُّدِ ..
.. .. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانٍ ذَاهِبٌ كُلُّهُ ..
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ..
أنظره / أحْكَام القُرآن ج 01 وَرَقَة / 585 …
ومنها …
وقال أيضًا عليهِ رَحَمَات الله في قولهِ سبحانه /
: ﴿ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ﴾ /
اُخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ : ﴿ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً ﴾ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ..
الْأَوَّلُ / مَنْ يَزِيدُ عَمَلًا إلَى عَمَلٍ ..
الثَّانِي / مَنْ يُعِينُ أَخَاهُ بِكَلِمَةٍ عِنْدَ غَيْرِهِ فِي قَضَاءِ حَاجَةٍ ..
الثَّالِثُ / قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي مَعْنَاهُ :
مَنْ يَكُنْ يَا مُحَمَّدُ شَفِيعًا لِوِتْرِ أَصْحَابِكَ فِي الْجِهَادِ لِلْعَدُوِّ : يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْأَجْرِ ..
وَمَنْ يَشْفَعْ وِتْرًا مِنْ الْكُفَّارِ فِي جِهَادِكَ : يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْإِثْمِ .. .
وَالصَّحِيحُ عِنْدِي : أَنَّهَا عَامَّةٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ ..
وَقَدْ تَكُونُ الشَّفَاعَةُ : غَيْرَ جَائِزَةٍ ؛ وَذَلِكَ فِيمَا كَانَ سَعْيًا فِي إثْمٍ أَوْ فِي إسْقَاطِ حَدٍّ بَعْدَ وُجُوبِهِ ؛ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ شَفَاعَةً سَيِّئَةً . ..
أنظره / أحْكَام القُرآن ج 01 وَرَقَة / 587 …
ومنها …
وقال أيضًا في كلام خطيرٍ ويجب التنبه له /
مَقَامَاتُ الْغَيْبِ الْخَمْسَةُ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ : لَا أَمَارَةَ عَلَيْهَا ؛ وَلَا عَلَامَةَ عَلَيْهَا إلَّا مَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ الْمُجْتَبَى ..
لِاطِّلَاعِ الْغَيْبِ مِنْ أَمَارَاتِ السَّاعَةِ ؛ وَالْأَرْبَعَةُ سِوَاهَا لَا أَمَارَةَ عَلَيْهَا ..
فَكُلُّ مَنْ قَالَ / إنَّهُ يَنْزِلُ الْغَيْثُ غَدًا : فَهُوَ كَافِرٌ ؛ أَخْبَرَ عَنْهُ بِأَمَارَاتٍ ادَّعَاهَا ؛ أَوْ بِقَوْلٍ مُطْلَقٍ ..
وَمَنْ قَالَ / إنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي الرَّحِمِ : فَهُوَ كَافِرٌ ..
فَأَمَّا الْأَمَارَةُ عَلَى هَذَا : فَتَخْتَلِفُ ..
فَمِنْهَا : كُفْرٌ ..
وَمِنْهَا : تَجْرِبَةٌ ..
وَالتَّجْرِبَةُ مِنْهَا أَنْ يَقُولَ الطَّبِيبُ / إذَا كَانَ الثَّدْيُ الْأَيْمَنُ مُسْوَدَّ الْحَلَمَةِ : فَهُوَ ذَكَرٌ ..
وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الثَّدْيِ الْأَيْسَرِ : فَهُوَ أُنْثَى ..
وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَجِدُ الْجَنْبَ الْأَيْمَنَ أَثْقَلَ : فَهُوَ ذَكَرٌ ..
وَإِنْ وَجَدَتْ الْجَنْبَ الْأَشْأَمَ أَثْقَلَ : فَالْوَلَدُ أُنْثَى ؛ وَادَّعَى ذَلِكَ عَادَةً لَا وَاجِبًا فِي الْخِلْقَةِ : لَمْ نُكَفِّرْهُ ؛ وَلَمْ نُفَسِّقْهُ ..
فَأَمَّا مَنْ ادَّعَى عِلْمَ الْكَسْبِ فِي مُسْتَقْبَلِ الْعُمْرِ : فَهُوَ كَافِرٌ ..
أَوْ أَخْبَرَ عَنْ الْكَوَائِنِ الْجُمَلِيَّةِ ؛ أَوْ الْمُفَصَّلَةِ فِيمَا يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ ؛ فَلَا رِيبَةَ فِي كُفْرِهِ أَيْضًا ..
فَأَمَّا مَنْ أَخْبَرَ عَنْ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا : يُؤَدَّبُ وَيُسْجَنُ وَلَا يُكَفَّرُ ..
أَمَّا عَدَمُ تَكْفِيرِهِ : فَلِأَنَّ جَمَاعَةً قَالُوا إنَّهُ أَمْرٌ يُدْرَكُ بِالْحِسَابِ ؛ وَتَقْدِيرِ الْمَنَازِلِ حَسْبَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا / ﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ ﴾ ..
فَلِحِسَابِهِمْ لَهُ ؛ وَإِخْبَارِهِمْ عَنْهُ ؛ وَصِدْقِهِمْ فِيهِ ..
تَوَقَّفَتْ عُلَمَاؤُنَا عَنْ الْحُكْمِ بِتَكْفِيرِهِمْ ..
وَأَمَّا أَدَبُهُمْ : فَلِأَنَّهُمْ يُدْخِلُونَ الشَّكَّ عَلَى الْعَامَّةِ فِي تَعْلِيقِ الْعِلْمِ بِالْغَيْبِ الْمُسْتَأْنَفِ ؛ وَلَا يَدْرُونَ قَدْرَ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَغَيْرِهِ ..
فَتُشَوَّشُ عَقَائِدُهُمْ : فِي الدِّينِ ..
وَتَتَزَلْزَلُ قَوَاعِدُهُمْ : فِي الْيَقِينِ، ؛ فَأُدِّبُوا حَتَّى يُسِرُّوا ذَلِكَ إذَا عَرَفُوهُ ؛ وَلَا يُعْلِنُوا بِهِ . ..
أنظره / أحْكَام القُرآن ج 02 وَرَقَة / 259 - 260 …